اللافت في حصاد المشاركة العربية في الألعاب الاولمبية الصيفية هو عقم الرياضات الجماعية وصيامها عن التتويج عكس المسابقات الفردية التي أهدت العرب 82 ميدالية من مختلف المعادن ، في وقت عجزت فيها الرياضات الجماعية حتى عن نيل المعدن النحاسي .
ديدا ميلود ndash; إيلاف : رغم تعدد مشاركة العرب بأفضل المنتخبات سواء في كرة القدم أو اليد أو الطائرة وهي الرياضات التي يمتلك فيها العرب فرقاً قوية على الصعيدين القاري والدولي، إلا أن ذلك لم ينعكس بالإيجاب على نتائجها و ظهورها في الأولمبياد ، حيث ظلت ترفع الشعار العقيم المشاركة من اجل المشاركة أو في أحسن الأحوال تقديم أداء يشرف الكرة العربية بغض النظر عن النتائج النهائية التي لم تختلف من دورة الى أخرى، وهي الإقصاء المبكر.
![]() |
| الأبيض الإماراتي |
ففي كرة القدم و في الوقت الذي نال فيه منتخبا نيجيريا و الكاميرون ميداليتين ذهبيتين لقارة أفريقيا عامي 1996 و 2000 أمام عمالقة أوروبا و أميركا الجنوبية، فضلاً عن برونزية غانا عام 1992 في برشلونة ، لا يزال ممثلو أفريقيا و آسيا العرب يترنحون و يخرجون من أضيق الأبواب ، فلغاية دورة بكين 2008 فإن أفضل نتيجة حققتها الكرة العربية كانت عام 1994 في طوكيو بإنجاز المنتخب المصري الذي بلغ الدور النصف النهائي الذي خسره من منتخب هنغاريا القوي بسداسية نظيفة ثم فشل في اعتلاء منصة التتويج بعدما خسر المباراة الترتيبية أمام ألمانيا الشرقية بثلاثة أهداف لواحدوهو نفس الإنجاز الذي كرره عام 2004 في أثينا المنتخب العراقي الذي كان وقتها يمر بأحلك الأيام و مع ذلك بلغ المربع الذهبي و انهزم من نظيره منتخب باراغواي الذي حل وصيفاً في تلك الدورة، ثم خسر العراق النحاسية من منتخب إيطاليا بهدف وحيد.
و الواقع أن هذه النتيجة لا تعتبر إنجازاً بأتم معنى الكلمة لسببين أولهما أنها تحققت مرتين فقط منذ أن شاركت الكرة العربية في الأولمبياد عام 1928 في دورة انتوارب في بلجيكا ، و الثاني أن أياً من المنتخبين لم يحققها مرة ثانية رغم أنهما تأهلا مراراً و تكراراً للنهائيات ، أما بقية المنتخبات على غرار المغرب و تونس و قطر فإن جل مشاركتها كانت تتحطم عند الدور الأول ، يحدث هذا رغم أن بعض المنتخبات العربية شاركت في بعض الدورات بالفريق الأول عندما كان الإتحاد الدولي يسمح لها بذلك أمام منتخبات لعبت بالرديف، كما حدث مع منتخبات مصر و المغرب و السعودية و قطر و العراق في نسخة لوس أنجلوس 1984 و في النسخة الموالية مع المنتخبين التونسي و العراقي ، كما أن الكرة العربية أخفقت في تذوق الصعود إلى المنصة رغم تزايد ممثليها من القارتين إذ بلغ خمسة منتخبات في دورة 1984.
![]() |
| الأولمبي المصري |
و تؤكد هذه النتائج الفوارق الفنية الكبيرة بين المنتخبات العربية و بقية المنتخبات المنافسة من كافة القارات ، و عدم قدرتها على مواكبتها ، كما أن المنتخبات العربية لا تولي اهتماماً كبيراً في الوقت الحالي بمنتخبات الشباب التي تشارك في الأولمبياد و لا تحظى بنفس الرعاية و الاهتمام مقارنة بالمنتخب الأول و مقارنة أيضًا بين المشاركة في الأولمبياد و كأس العالم ، لا من الناحية المادية و لا حتى من الجانب الإعلامي و الجماهيري ، مما يحرمها من إعداد جيد للبطولة فتنعكس نتائجه بالسلب ، و في الغالب فإن أعضاء المنتخبات العربية من مدربين و لاعبين تجدهم يتقشفون في الإعلان عن الهدف المنشود من المشاركة عكس بقية اللاعبين و المدربين الذين لا يراهنون سوى على الذهب في ظل تساوي الفرص و الحظوظ.
كما تكشف هذه النتائج عن ذهنية الرياضي العربي و مدى قدرته على تحقيق إنجاز ينسب للفريق ككل و ليس لفرد واحد مما يجعله لا يبذل قصارى جهده أثناء المنافسة أو خلال التحضير لها و يبحث فقط عن مجده الشخصي ، عكس الألعاب الفردية حيث يختصر الانجاز في اسم الرياضي رغم أن أطراف أخرى ساهمت فيه و لو من بعيد.
و لا يختلف حال منتخبات كرة القدم عن حال منتخبات كرة اليد و الكرة الطائرة ، و لو أن التمثيل العربي فيهما يتقلص بسبب التأشيرات الممنوحة لأفريقيا و آسيا حيث يتأهل للنهائيات بطل القارة بينما يخوض وصيفه ملحقاً أمام أقوى منتخبات العالم ، و يقتصر التمثيل العربي في الغالب على المنتخبات العربية الأفريقية من شمال أفريقيا.
![]() |
| المنتخب الأولمبي المغربي |
ففي كرة اليد و رغم المستوى الفني العالمي الذي بلغته منتخبات الجزائر و مصر و تونس و تحقيقها إنتصارات كبيرة في مختلف بطولات العالم إذ نالت مصر و تونس المركز الرابع بل و نجحت في الحصول على الميدالية الذهبية في ألعاب البحر الأبيض المتوسط التي تشارك فيها منتخبات أوروبية عملاقة على غرار فرنسا و إسبانيا بفضل المنتخب الجزائري عام 1987 في ألعاب اللاذقية عندما تفوق على نظيره الفرنسي ، غير أن هذه النتائج لم يظهر لها أثر في الألعاب الأولمبية و أحسن نتيجة تحققت كانت المركز السادس الذي سجله المنتخب المصري في أوج عطائه في دورتين متتاليتين 1996 في اطلنتا و 2000 في سيدني، في حين فشل المنتخب الجزائري في تحقيق أفضل من المرتبة العاشرة حتى في أعز أيامه في عشرية الثمانينات.
و إن دلت هذه النتائج المتواضعة على معنى فإنها تدل على غياب إستراتيجية واضحة من قبل المسؤولين على المنتخبات العربية هذه لتطوير النتائج من دورة الى أخرى، و الاستفادة من التجارب السابقة بما فيها الفاشلة و عدم المفاضلة بين البطولات .
و يزداد موضوع مشاركة الرياضات العربية الجماعية سوءاً عند الحديث عن مسابقات الطائرة أو السلة حيث يبقى التأهل إلى النهائيات هو الهدف الأسمى للمنتخبات العربية خاصة في قارة آسيا ، ففي الطائرة فإن المنتخب المصري الذي يعد من أحسن المنتخبات العربية لم يبلغ النهائيات سوى أربع مرات في تاريخه مع ثلاث مشاركات فقط ، و أفضل ترتيب حققه كان في عام 1984 عندما حل في المركز الحادي عشر، أما السلة المصرية فوصلت للنهائيات في سبع مناسبات دون أن تتألق.
أما منتخب الطائرة التونسي المتألق هو الآخر عربيًا فقد بلغ النهائيات الأولمبية خمس مرات و أفضل ما حققه كان المرتبة التاسعة عام 1984 في لوس أنجلوس، في حين تأخرت سلته في بلوغ النهائيات الأولمبية لغاية دورة لندن 2012.
أما الطائرة الجزائرية فقد تأهلت للأولمبياد مرة واحدة فقط في برشلونة 1992 و حلت وقتها في الصف الثاني عشر.
و تأمل الجماهير العربية أن تحذو الرياضات العربية الجماعية حذو الرياضات الفردية في ألعاب لندن لإثراء الحصيلة العربية الإجمالية التي تبقى متواضعة جداً مقارنة مع بعض البلدان.


















التعليقات