لدى منافسات كأس العالم القدرة الخارقة على إثارة أفضل الفرق مع حزم كبيرة من المواهب والكفاءات، ولكن غالباً ما تفتقر إلى الإلهام، باستثناء ما يتعلق بالمراحل الأخيرة من البطولة.

وعند مراقبة المنتخب البرتغالي الحافل بكل هذه الصفات اللازمة للنجاح في نهائيات كأس العالم، الذي وصل إلى جنوب افريقيا قبل أيام عدة، فإن المرء سيدرك أنه وجد quot;الحصان الأسودquot; لهذه البطولة.

وعلى رغم أن البرتغال، التي سبق لها أن تأهلت لنهائيات كأس العالم لفترات طويلة وكانت من بين الدول المرشحة، إلا أن هذا يتعارض مع التشكيلة الحالية التي هي تحت إدارة المدرب كارلوس كيروش، لأن العديد من المشجعين، وليس أقلها عدد لا بأس به من أنصاره، يتوقع أن تخرج البرتغال من جنوب افريقيا بهدوء. وهذا التصور هو بالضبط ما ينتظره كيروش الذي سيواجه فريقه ما يمكن أن يقال أصعب مجموعة مع البرازيل وساحل العاج ومنتخب كوريا الشمالية غير المعروفة إمكانياته.

وظهرت التشكيلة الأساسية للبرتغال في الفوز 3-1 على الكاميرون في المباراة الودية التي اقيمت مؤخراً، مع مزيج متوازن جداً من أسماء نجوم دوري أبطال أوروبا ndash; وليس أقلها الكابتن كريستيانو رونالدو ndash; جنباً إلى جنب العمود الفقري الصلب مثل دودا وبيدو منديس.

وليس هناك أدنى شك من أن الفريق سيعتمد بشك أساسي على مهارات رونالدو وابدعاته المميزة. ولكن هناك ميزات أخرى كثيرة في صفوف اللاعبين الذين يمكن أن يفتحوا الثغرات في خط الدفاع بكل سهولة، خلافاً لمضيفهم الافريقي الذي بدا تائهاً عندما تم طرد طلسمهم نجم انتر ميلان صاموئيل إيتو.

والأسلوب الرائع لراؤول ميريليس في خط الوسط سيشتيهه كل فريق دولي، حيث بدا كأنه موجود في كل مكان على أرض الملعب ضد الكاميرون ليضيف السعادة على وجوه المشجعين الذين كانوا تواقين لأداء الفريق الايجابي، وشهدوا محور الابداع في توزيع الكرات من لاعب بورتو. واستطاع ميريليس أن يسجل بكل استحقاق هدفين وكان مدعوماً بفريق من اللاعبين الذين كان أداؤهم مثيراً للإعجاب، بما في ذلك سيماو والجناح داني، إضافة إلى ريو وناني الذي دخل بديلاً ليسجل الهدف الثالث.

وعلى رغم كل ذلك، إلا أن رونالدو هو اسم واحد على شفاه كل مشجع، فضلاً عن القمصان والشعارات، التي تليق بالمركز الذي كان يحتله اللاعب الأغلى في العالم. والبرتغاليون فخورون، وبشكل كبير، بابنهم من جزيرة ماديرا. ومشتاقين لرؤيته مسيطراً على المباريات بالطريقة التي أكسبته سعراً ضخماً في نوادي كرة القدم.

وقد لا يصدق المرء أن نجم ريال مدريد لم يسجل أي هدف لمنتخب بلاده منذ نحو عامين. وعلى رغم أنه كان يدعي أنه يدخر أهدافه لنهائيات كأس العالم، إلا أنه بذل قصارى جهده لدفع هذا الحمل الثقيل من على ظهره قبل مغادرة البرتغال إلى جنوب افريقيا.

وعرض رونالدو (25 عاماً) العديد من العلامات التجارية لتحركاته في المباراة ضد الكاميرون، إذ لعب في كل مكان، ولكن بشكل متزايد على الجناح، وأرسل كرات مفاجئة من على حافة منطقة الجزاء. وبالطبع استمتع الحشود بحركاته السريعة وحيله، بما في ذلك التمريرات القصيرة بينه وبين داني. وبدا أيضاً أنه أكثر قدرة على قيادة الفريق، حيث وضع نفسه أكثر في قلب تحركات الهجوم المضاد وخلق العديد من الفرص لسيماو وليدرسون في خط الهجوم.

ولكن رونالدو يظهر ممزقاً في بعض الأحيان لأن يلعب بحرية، خصوصاً عندما ينطلق بسرعة نحو الهدف أو يحاول تقديم مساعدة لزملائه المهاجمين، وهو ما يفسر جفاف أهدافه الدولية في الآونة الأخيرة. وفيما يتهموه آخرون على عدم بذل جهده بكثافة عندما يرتدي قميص منتخب بلاده، إلا أنه من الصعب أن نرى أن هذه الحجة ستصمد إذا استطاع، وزملاءه في الفريق، من تقديم أداء مميزاً في جنوب افريقيا. ومن بين هؤلاء ديكو، لاعب خط وسط تشلسي ndash; اللاعب الآخر الذي تلقى في بعض الأحيان نصيبه العادل من الانتقادات لعدم الاستفادة القصوى من مواهبه العليا.

فصانع الألعاب البرازيلي المولد الذي يتجه لآخر بطولة كبرى بالنسبة إليه، بدا مسترخياً أكثر من أي وقت مضى، وهو يلمح أنه على مرأى من خط النهاية التي قدمت له ما يكفي من الدوافع للقيام بمحاولة تقديم أفضل أداء للمرة الأخيرة.

ديكو، جنباً إلى جنب مع زميليه في تشلسي باولو فيريرا وريكاردو كارفيلو، هو واحد من آخر ما تبقى من أعضاء ما يسمى بالجيل الذهبي للاعبين الذين لم يتمكنوا من تجاوز عقبة الدور قبل النهائي في نهائيات كأس العالم، وعانوا من خيبة أمل كبيرة من خسارة المباراة النهائية لبطولة كأس الأمم الأوروبية على أرضهم أمام اليونان.

وقد يمكنهم في هذه المناسبة فقط محاولة التركيز على مواهبهم ليخطو خطوة واحدة أفضل. والحقيقة التي لم يلاحظها أحد لحد الآن، هي أن هذه البطولة قد تناسبهم على ما يرام