انضم سيرجيو باتيستا إلى قائمة المدربين الأرجنتينيين الفاشلين الذين أخفقوا في إعادة البريق والتوهج لمنتخب بلادهم ليرتفع عددهم إلى ستة تداولوا على تدريبه منذ العام 1990 تاريخ انسحاب كارلوس بيلاردو الذي قاد الأرجنتين لنيل كأس العالم في المكسيك 1986 ثم نهائي الدورة الموالية بإيطاليا .

القائمة تضم كل من ألفيو بازيلي الذي خلف بلاردو حتى العام 1994 واكتفى خلالها بالتتويج ببطولة كوبا أميركا مرتين متتاليتين في وقت لم تكن فيه منتخبات أمريكا الجنوبية تولي اهتماماً كبيراً بهذه البطولة مثلما هو حالها في الدورات الأخيرة ثم جاء بعده دانيال باساريلا حتى 1998 ليخلفه مارسيلو بيلسا الذي استمر حتى نهاية 2004 ليستقيل ويحل محله خوسيه بيكرمان حتى 2006 وجاء بعده مرة أخرى ألفيو بازيلي الذي استقال نهاية 2008 وخلفه دييغو مارادونا حتى منتصف 2010 ليتولى بعدها المدرب الحالي باتيستا مقاليد الإدارة التقنية للتانغو.

وكلما رحل مدرب و جاء بعده آخر رشحه الجميع ليكون الطبيب الذي بإمكانه إيجاد الوصفة السحرية التي تقدم العلاج الصحيح للمنتخب وتعيده إلى مصاف المنتخبات العملاقة في العالم والتألق في نهائيات كأس العالم والحصول على البطولة الثالثة التي استعصت عليه إلا أن الرياح تأتي بما لا يشتهيه محبو التانغو فمنذ العام 1993 و لغاية بطولة كوبا أمريكا الجارية حالياً في الأرجنتين فإن أفضل نتيجة حققها المنتخب الأول هي بلوغ دور الثمانية على مستوى نهائيات المونديال عام 1998 بفرنسا وعام 2006 بألمانيا ونهائي بطولة كوبا أميركا مرتين أعوام 2004 و 2007 و أيضا نهائي كاس العالم للقارات مرة واحدة عام 2005 في ألمانيا مقابل ذلك حقق المنتخب الاولمبي ومنتخب الشباب نتائج باهرة في كاس العالم وفي الأولمبياد الصيفية في بكين 2008.

وأكثر من ذلك فإن النتائج السلبية للمنتخب الأرجنتيني لم تعد تقتصر على الإقصاء و الخروج مبكراً من البطولات وإنما تعداه إلى ما هو أخطر و أسوأ وهو الخسارة بنتائج ثقيلة رسمياً و ودياً أمام منتخبات كانت الأرجنتين تلقنها دروساً في فنون كرة القدم فخسر من فنزويلا بخماسية في تصفيات كأس العالم وخسر من باراغواي والإكوادور و خسر من ألمانيا في آخرمونديال برباعية نظيفة ومن البرازيل في نهائي كأس القارات بأربعة أهداف لواحد وتكررت نفس الخسارة بعدها بعامين في نهائي الكوبا أمريكا وانهزم من نيجيريا برباعية في حين أن انتصاراته تكون بشق الأنفس و بفارق الهدف الواحد في أحسن الأحوال.

يحدث هذا رغم أن الأرجنتين ليست بلاد الفضة فحسب بل أيضاً بلاد مواهب ونجوم كرة القدم الذين تتسابق عليهم الأندية الأوروبية لضمهم لصفوفها ويصنعون أفراحها من موسم لآخر والأمثلة كثيرة وكثيرة جدا لعل أشهرها وأبرزها نجم برشلونة و صانع ألعابه و أفراحه ليونيل ميسي.

ومما زاد من غصة الأرجنتين هو أن الجارة البرازيل فازت بكأس العالم مرتين و بالكوبا أمريكا أربع مرات في ظرف عشر سنوات.
و في ظل وفرة النجوم لدرجة التخمة فإن أصابع الاتهام بدأت تغير اتجاهها نحو الاتحاد الأرجنتيني ورئيسه خوليو غروندونا و سوء اختياره للمدربين الذين أثبتوا أنهم محدودي الكفاءة من الناحية التكتيكية مما جعلهم غير قادرين على توظيف اللاعبين بشكل فعال وصحيح وغير قادرين على وضع الخطط التكتيكية المناسبة لهم مثلما يجدونه في أوروبا مع أنديتهم حيث المدربون هناك على قدر عال من الحنكة التكتيكية في وقت لا يزال المدرب الأرجنتيني يفضل الجانب الاستعراضي عكس بقية منتخبات أمريكا الجنوبية ومنها البرازيل وأوروغواي وباراغواي التي تفطنت للخلل وأصبح مدربوها يركزون على الجانب التكتيكي ما دام أن جل اللاعبين ينشطون في أوروبا.

وأكثر من ذلك فان الإفراط في الاعتماد على ميسي منذ 2006 نزولاً عند رغبة بعض الأطراف المتعصبة له ومنها الإعلام الاسباني المحسوب على البارسا اضر بالمنتخب أكثر مما نفعه وباتت خطة المدرب الأرجنتيني مكشوفة لمنافسه وأي مدرب مبتدئ قادر على الحد من خطورتها فزملاء كامبياسو تحولوا إلى مجرد كومبارس يبحثون عن الكرة ليسلمونها إلى البطل ميسي الذي يجد أمامه ثلاث أو أربع لاعبين من الفريق المنافس ينقضوا عليه و ينتزعون الكرة بسهولة وهو النموذج الذي كشفته مباراة الأرجنتين وألمانيا في مونديال جنوب إفريقيا حيث بنى مارادونا خطته على ميسي و إعتمد يواكيم لوف في خطته على مراقبة ميسي.

وأمام هذا الوضع السائد فان تشخيص الداء أثبت بأن العيب ليس في الجنود وإنما في القائد الذي يفتقد للحنكة التكتيكية وكسب المعارك والحروب يتطلب خطط وخدع و بالتالي بات على الاتحاد الأرجنتيني البحث عن مدرب أرجنتيني بمواصفات أوروبية على شاكلة هيكتور كوبر أو كارلوس بيانكي أو حتى دييغو سيميوني الذين سبق لهم التدريب في أوروبا او على الاقل إسناد المهمة لمدرب متشبع بالثقافة الكروية الأوروبية من قدامى اللاعبين الذي قضوا مشوارهم في القارة العجوز مثلما فعلت البرازيل مع كارلوس البيرتو باريرا وفيليبي سكولاري وكارلوس دونغا أو أورغواي مع واشنطن تاباريز فمنتخب السامبا ما كان ليحقق انجازاته لولا تخليه عن الفرجة و اعتماده على النهج التكتيكي المعتمد في أوروبا ولما لا استقدام مدرب أجنبي من أوروبا مثلما فعلت انكلترا مع السويدي اريكسون والايطالي كابيلو بعدما عجز خلفاء بوبي روبسون عن قيادة منتخب الأسود الثلاث إلى استعادة مجده.

مدرب أيضا لا يخضع للإعلام دون أن يدخل مع في حرب مدرب قادر على القيام بعملية إحلال واسعة يتخلص بها من الحرس القديم و قادر على لجم لاعبيه وإزالة العصبية منهم التي كثيراً ما تفقدهم توازنهم و يخرجون ببطاقات حمراء و أيضا قادر على استغلال إمكانيات أي لاعب لمصلحة الفريق و ليس العكس وهي الصفات التي يفتقدها باتيستا وأيضا مارادونا الذي يريده البعض أن يعود حتى بعدما برهن بأنه لا يفقه أي شيء في عالم التدريب سوى تدليل بعض اللاعبين.