وجدت وسائل اعلام عالمية كثيرة في اختيار الاتحاد الاوروبي لكرة السلة الالماني ديريك نوفيتسكي افضل لاعب في القارة لعام 2011 مناسبة للاستفاضة في الحديث عن مهاراته خصوصا التسديد والاسلوب الذي يتميز به على هذا الصعيد، ونبشت ايضا في مراحل طفولته ونشأنه الرياضية.

النجم الالماني الذي ساهم بفوز دالاس مافريكس بلقب بطل الدوري الاميركي للمحترفين في حزيران/يونيو الماضي، تقدم في استفتاء شاركت فيه لجنة من الخبراء فضلا عن مشجعين صوتوا عبر الانترنت، على الاسباني خوان كارلوس نافارو والمقدوني بو ماكاليب والاسباني باو غاسول والروسي اندري كيريلينكو واليوناني ديميتريس ديامانتيديس، في حين جاء الفرنسيان طوني باركر سابعا ونيكولا باتوم تاسعا.

وحظي quot;العملاق الأشقرquot; بهذا التقدير بعد اختياره لمباراة quot;كل النجومquot; في اورلاندو للمرة ال11 تواليا.

يؤكد نوفيتسكي، الذي سبق ان اختير ايضا افضل رياضي في بلاده لعام 2001، ان التسديد او التصويب الناجح فن بحد ذاته، كاشفا انه امضى آلاف الساعات في التدريب لاتقان تصويب quot;دقيق ومثاليquot;. كما انه يخضع لحصص اضافية مع مدربه الدائم هولغر جيشواندنر القائد السابق لمنتخب المانيا وانه كان في سنوات مراهقته يمضي معه اشهر الصيف منكبا على تحسين التقنيات مثل وضع الاصابع حول الكرة وطريقة إمساكها.

في الدوري الاميركي للمحترفين هناك طرق تسديد سميت باسماء اصحابها، اي اللاعبين الذين ابتكروها واشتهروا في تنفيذها، وانضم نوفيتسكي افضل اوروبي في هذا الدوري الى هذه quot;النخبةquot;، وهو يعتبر ان اسلوبه وليد تراكم افضى الى طريقة لحسن التصرف والتخلص من رقابة المدافعين، تتلخص بخطوة الى الوراء ثم قفزة وتسديدة ما يسمح بالتسجيل ودفع الخصم الى ارتكاب اخطاء. وطبعا سعى مدافعون الى ابتكار تقنيات تحد من هذا الايقاع، ومنها الالتصاق قدر الامكان به لدى تسلمه الكرة، لكن مراوغة quot;العملاقquot; عند الانطلاق تبقي فسحة له للمبادرة او الحصول على رميات حرة.

اصبح القفز والتسديد حالة طبيعية عند نوفيتسكي لا تستدعي التفكير، بخلاف ما كان عليه الامر وهو في سن ال15، quot;كنت اراجع الامور كثيرا في ذهني. التفكير يحد من نجاح التسديدة، وفي المباراة عليك تقرير التصويب في برهة وتحتاج الى ابتكار وتنويع في الايقاع ولا تكون مشدوداquot;.

لعل طول نوفيتسكي الفارع (13ر2 م) يصعب مهمة غالبية المدافعين، كما ان الهجوم من الجناح (طرف الملعب) يضعه في مواجهة لاعبين اقصر منه، او يخترق من هذه الجهة او تلك لتفادي اصحاب البنية الثقيلة، فينهكهم لدى ملاحقتهم له لانه اخف وزنا منهم.

امتلك نوفيتسكي الليونة والرشاقة والخطوات السريعة على رغم طوله من خلال مزاولته كرة المضرب في الخامسة من عمره، ويوضح ان ذلك انعكس ايجابا quot;مقارنة بزملائي بعد بلوغي الثانية عشرة. كان في مقدوري القيام بحركات لا يستطيع صغار السن تنفيذها، كما ان لعب كرة المضرب افادني في مواجهات رجل لرجلquot;.

عند المبادرة الى التصويب، لا يحيد نوفيتسكي عينيه عن السلة معتمدا وقفة متوازنة تكون خلالها رجلاه مفتوحتين قليلا، وقد اتقن هذه الطريقة بفضل تدريبات بدنية خاصة يحرص عليها منذ كان في سن ال16، تتضمن التسديد من اوضاع غير متوازنة او غير متوقعة لابتكار حلول تخلصه من الرقابة او التسديد وهو يقع الى الخلف او الى الجنب الى مراوغات وحركات دينامية.

يبدي نوفيتسكي سعادته لان بريق الشهرة يلازمه على رغم تقدمه في السن، خصوصا ان quot;كرة السلة تسليتي وعمليquot;.

ولد نوفيتسكي في ووزربورغ شمال بافاريا، وشارك عام 1998 وهو في العشرين في مخيم تدريبي (نايكي هوب ساميت) جمع افضل الآمال الاميركية في مواجهة الاوروبية، وسجل 33 نقطة والتقط 14 كرة في اقل من 30 دقيقة.

في عام 1999، وبعدما امضى خمسة مواسم مع فريق بلدته للدرجة الثانية وعلى رغم اغراءات برشلونة، خضع نوفيتسكي لاختبارات الدوري الاميركي للمحترفين، فضمه ميلووكي كتاسع افضل لاعب، ثم انتقل الى دالاس مافريكس على سبيل التبادل.

عام 2002 وفي موسمه الرابع مع مافريكس، اختير للمرة الاولى لمباراة quot;كل النجومquot; وحصد مع منتخب بلاده برونزية بطولة العالم، كما فاز بفضية بطولة اوروبا عام 2005.

وحل مافريكس وصيفا لميامي هيت (2-4) في دوري المحترفين عام 2006، واختير نوفيتسكي في الموسم التالي افضل لاعب في الدوري، فكانت المرة الاولى التي يعود بها هذا اللقب الى اوروبي. وتوج العام الماضي مع فريقه بطلا للدوري على حساب ميامي هيت (4-2)، كما استحق لقب افضل لاعب في النهائي.

ومنذ انطلاق مسيرته في دوري المحترفين، جمع نوفيتسكي 183 مليون دولار، منها 80 مليونا قيمة تجديد عقده مع مافريكس عام 2010 لمدة 4 سنوات تنتهي في حزيران/يونيو 2014، علما ان ثمن توقيعه الاول بلغ 13 مليونا فقط ل4 سنوات ايضا.

والطريف ان نوفيتسكي كان يعتبر من آمال منطقته في كرة المضرب قبل لقاء المدرب جيشواندنر لكنه وجد في كرة السلة شغفا مختلفا خصوصا انه كان يفضل quot;روح الفريقquot; والالعاب الجماعية.

كان الفتى نوفيتسكي يعتبر ان كرة السلة تناسب الفتيات اكثر، وزاول والده كرة المضرب وكان لاعبا دوليا في كرة اليد، ومارست والدته كرة السلة وكانت في عداد المنتخب الالماني، ثم سلكت شقيقته الدرب ذاته.

الفتى الذي تجنب مزاولة quot;رياضة انثويةquot; انخرط بها تدريجا اذ مارسها مع اصدقاء في ارض مجاورة لمنزله وتعلق بها.

وعلى غرار والده، اعجب نوفيتسكي بمواطنه بوريس بيكر، كما اعجب بنجوم سلويين امثال الاميركيين مايكل جوردان وسكوتي بيبن وتشارلز باركلي، واختار عند انتقاله الى دالاس حمل الرقم 14 وهو رقم باركلي مع المنتخب الاميركي في دورة برشلونة الاولمبية عام 1992، وبما انه لم يكن متوافرا حمله معكوسا (41).

عموما، يفضل نوفيتسكي، العازف الماهر ايضا على آلات موسيقية عدة منها البيانو والسكسوفون والدرامز، النجوم الذين يتمتعون بكاريزما، وفي نظره المسدد الجيد هو الذي يدخل اجواء المباراة سريعا quot;فتبدأ الماكينة عملهاquot;، وهو تأقلم مع ضغط المباريات quot;حين ينتظر الجميع ان تفعل شيئا لا سيما عند تقارب النقاط، اذ عليك ان تكون قويا لئلا تتأثر. تتخيل الحركة التي يجدر بك القيام بهاquot;، ويلفت الى ان التشجيع المضاد او quot;التشويشquot; عليه يحضه على التألق فيكون بمثابة وقود محفز.