عندما استقال بيب غوارديولا من تدريب برشلونة نهاية الموسم الماضي، ترك وراءه فريقاً فاز في 14 بطولة خلال السنوات الأربع التي قضاها معه. والحصيلة شملت بطولتين لدوري أبطال أوروبا ومثلهما لكأس العالم للأندية وثلاثة ألقاب ليغا.


روميو روفائيل ndash; إيلاف: تحققت نجاحات غوارديولا مع نمط مبهج وأسلوب التدفق الحر في الملعب الذي أعلن العديد من المراقبين على أن طريقة لعب الفريق كانت الأعظم في التاريخ.

وبالتالي فقد كان عملاً صعباً للمدرب الجديد تيتو فيلانوفا (44 عاماً)، المساعد السابق لغوارديولا، من متابعة هذه الانتصارات، إذ حتى وقت ترقيته إلى دوره الإداري، فإنه كان شخصية غير معروفة نسبياً خارج حدود الكامب نو.

وبعد مسيرة متواضعة على أرض الملعب مع سيلتا فيغو وريال مايوركا، من بين الأمور الأخرى، بدأ مشواره مع التدريب في 2002 داخل أكاديمية برشلونة الشهيرة. ثم تقدم تدريجياً من خلال الفئات العمرية ndash; عمل مع ليونيل ميسي وسيسك فابريجاس وجيرارد بيكيه عندما كانوا مراهقين ndash; قبل العمل كفريق واحد مع غوارديولا، في البداية في عام 2007 بإدارة الفريق (ب) ثم مع الفريق الأول في العام التالي.

والنجاحات التي حققها المدرب الجديد مع غوارديولا كانت ضماناً شعبياً لتولي المسؤولية واعتبرته واحداً منهم، كونه كان كاتولياً وقضى سنوات عدة في الأكاديمية، بالإضافة إلى عمله الجاد للوصول إلى القمة.

ومع ذلك، لم يكن لفيلانوفا وقتاً للاستمتاع بفترة شهر العسل، مع منافسه اللدود ريال مدريد يتمتع بحملة تسجيل أرقام قياسية لإنهاء فترة ثلاث سنوات متتالية من فوز برشلونة بالدوري الاسباني في الموسم الماضي، وكان يتعرض لضغوط لإحداث تأثير فوري.

ويمكن أن يكون الحُكم عليه أقل ما تقتضيه الحقيقة، إذا قيل انه يتمتع ببداية جيدة، لأن برشلونة فاز بأول ست مبارياته على التوالي في الدوري منذ بداية الموسم ليعادل سجله القياسي التاريخي، ولديه أيضاً أقصى قدر من النقاط من أول مبارتين له في مجموعته لدوري أبطال أوروبا.

هل سيخرج فيلانوفا من ظل غوارديولا في برشلونة؟

وكان التراجع الوحيد هو خسارة برشلونة في مجموع مباراتي كأس السوبر الاسباني أمام ريال مدريد ndash; التي جاءت في أضيق هامش ndash; على رغم أنه كان الفريق الأفضل في معظم الدقائق الـ180.

والآن، ومع أقل من ثلاثة أشهر في وظيفته الجديدة، يقف فيلانوفا على شفا تحقيق انجاز صغير في التاريخ، إذا فاز في مباراته المقبلة. وستصبح تشكيلة برشلونة هذه الأولى في تاريخ الدوري المحلي التي بدأت الموسم من خلال الفوز بسبع مباريات على التوالي.

ولكن خصمه المقبل ليس سوى ريال مدريد، الذي سيصل إلى كامب نو الأحد يائساً لتقليص فارق الثماني نقاط بين الجانبين.

وليس هذا اللقاء تحصيل حاصل بأي حال من الأحوال، فقد عاد ريال مدريد إلى تألقه بعد بداية ضعيفة، في حين أن نجاح برشلونة مئة في المئة أخفى حقيقة أنه احتاج إلى قدر لا بأس به من الحظ لتأمين تلك الانتصارات الستة على التوالي.

فأسلوبه غالباً ما افتقر إلى الطلاقة المعتادة التي بدت ضعية في خط الدفاع، حيث لم تساعد اصابات كارليس بويول وجيرار بيكيه في قلب الدفاع التي تم اشغالهما من قبل ثنائي لاعب خط الوسط السابقين في الدوري الممتاز الانكليزي اليكس سونغ وخافيير ماشيكرانو.
وسيتعرف الجمهور لأول كلاسيكو لهذا الموسم يوم الأحد على النمط المألوف لبرشلونة: تمريرات قصيرة وحيازة الكرة لأطول فترة ممكنة، اللتان لم تتغيرا بتعيين فيلانوفا.

فمنذ تدريباتهم في تموز الماضي استعداداً للموسم الجديد، أكد لاعبو برشلونة باستمرار كم كان تأثير رحيل غوارديولا قليلاً على أسلوبهم. وكثر تكرار رسالتهم بأنه لم يتغير أي شيء. إنه الفريق نفسه. النظام نفسه. التدريب نفسه. الفلسفة نفسها.
ومع ذلك وببساطة فإنه لا يمكن اعتبار فيلانوفا الرقم الثاني من غوارديولا، على رغم أن فلسفتهما في كرة القدم هي ذاتها، ولكنهما شخصيتان مختلفتان جداً. فقد كانت للمدرب السابق الكاريزما، وكان شديد العاطفة سواء في المجال العام أو وراء الكواليس. أما المدرب الحالي فهو عكسه تماماً، أكثر جدية ويتكلم بأقل قدر ممكن في المؤتمرات الصحافية، وهادئ دائماً. فإذا كان غوارديولا حافزاً، فإن فيلانوفا يعتبر مفكراً.

وفي هذا الصدد فإن فيلانوفا هو أيضاً مختلف بشكل ملحوظ عن منافسه الإداري الأكبر والرجل الذي سيدق الأبواق يوم الأحد: جوزيه مورينيو.

وفي حين أن مدرب ريال مدريد قادر على خلق العناوين الرئيسية في وسائل الإعلام مع كل حدث، فإن مدرب برشلونة مهذب وديبلوماسي ويبتعد بشكل واضح عن الجدال.

وهو بالتأكيد لا يخلو من العاطفة التي كانت واضحة من أول طريقة احتفاله عندما سجل دافيد فيا هدف الفوز في مرمى اشبيلية في الوقت بدل الضائع نهاية الأسبوع الماضي.

وعندما تم تعيين فيلانوفا، كان السؤال الرئيسي ما إذا كانت لديه شخصية قوية بما تكفي ليكون قادراً على تصعيد النسبية المخفية لدوره كمساعد للمدرب ويتحمل وابلاً لا مفر منه من الضغط النفسي التي يمارسها مورينيو.

وعلى رغم أن فوز برشلونة المتوالي يعني أن المراقب لم يشاهد كيف سيرد فيلانوفا على الشدائد، إلا أن ثقته بسلوكه وهدوء سلطته يوحيان أنه لن تكون لديه مشكلة للارتفاع إلى مستوى التحدي عندما يحين الوقت.

ولكن مع وصول مورينيو وريال مدريد إلى المدينة الأحد، تأمل جماهير برشلونة أن تكون لمدربهم فترة أطول من الانتظار لمعرفة ذلك.