لا يزال الغموض هو سيد الموقف في مستقبل المدرب الفرنسي لوران بلان مع منتخب الديكة ، فعلى بعد أشهر من انطلاق نهائيات بطولة أمم أوروبا 2012 التي ستستضيفها بولندا و أوكرانيا ، يجهل بلان إن كان سيستمر معه في تصفيات كأس العالم 2014 أو ستتوقف مغامرتههناك في بلاد أوروبا الشرقية شهر يونيو ، فيوقت حسم فيه جل مدربي المنتخبات المتأهلة لهذه البطولة مستقبلهم حيث تقرر تجديد عقود بعضهم ، و توقف آخرون بغض النظر عن النتائج المسجلة.

و رغم المحاولات الكثيرة التي بذلها الإعلام الفرنسي لتوضيح الرؤية إلا أنها باءت بالفشل بعدما اتفق الطرفان الرئيسيان في القضية و هما المدرب بلان ورئيس الاتحاد نوال لوكريت على معالجة الموضوع في صمت بعيداً عن الضجيج الإعلامي الذي من شأنه أن يؤثر سلبا على استعدادات الزرق لليورو ، و تفادي سيناريو المنتخب الانكليزي مع المدرب الايطالي فابيو كابيلو ، ففضلا عقد هدنةحتى انطلاق البطولة الأوروبية ، غير أن ذلك لم يمنع الفرنسيين من الكشف عن نقاط الخلاف الرئيسية التي تتحكم في الموضوع ، كما أن الهدنة لم تمنع لا بلان و لا لوجراك من طبخ مرحلة ما بعد اليورو على نار هادئة.

فالنسبة للمدرب بلان فهو يريد تحديد مستقبله قبلإنطلاقيورو 2012 وفق ما تقتضيه الأعراف عادة في مثل هذه الحالات خاصة بالنسبة للمنتخبات الكبيرة المرشحة للمنافسة على الأدوار الطلائعية ، مما يسمح له أما بتسطير برنامج طويل المدى يتضمن التحضير لاقصائيات مونديال البرازيل التي ستنطلق بعد أقل من شهرين فقط من نهاية اليورو ، أو اتخاذ قرار بعدم التجديد له في وقت مبكر حتى يتسنى له البث في مستقبله الشخصي لدراسة العروض المغرية التي وصلته من قبل عدة أندية أوروبية قويةوالحصول على أفضلها من الناحية المادية واستغلال المكانة التي أصبح يحظى بها كمدرب ناجح مع النادي ومع المنتخب الذي قاده للتأهل إلى النهائيات.

ويدور الحديث عن إمكانية توليه الإدارة التقنية لأندية انتر ميلان أو ريال مدريد في حال رحل المدرب جوزيه مورينهو بل أن اسمه مطروح ليحل محل السير اليكس فيرغسون في مانشستر يونايتد ، و كلها عروض مطلوب الفصل فيها بالسلب أو بالإيجاب قبل شهر يونيو ، أما الاحتمال الذي لا يريده بلان و يرفضه أي مدرب مكانه فهو أن يتم الربط بين مستقبله مع منتخب بلاده و النتائج التي سيحصل عليها في اليورو ، فإن حقق اللقب الثالث لفرنسا في هذه المسابقة أو على الأقل بلوغ النهائي أو المربع الذهبي فسينال الرضا و المدح و له الكلمة الأخيرة بالرحيل عنه أو الاستمرار معه على الأقل لسنتين أخريين ، أما أن فشل وخرج مبكرا مثلما حدث في يورو1992 مع ميشال بلاتيني فما عليه سوى الاستقالة ، و في هذه الحالة فان مشواره التدريبي قد يتأثر سلباً وقد يجد نفسهمضطرا للبقاء في حالة بطالةعلى الأقل لموسم.

كما أن بلان لا يريد أن يجدد له مقابل حرمانه من بعض الامتيازات المادية و بعض الصلاحيات الفنية و الإدارية التي يتوفر عليها حاليا ، والتي تمثل إحدى نقاط خلافه مع الاتحاد.

أما بالنسبة لرئيس الاتحاد لوكريت فله وجهة نظر وإستراتيجيةأخرى حول منصب المدير الفني للزرق ، فهو يبدو و كأنه غير مقتنع بالمؤهلات الفنية للمدرب بلان و يراه غير قادر على الذهاب بالمنتخب الفرنسي إلى المجد العالمي من خلال التألق في اليورو والمونديال ومزاحمة الألمان والأسبان والطليان وراقصي التانغو.

و يرى فيه مجرد مدرب ناد ليس مؤهل لقيادة منتخب بحجم منتخب الديكة وينقصه الكفاءة في ما يتعلق بوضع تصور بعيد المدى ، خاصة انه ليس المسؤول عن تعيينه في المنصب الذي تولاه في عهد سلفه لوسكاليت.

ولا يرى لوكريت في التأهل إلى نهائيات أمم أوروبا انجازا كبيرا مادام انه تم على حساب منتخبات متواضعة إن لم نقل ضعيفة ، و بالتالي فان بلان يحتاج إلى بطولة قوية يواجه خلالها منافسين من العيار الثقيل قبل الحكم عليه نهائياً.

ولا يمكن تجديد عقده و رهن مستقبل المنتخب في المشاركة في استحقاق دأب على حضوره في اغلب دوراته.

كما يطالب لوكريت المدرب بلان بتقليص عدد أفراد جهازه الفني المعاون الحالي الذي يتشكل من عشرين فردا وهو ما يعتبره رئيس الاتحاد مبالغ فيه جدا في وقت يعتبره بلان عادي جداً في كرة القدم الحديثة ، ويطالبه أيضا بإعادة النظر في الراتب المالي الذي يأخذه من خزينة الاتحاد والمقدر حاليا بمليون و 800 ألف اورو سنويا والذي يعتبره كبير جدا ويعمل على تقليص للتقليل من نفقات المنتخب في عز الأزمة المالية التي تضرب فرنسا أوروبا بشكل عام.

كما يعاب على المدرب بلان استمراره الاعتماد على لاعبين لا يقدمون نفس الأداء الذي يقدمونه مع أنديتهم وعلى رأسهم فرانك ريبيري لاعب بايرن ميونيخ ومدافع مانشستر يونايتد باتريك ايفرا ، في وقت ينتظر منه أن يحدث تغييرات شبه جذرية على التعداد البشري و التخلص من النجوم تسهيلا للسيطرة على انضباط المنتخب تماما مثلما فعل إيمي جاكي مع الثلاثي إيريك كانتونا ودافيد جينيولا وجون بيار بابان قبل مونديال 1998.

كما أكدت بعض التقارير الواردة من بلاد الايكاساغون بان بلان يواجه مشكلة تتعلق بشارة القائد بعدما رفض عدد من اللاعبين حملها ، و يتهم بلان بأنه غير قادر على السيطرة على أشباله خاصة مع بعض العناصر اللامعة التي تفرض عليه اللعب في المراكز التي تريدها بغض النظر عن رضا المدرب أو عن الأداء الذي تقدمه أثناء المباريات و هو أمر خطير لا يمكن السكوت عنه و يتطلب حزما أكثر لوضع حد له قبل تفاقمه لتفادي فضيحة أخرى شبيهة بتلك التي كان بطلها المدرب السابق دومنيك رايمون مع بعض اللاعبين في مونديال جنوب إفريقيا والتي شوهت صورة الكرة الفرنسية.

و في نفس الموضوع المتعلق بالصلاحيات الفنية التي يتمتع بها بلان هناك علامات استفهام كثيرة يطرحها الرأي العام والصحافة الفرنسيين عن القائم بأعماله المدرب بلانوالعديد من الدوليين الفرنسيين جون بيار بارنس والدور الحقيقي الذي يقوم به في المنتخب ، حيث يعتبر في نظر الكثير صاحب القرار خاصة في ما يرتبط باستدعاء اللاعبين ، وهو ما أكده متوسط الميدان يوهان كوركوف الذي قال بأنه يتعين على أي لاعب إذا أراد أن ينادى عليه للمنتخب أن يوكل أعماله لبارنس ، وبالتالي فان المصالح المالية أصبحت المعيار الأساسي لتحديد اللائحة مما يؤثر سلبا على الجوانب الفنية.

وتذهب تقارير إعلامية فرنسية في تحاليلها إلى ابعد من الجانب الفني والمالي ، و ترى بأن رئيس الاتحاد لا يكن ودا للجيل الذهبي للكرة الفرنسية و المعروف بجيل 1998 الذي منحها كاس العالم و أمم أوروبا ، و الذي ينتمي إليه لوران بلان ، و يريد التخلص من هذه التبعية التي قد تتحول إلى عقدة أبدية.

ومثلما يخصص بلان وضعا من وقته لدراسة مستقبله الشخصي فان نوال لوكريت ليس نائما على أذنيه حتى وإن كانت تصريحاته تقول بأنه لا ينوي الاستغناء عن خدمات نجم دفاع اوكسير والانتر ، فهناك أنباء ترشح عدة أسماء للإشراف على زملاء سليم نصري في مرحلة ما بعد اليورو في مقدمتها المدرب الحالي لنادي ارسنال أرسين فينغر ، الاسم الذي يحظى بإجماع كافة الفعاليات الفرنسية ، و الذي يعتبر المدرب الأفضل و الأنسب لقيادة المنتخب لاستعادة بريقه ، و في حال تخلى عنه ارسنال ونجح لوجريك في التعاقد معه فإن حلما ظل يراود الفرنسيين قد تحقق ، ووقتها لن يجد بلان أي مساندة لان الفارق بينهما لا يقارن.