لم يكن يوم الاربعاء عاديا بالنسبة لعالم كرة القدم الذي لم يستفق حتى الان من صدمة حادث الطائرة الذي اودى بحياة الغالبية العظمى من لاعبي فريق تشابيكوينسي البرازيلي.

وكان من المفترض ان يخوض تشابيكوينسي بعد ساعات من الان اهم مباراة في تاريخه مع مضيفه اتلتيكو ناسيونال الكولومبي في ذهاب نهائي مسابقة "سوداميريكانا" لكنه لن ينعم بهذه الفرصة التاريخية لان الفريق كان من بين الـ71 راكبا الذين قتلوا الاثنين في حادث تحطم الطائرة القادمة بهم الى ميديين، ولم يسلم من الفريق البرازيلي سوى 3 لاعبين.

وتحطمت الطائرة التي كانت تقل 77 شخصا نتيجة "اعطال كهربائية" استنادا الى نداء الاستغاثة الذي اطلقه طاقم طائرة التشارتر من طراز بريتيش ايروسبايس146 التابعة لشركة "لاميا" البوليفية، لكن مصدرا عسكريا كولومبيا اشار الى احتمال نفاد الوقود ولهذا السبب حصل الحادث.

وقال المصدر العسكري لوكالة فرانس برس: "ما يدعو للشك هو انه رغم الاصطدام (بالارض) لم يحصل اي انفجار. هذا الامر يعزز نظرية نفاد الوقود".

وتحطمت الطائرة في منطقة إل غوردو الجبلية في دائرة لا اونيون على بعد حوالى 50 كلم من ميديين، ثاني مدن كولومبيا الواقعة في شمال غرب البلاد، ونجا 6 اشخاص باعجوبة بينهم 3 لاعبين من الفريق البرازيلي هم الحارس جاكسون فولمان (24 عاما) والمدافعان الن روشل وهيليو هرميتو زامبيير "نيتو" الى جانب مضيفة اسمها خيمينا سواريز وعامل فني في الطائرة هو ايروين توميري والمعلق الرياضي في اذاعة اويستي كابيتال رافاييل هنزل فالموربيدا.

لكن فولمان لن يتمكن من مواصلة مسيرته الكروية اذ بترت ساقه اليمنى بحسب ما اكد مستشفى مؤسسة سان فنسنتي الواقع خارج ميديين.

واعلن الرئيس البرازيلي ميشال تامر الحداد الرسمي لثلاثة ايام تكريما للضحايا الذين سقطوا ومن بينهم 20 صحافيا رياضيا برازيليا كما افادت وسائل الاعلام التي يعملون فيها.

وقالت شبكة "فوكس سبورت لاتين اميركا" التي تمتلك حقوق النقل الحصري لكأس "كوبا سوداميريكانا"، المسابقة الثانية من حيث الاهمية على صعيد الاندية في اميركا الجنوبية بعد "كوبا ليبرتادوريس"، ان 6 من موظفيها قتلوا في الحادث.

وأحد هؤلاء القتلى هو المعلق الشهير واللاعب الدولي السابق ماريو سيرجيو (66 عاما و8 مباريات دولية) الذي احترف اللعب من 1969 حتى 1987 ومر باندية مثل فلامنغو وفلوميننسي وانترناسيونال وساو باولو وبالميراس ثم انتقل الى التدريب من 1987 حتى 2010.

من جهتها، اعلنت مجموعة غلوبو البرازيلية للاعلام المرئي والمسموع مقتل 4 من صحافييها في الحادث و4 آخرين يعملون في قناة "ار بي اس" التابعة لها.

كما قتل في الحادث 6 صحافيين يراسلون محطات اذاعية محلية في تشابينكو معقل فريق تشابينكوينسي في ولاية سانتا كاترينا (جنوب).

 تضامن عالمي

وكتبت الحياة لصحافي ولكن بطريقة اخرى، إذ ان ايفان كارلوس اغنوليتو المذيع في "راديو سوبر كوندا" كان احد الركاب الاربعة الذين وردت اسماؤهم في قائمة ركاب الطائرة لكنهم فوتوا الرحلة.

وتهافت المشجعون الى ملعب تشابيكوينسي من اجل تقديم تعازيهم بالفريق الذي شق طريقه الى النجومية في العامين الاخيرين لكن قصته الخيالية لم تكتمل بعدما فقد الغالبية العظمى من لاعبيه وطواقمه الفنية والادارية والطبية، ما دفع اندية برازيلية منافسة الى التقدم باقتراح تزويده بلاعبين جدد من اجل مواصلة مشواره، كما انشىء صندوق تمويل خاص لهذه الغاية وحتى ان نادي اتلتيكو ناسيونال الكولومبي طالب بمنح النادي المفجوع لقب مسابقة "كوبا سوداميريكانا".

وكان التضامن عالميا مع الفريق البرازيلي في هذه اللحظات المأسوية وبعث نجوم كبار مثل الارجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو واساطير مثل البرازيلي بيليه والارجنتيني دييغو مارادونا برسائل تعزية، كما حال العديد من الاندية الاوروبية الكبرى والصغرى على حد سواء.

واتخذت رابطة الدوري الاسباني قرارا بالوقوف دقيقة صمت قبل المباريات المقررة في عطلة نهاية الاسبوع المحلي في الدوري الاسباني وابرزها مباراة "الكلاسيكو" السبت بين العملاقين برشلونة وريال مدريد، كما من المقرر ان يطبق هذا الامر اليوم الاربعاء وغدا الخميس في مباريات مسابقة الكأس الاسبانية.

ولم ينحصر التضامن مع الضحايا بلعبة كرة القدم بل طالت مباريات دوري كرة السلة الاميركي للمحترفين ايضا.

وكانت الطائرة اقلعت من ساو باولو في البرازيل وتوقفت في سانتا كروز دي لا سييرا في بوليفيا قبل ان تتوجه الى ريونيغرو كما اوضحت ادارة الاطفاء في كولومبيا في رسالة على وسائل التواصل الاجتماعي.

واعلنت الوحدة الوطنية لادارة المخاطر والكوارث في بيان انها شكلت خلية ازمة وارسلت "150 شخصا متواجدين في المكان" لمتابعة عمليات الانقاذ.

من جهتها، فعّلت بلدية ميديين شبكة طوارئ طبية واوفدت الى المكان عناصر من جهاز ادارة المخاطر لديها، حسب ما اعلن رئيس البلدية فيديريكو غوتيريز على تويتر.

 "نأمل ان تجلب لنا هذه الطائرة الحظ"

في تعليق عبر قناة "سبور تي في" التابعة لمجموعة غلوبو الاعلامية، تحدث نائب رئيس تشابيكوينسي ايفان توزو عن "مأساة. الالم رهيب... من الصعب استيعاب ما حصل. انها مأساة كبيرة"، فيما قال رئيس المجلس الاستشاري للنادي البرازيلي بلينيو فيليو والدموع تنهمر من عينيه: "هذه المجموعة (من اللاعبين) كانت مثل العائلة. كانت مجموعة من الاصدقاء الذين يضحكون دائما حتى عندما نخسر".

وافاد مدير مصلحة الطيران المدني في كولومبيا الفريدو بوكانيغرا ان ركاب الطائرة كانوا "22 لاعبا و28 مرافقا وعضوا واحدا من الكادر الفني و22 صحافيا".

واعلن اتحاد اميركا الجنوبية لكرة القدم تعليق النهائي والغاء مؤتمر كان مقررا له الاربعاء في مونتيفيديو، واصدر بيانا قال فيه: "تم تعليق جميع انشطة الاتحاد حتى اشعار اخر" مضيفا ان رئيس الاتحاد اليخاندرو دومينغيز في طريقه الى ميديين.

كذلك اكد رئيس الاتحاد الدولي (فيفا)، السويسري جاني انفانتينو "إنه يوم حزين جدا لكرة القدم".

بدوره، اعتبر رئيس نادي اتلتيكو ناسيونال خوان كارلوس دي لا كويستا الذي توجه الى مكان الحادث انها "ماساة هائلة"، معبرا عبر اذاعة "كراكول" عن "التضامن في دعم نادي تشابيكوينسي والعائلات".

والطائرة التي تحطمت الاثنين في جبال كولومبيا، استخدمت قبل اسبوعين لنقل المنتخب الارجنتيني لكرة القدم مع نجمه وقائده ميسي الى سان خوان الارجنتينية من اجل خوض مباراة في تصفيات مونديال روسيا 2018، وذلك بحسب مواقع متخصصة.

وكان مدرب تشابيكوينسي ماورو ستومف يأمل ان "تجلب لنا" هذه الطائرة "الحظ" بحسب ما قال لمحطة "جيغافيزيون" قبل السفر الى كولومبيا، كما كانت الحال عندما استخدم النادي نفس الخطوط الجوية من اجل السفر لخوض ذهاب الدور ربع النهائي من المسابقة القارية ضد الفريق الكولومبي الاخر جونيور.

وفاجأ تشابيكوينسي المتواضع كرة القدم الجنوب اميركية بوصوله الى نهائي البطولة الحالية للمرة الاولى في تاريخه بعد ان تخلص في ربع النهائي من جونيور، ثم اطاح في نصف النهائي بسان لورنزو الارجنتيني القوي بفضل حارسه ماركوس دانيلو (31 عاما) الذي انقذ فرصة في الثواني الاخيرة من لقاء الاياب (صفر-صفر في البرازيل بعد ان انتهى الذهاب 1-1 في الارجنتين) لكن الحظ لم يقف الى جانبه لانه فارق الحياة خلال نقله من مكان تحطم الطائرة الى المستشفى بحسب ما اكدت ادارة الطيران المدني.