أي مراقب يبحث عن مثال واضح على مدى عمق المشاكل في كرة القدم الانكليزية ndash; التي ظهرت بشكل واضح جداً مرة أخرى في نهائيات كأس العالم 2010 ndash; ينبغي عليه أن ينظر إلى أبعد من استجابة اللعبة لتقرير ريتشارد لويس، رئيس الرياضة في انكلترا، الذي نشر قبل ثلاث سنوات.

ونشر التقرير quot;استعراض تنمية اللاعبين الشباب في كرة القدم المحترفينquot; عندما كان لويس مازال يدير دوري الرغبي وكان من المفترض أن يوفر هيكلاً جديداً لتنمية الشباب في كرة القدم الانكليزية.

وموجز لتاريخ ما حدث لـ64 صفحة من توصياته المفيدة في سياق مناقشة اللعبة قد تنورت عندما تحطم فريق المدرب فابيو كابيلو الهرم أمام فريق الألماني الشاب قبل حوالي ثلاثة أسابيع. وكان اقتراح لويس الرئيسي هو أن مجموعة تنمية الشباب التي سيتم انشاؤها ينبغي أن يديرها رئيساً مستقلاً بعيداً عن تأثير الهيئات التي تشرف على كرة القدم.

في نيسان 2008، وبعد ثمانية أشهر من الجدال والصراع على السلطة، فإن الهيئات الثلاث التي تدير كرة القدم في انكلترا: اتحاد كرة القدم والدوري الممتاز واتحاد الدوري للكرة، اتفقوا على حل وسط بتعيين هوارد ويلكنسون، مدير التقنية السابق في اتحاد الكرة ومدرب ليدز، مديراً جديداً لمجلس إدارة الشباب.

وبعد اجتماعات واعدة قليلة، التي حضر بعضها مدرب المنتخب فابيو كابيلو، بدأ روح التعاون يتضاءل باستمرار. وبحلول كانون الثاني 2009 تم حل مجلس إدارة الشاب مع عدم وصول ويلكنسون حتى إلى الاختصاصات الواردة في التقرير.

ومن ضمن اقتراحات لويس بشأن الموضوع الساخن: الولاء للنادي ضد الولاء لمنتخب البلاد، كانت هذه النقاط: 1ـ لأجل مصلحة أفضل للاعبين الانكليز الموهوبين فإن على اتحاد كرة القدم والأندية مواصلة العمل معاً لدعم الانتاج من اللاعبين الموهوبين للمنتخبات الانكليزية. 2ـ اعطاء فرصة بقدر أكبر للاعبين الانكليز الموهوبين للحصول على الخبرة الدولية بمشاركتهم معاً في المباريات الدولية. 3ـ أعطاء الدعم الكامل والاستثمار في مسعى لتحسين نوعية التدريب المتاحة للمجموعات الأصغر سناً. 4ـ على اتحاد الكرة دعم تطوير استراتيجية طويلة الأمد واتاحة مجموعة منهجية وطنية أساسية لمساعدة الأندية. 5ـ أي تغيير في روحية الفئات العمرية بين 5 و11 عاماً يجب أن يتم التركيز على تنمية المهارات واكتساب الخبرة بدلاً من التركيز على نتائج المباريات. ينبغي أن يشمل ذلك النظر من أجل تعزيز مراكز التنمية والترخيص الممكن في المستقبل.

وواحدة من أكبر الشكاوى التي قدمت إلى اتحاد الكرة هي أنه في حين أن الدوري الممتاز ودوري أندية الكرة يستثمران مبالغ ضخمة في أكاديميات ومراكز الامتياز، إلا أنه لم تكن هناك استراتيجية أساسية للتدريب الرامية إلى تقديم اللاعبين الانكليز الصغار الموهوبين إلى الفرق الوطنية.

ومن المثير للاهتمام، وقبيل انطلاق نهائيات كأس العالم في جنوب افريقيا، أصدر الاتحاد الكرة الانكليزي استراتيجية تحت عنوان quot;لعبة المستقبلquot;. وعلى رغم عدم وجود للاتحاد أي سلطة لفرض الأفكار الواردة في الوثيقة، إلا أنه كان يأمل أن تكون الأندية على الاستعداد لتطبيق بعض ما ورد من الاقتراحات فيها.

وهناك قلق أكبر بكثير بسبب قضية المدربين المتخصصين للفئات العمرية الصغيرة. فعلى سبيل المثال لدى الاتحاد الألماني أكثر من 150 مدرباً بدوام كامل ومكرس للعمل مع هؤلاء الأطفال، في حين أن لدى الاتحاد الانكليزي 20 مدرباً فقط. ويبرر الأخير ذلك بكل بساطة أنه لا يملك المبالغ لزيادة الأعداد.

ونتيجة لذلك، فإن عدد ساعات التدريب الذي يتلقاها اللاعبون الشباب الانكليز في أنظمة الأكاديميات هي قليلة جداً بالمقارنة مع بلدان أخرى وغيرها من الألعاب الرياضية والتخصصات. فالتدابير القياسية لانتاج رياضي نخبة هي 10000 ساعة تدريب للذين تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً. أما لاعب كرة قدم الذي يتخرج من أكاديمية انكليزية فإنه يحصل على 2600 ساعة فقط من التدريب، فيما يحصل اللاعب الذي يتخرج من خلال نظام أكاديمية اياكس الهولندية على أكثر من ضعف هذا الوقت من التدريب.

وجادل السير تريفور بروكينغ، مدير تطوير كرة القدم في الاتحاد، لفترة طويلة جداً على أن المفتاح الرئيسي لتطوير اللاعبين الشباب هو بين الخامسة و11 عاماً. وهو ما أشار إليه لويس في تقريره من قبل. ولكن اتحاد الكرة يدعي أنه لا يملك الموارد اللازمة لمعالجة هذه المشكة. وهو يزعم أيضاً أنها مشكلة الحكومة والمدارس والأندية للتعامل معها.

وفي الانصاف للدوري الممتاز، الذي يفعل أكثر بكثير من أندية كرة القدم في هذا المجال، فإنه يقول إن لدى اتحاد الكرة 200 مليون جنيه استرليني مداورة سنوياً وينبغي عليه أن يكون قادراً على العثور على الاستثمار لتطوير برامج التدريب.

وينبغي أن يقال أيضاً إن الدوري الممتاز، في ظل مديره الجديد لتنمية الشباب جِد رودي، أصبح يستثمر أكثر مما كان عليه في الماضي. وكان رودي قد اقترح أربع اصلاحات رئيسية وهي: تطبيق نظام درجات الأكاديميات، وتشجيع أفضل اللاعبين للتدريب مع أفضل الأندية في مناطقهم، وزيادة ساعات التدريب إلى عشرة آلاف ساعة قياسية، وأخيراً أنه ينبغي على الأندية تطوير أعمق تجمع للمواهب.

كل هذا يبدو واعداً جداً، ولكن ماذا ينفع هذا إذا أراد اتحاد الكرة أن تكون لديه الكلمة الفصل حول كيفية تطوير اللاعبين الشباب، خصوصاً إذا كانت الأولوية هي للمنتخب الوطني والفوز بكأس العالم؟ فالهيئات الكروية والأندية التي تنفق الأموال تعتقد بأنه لا يمكن لأحد أن يملي عليها حول كيفية تطوير اللاعبين وما ينبغي أن تكون الأولويات.

وفي أقل من شهر ستنطلق شرارة عودة مباريات الدوري الممتاز إلى الحياة مرة أخرى. وسيكون صيف انكلترا البائس في طي النسيان. ولكن إذا أرادت انكلترا أن تتجنب إذلالاً آخراً في نهائيات كأس الأمم الأوروبية عام 2012 أو في مونديال البرازيل 2014، فإنه يجب الاستفادة من دروس الماضي. وإعادة قراءة تقرير لويس مرة ثانية، وتطبيقه، قد يكون مكاناً جيداً للانطلاق مرة أخرى.