يستعد البرازيلي غابريال جيزوس (19 عاما) لانطلاق مسيرته مع مانشستر سيتي الانكليزي الذي يعقد آمالا كبيرة على موهبة ولدت في الأزقة وتدرجت لتقود بالميراس البرازيلي الى لقب دوري كرة القدم للمرة الاولى منذ 22 عاما.

أنفق سيتي 32 مليون يورو لضم جيزوس في آب/اغسطس، الا انه أبقاه مع بالميراس حتى نهاية الموسم الكروي في البرازيل. وسينتقل المهاجم الشاب الى "ستاد الاتحاد" اعتبارا من كانون الثاني/يناير.

ورغم صغر سنه، يعد جيزوس النجم الواعد للكرة البرازيلية، واعتبره النجم الدولي البرازيلي السابق رونالدو خليفة له في الملاعب.

انجازات جيزوس تسبق وصوله الى انكلترا، فهو - اضافة الى دوره في احراز بالميراس لقب الدوري - ساهم مع منتخب بلاده في احراز ميداليته الذهبية الاولمبية الاولى في دورة الالعاب الصيفية التي استضافتها هذه السنة في ريو دي جانيرو.

الا ان هذه الانجازات لا تفاجىء من عرف اللاعب منذ بدايته، لاسيما العاملين في فريق بيكوينينوس دو ميو امبيانتي، الذين تابعوا قبل 11 عاما انطلاقة حلم طفل قادم من الاحياء الفقيرة لساو باولو.

ويقول المدرب جوزيه فرانسيسكو ماميدي "منذ حصته التدريبية الاولى، علمنا بانه مختلف"، مضيفا "كان اول من ينفذ التمارين. كان عازما على الدوام بان يكون محترفا"، وهو ما حققه بدءا من 2015.

كان النادي يتمرن على الملعب نفسه التابع لسجن عسكري، وذلك بهدف ابعاد الاطفال عن الشوارع الخطرة بالدرجة الاولى.

- "المجد، المجد" -

بدأ جيزوس المشاركة في دورات محلية للهواة مذ كان في الرابعة عشرة من عمره، ما اكسبه مهارة اللعب ضد خصوم اكبر منه.

وعن تلك الفترة، قال جيزوس "كنت العب ثلاث او اربع مباريات (يوميا). كان ذلك اكثر من طاقتي (...) في بعض الاحيان كنت اعاني تقلصات عضلية".

الا ان المزاولة المكثفة لكرة القدم اتاحت اكتشاف مهارات جيزوس من كشافي بالميراس الذين رأوا فيه "مخلصا" انتظروه طويلا. ومنذ ذلك الحين، بدأ مشواره نحو الالقاب وملايين الدولارات وقلوب المشجعين.

انقلبت حياة جيزوس رأسا على عقب. من حي جارديم بيري الفقير في شمال ساو باولو، الى محط انظار المشجعين والاندية، والاكيد ان الاهتمام سيزداد مع استعاده لوضع مهاراته تحت الاختبار في دوري يعد من الابرز والاكثر جذبا للمتابعة والعائدات المالية في العالم.

ويستعيد جيزوس بذلك خطى لاعبين لاسيما من اميركا الجنوبية وافريقيا، زاولوا كرة القدم في الشوارع الفقيرة، الا ان مواهبهم حملتهم الى بريق الدوريات الاوروبية.

ولم تكن طفولة جيزوس سهلة، اذ تحملت والدته دونا فيرا وحيدة مشقة تربيته وثلاثة من اخوته، وعملت في ثلاث وظائف لتأمين قوت اولادها. الا ان التضحيات اثمرت، والام فخورة به لأقصى حد، رغم بعض "التحفظات" النابعة من قوة ايمانها المسيحي. 

فهي تطلب من الله السماح كلما رددت جماهير بالميراس "المجد، المجد، هللويا، انه غابريل جيزوس" (نظرا لكون جيزوس بالبرتغالية تعني السيد المسيح).

- "كرة ذهبية" في ثلاث سنوات -

تنتظر جيزوس مهمة صعبة في انكلترا، حيث سيكون مضطرا لاثبات نفسه في دوري صعب لم يتقبل دوما اللاعبين القادمين من اميركا الجنوبية، على عكس نجاح هؤلاء في الدوري الاسباني او البرتغالي.

ولم يخف اللاعب في اوقات سابقة، سرعة تأثره العاطفي، اذ اجهش بالبكاء في تشرين الثاني/نوفمبر بعد تسجيله في مرمى اتلتيكو مينيرو، لتأثره بتسجيل هدفه الاول بعد انقطاع امتد... 8 مباريات.

الا ان ابن ساو باولو سيجد في مانشستر، المدينة الواقعة في شمال انكلترا والمعروفة بمناخها البارد، وجهين "دافئين" هما مواطناه فرناندو وفرناندينيو اللذان رحبا به مطلع كانون الاول/ديسمبر، وقاداه في جولة على منشآت النادي، وجمعاه على العشاء مع مدرب الفريق الاسباني جوسيب غوارديولا ومديره التقني تكسيكي بغريستاين.

وقال فرناندو في حينه ان جيزوس "لا يزال يافعا ويغادر البرازيل للمرة الاولى، لذا علينا ان نكون الى جانبه"، مؤكدا "سنكون قريبين منه الى اقصى حد ممكن، وهذا سيساعده على التأقلم".

الا ان ماميدي يبدو واثقا من نجاح تلميذه السابق، على اعتبار ان الظروف القاسية التي اختبرها في طفولته، جعلت شخصيته صلبة.

ويوضح "نشأ غابريال في حي فقير جدا ولهذا السبب لا يخاف"، مضيفا "سيتأقلم مع الطعام، مع الطقس البارد في مانشستر وكل شيء آخر".

ويضيف بثقة "سيفوز بالكرة الذهبية (التي تمنح لافضل لاعب في العالم) في غضون ثلاثة اعوام".