بعد تعرضه لسلسلة من الانتكاسات في الأشهر التسعة التي سبقت نهائيات كأس العالم في جنوب افريقيا، يحاول قادة quot;عرض انكلترا 2018quot; استعادة نوعاً من الاستقرار لحملتهم بالفوز لإستضافة نهائيات كأس العالم 2018 في بلادهم.

فعلى رغم الهجوم الذي سبق أن قاده جاك وارنر، نائب رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم ضد مسؤولي اتحاد الكرة الانكليزي وفضيحة رشاوى هدايا حقائب اليد الباهظة الثمن التي قدمت لزوجات بعض المسؤولين في الفيفا ورؤساء اتحادات الكرة في بعض الدول لكسب أصواتهم والخلاف حول الاستقالة المحرجة للسير ديفيد ريتشاردز رئيس الدوري الممتاز واللورد تريسمان رئيس الاتحاد ولجنة تقديم عرض 2018 التي تركت عرض انكلترا يتراجع بعض الشيء، إلا أن كل هذه الأمور لا يبدو أنها ستسبب أي ضرر دائم.

وبما أن فريق المفتشين المتكون من ستة أعضاء في الفيفا قد وصل إلى لندن يوم الاثنين لبدء زيارة تستغرق أربعة أيام، فإن فريق عرض 2018 يستعد للضغط على أهم النقاط التي وردت في كتاب العرض: تقدم انكلترا تسهيلات أكثر أماناً وتكلفة منخفضة وإدارة مميزة لأموال كأس العالم.

ولكن ما هي أهمية مثل هذه الزيارات؟ بل، والأهم من ذلك، هل الجانب التقني من العطاء الانكليزي سيكون كافياً لإقامة نهائيات كأس العالم مرة أخرى في انكلترا وللمرة الأولى منذ عام 1966؟

يذكر أن وفد الفيفا التقى يوم الاثنين نائب رئيس الوزراء البريطاني نيك كليغ قبل توجهه إلى استاد ويمبلي لتفقد المرافق هناك ثم زيارة للمدير الفني للمنتخب فابيو كابيلو. أما في يوم الثلاثاء فستكون هناك مزيداً من الزيارات قبل أن يسافر الوفد إلى شمال شرقي البلاد حيث سيتوجه يوم الأربعاء إلى ملعبي سندرلاند (استوديوم أوف وايت) وquot;سانت جيمسز باركquot; التابع لنيوكاسل، وبعدها سيزور يوم الخميس مدينة مانشستر ليقوم بجولة ميدانية في quot;سيتي أوف مانشستر ستوديومquot; وquot;أولد ترافوردquot;.

ويضم وفد الفيفا، الذي يقوده هارولد ماين نيكولس رئيس اتحاد الكرة في تشيلي، داني جوردان الرئيس التنفيذي لجنوب افريقيا 2010. والوفد أنهى ثلثي طريقه من خلال جولة حول العالم لتقييم المرشحين التسعة لمحاولة إستضافة كأس العالم لعامي 2018 و2022.

وعلى رغم التأثر الايجابي الواضح للوفد بالالتزام الذي قدمه فلاديمير بوتين، رئيس الوزراء الروسي، أثناء زيارة الوفد لموسكو الأسبوع الماضي، خصوصاً أن معظم الخبراء يعتقدون بأن روسيا ستكون المنافس الحقيقي لانكلترا، إلا أنه كانت هناك تساؤلات حول كمية العمل التي من شأنها أن يقوم بها المسؤولون الروس إذا فازت بلادهم بإستضافة مونديال 2018.

وبعد انكلترا، فإن الوفد سيطير الأسبوع المقبل إلى اسبانيا والبرتغال، قبل أن ينهي أعماله بقضاء أسبوعاً في الولايات المتحدة ومثله في قطر. وبعده سيعد الوفد تقرير التقييم حول الدول المضيفة المحتملة ليقدمه إلى كل من الـ24 عضواً في اللجنة التنفيذية لفيفا الذي سيتخذ قراره النهائي بالتصويت في اجتماع يعقده يوم 2 كانون الأول المقبل في quot;فيفا هاوسquot; في زيوريخ، سويسرا.

وفي حين أنه ينبغي على روسيا أن تستثمر مبالغ ضخمة لإنشاء الملاعب اللازمة وتحسين البنية التحتية للبلاد، خصوصاً بعدما قدر المسؤولون عن العرض التكلفة بحوالي 115 مليار جنيه استرليني، فإن الفريق الانكليزي يعلم أنه لديه ميزة مع هذا العدد الكبير من الملاعب الحديثة التي تم تشييدها بالفعل. وهو يعرف أيضاً أنه بعد كأس العالم في جنوب افريقيا والبرازيل في عام 2014، فإن الاتحاد الدولي لكرة القدم سيسعى إلى بطولات قليلة الخطورة من ناحية المالية التي من شأنها ndash; وفقاً لكتاب عرض انكلترا ndash; توليد المزيد من الأموال أكثر من أي نسخة من البطولات السابقة التي من الممكن أن تكون جذابة.

ولهذا السبب لا تتحمل محاولة انكلترا أي اخفاقات هذا الأسبوع. فيجب تشغيل القطارات ووسائل المواصلات الأخرى في أوقاتها المحددة وأن تكون الملاعب التي سيقوم وفد الفيفا بجولات ميدانية فيها خالية من أي شوائب، بالإضافة إلى أن تكون عروض الإقامة والسكن والمدن المضيفة والأمن خالية من أي عيب.

ولكن حتى لو أظهر quot;عرض انكلترا 2018quot; كل شيء جيداً مئة في المئة، وكوفئ بتقييم تقني متوهج من قبل ماين نيكولس، إلا أنه لا توجد ضمانات للنجاح. لأن هذا السباق، كما هو الحال مع كل الأحداث الرياضية الكبرى، سيقرره مجمع عالم كرة القدم للجغرافيا السياسية. فكل المرشحين لإستضافة بطولة 2018 هم أوروبيون الآن، باستثناء الولايات المتحدة التي من المتوقع أن تنسحب من السباق وتركز فقط في وقت قريب على مونديال 2022.

وبذا أصبحت الأمور أكثر وضوحاً قليلاً، والكثير يتوقف الآن على الصفقات التي ستتم بين المرشحين لعام 2018 وبين تلك العطاءات لعام 2022. ولكن مع ما يزيد قليلاً عن ثلاثة أشهر لاتخاذ اللجنة التنفيذية في الفيفا قرارها، فإن الكثير من الخبراء يؤكدون أنه من المستحيل التنبؤ بنتائج السباق.

وتقول روسيا إنها هي المفضلة وتقاتل في حملة صعبة للغاية. ووفرت فرصة للاتحاد الدولي لكرة القدم لأخذ كأس العالم إلى أراضٍ جديد مرة أخرى وفتح أسواق جديد في أوروبا الشرقية.

وعرض الروس أيضاً على سيب بلاتر، رئيس الفيفا، الفرصة لاستخدام أكبر حدث لكرة القدم لشن حملة سياسية كبرى أخرى، وربما الأخيرة قبل أن يتنحى عن منصبه. ولكن اسبانيا والبرتغال (قدمتا عرضاً مشتركاً) برزتا في حالة جيدة أيضاً من بين هذه الضغوط، في أفخم الفنادق في منطقة سانتوس بجوهانسبرج خلال نهائيات كأس العالم

ولذلك من المرجح أن يتعلق التصويت ببعض صفقات سياسية التي يمكن القيام بها قبل أيام قليلة أو ساعات فقط قبل التصويت. فمع مواجهة بلاتر منافسة محتملة لرئاسة الفيفا في عام 2011، فهل سيكون لهذا تأثيراً على الطريقة التي ستجرى فيها الانتخابات، خصوصاً أنه يتطلع إلى تحسين موقفه؟

انتهى الأمر في السباق لإستضافة كأس العالم لعام 2006 بخسارة جنوب افريقيا بعدما أعطت كتلة آسيا أصواتها إلى المانيا بسبب الخلاف مع بلاتر حول عدد الأماكن التي اعطيت إلى القارة في نهائيات كأس العالم المقبلة.

وفي مثل هذه الأمور، فإن الأصوات تتغير لإستضافة كأس العالم. وبغض النظر عن مدى انجازات انكلترا هذا الأسبوع، فإن التحدي الأكبر هو كسب سياسات حقيقية على مدى الأشهر الثلاث المقبلة.