عاقبت رابطة الدوري الإيطالي لكرة القدم الخميس نادي إنتر بإقامة مباراتين على ملعبه دون جمهور، غداة يوم أسود بسبب الصيحات العنصرية تجاه مدافع نابولي السنغالي كاليدو كوليبالي ووفاة مشجع لإنتر في شغب تلا مباراة الفريقين.

وشهدت مباراة الفريقين ضمن المرحلة الثامنة عشرة على ملعب جوزيبي مياتزا (سان سيرو)، توجيه مشجعي المضيف "صيحات القردة" نحو الدولي السنغالي، وسط انتقادات من مدرب نابولي كارلو أنشيلوتي الذي أكد أن فريقه طلب مرارا وقف المباراة، من دون أن يتم التجاوب معه.

وفي بيانها، أوضحت الرابطة أن عقوبة المباراتين تفرض على خلفية "الصيحات المهينة ذات الطابع العنصري (...) تجاه كاليدو كوليبالي"، وأيضا على خلفية "صيحات ذات طبيعة مناطقية" بحق مشجعي نابولي.

كما فرضت الرابطة على إنتر خوض مباراة مع إغلاق جزئي للمدرجات.

ورد النادي ببيان أكد فيه أنه "منذ التاسع من آذار/مارس 1908 (تاريخ تأسيسه)، جسّد انتر الاندماج، الضيافة، والتقدمية"، وأنه لطالما رفض "أي شكل من التمييز".

أضاف "لهذا نجد أنفسنا ملزمين اليوم، مرة جديدة، التأكيد أن كل شخص لا يفهم أو يتقبل تاريخنا، تاريخ هذا النادي، ليس فردا منا".

وأثارت الصيحات انتقادات واسعة، ودفعت اللاعب الى الإعراب بعد المباراة عن فخره بلون بشرته.

وكتب كوليبالي باللغة الإيطالية على تويتر بعد المباراة "مستاء للخسارة وخصوصا التخلي عن إخواني (الطرد في الدقيقة 80). ولكنني فخور بلون بشرتي. بكوني فرنسيا، سنغاليا، ومن نابولي. بأنني رجل".

وطرد كوليبالي لتلقيه إنذارين متتالين، الأول لخطأ ارتكبه على المهاجم ماتيو بوليتانو، والثاني لمقابلته قرار الحكم باولو سيلفيو ماتزوليني بالتصفيق الهازئ. وكانت النتيجة حينها التعادل السلبي، قبل أن يقتنص البديل الأرجنتيني لاوتارو مارتينيز هدف الفوز في الدقيقة 90+1.

وأوضحت الرابطة في بيانها اليوم أن كوليبالي سيوقف مباراتين، الأولى على خلفية تراكم الانذارات، والثانية على خلفية سخريته من الحكم.

- سابقة مونتاري -

وحصل كوليبالي على دعم نجم يوفنتوس البرتغالي كريستيانو رونالدو الذي كتب الخميس عبر مواقع التواصل "لا للعنصرية وجميع الإهانات والتمييز العنصري".

وتعتبر "صيحات القرد" ظاهرة متكررة في كرة القدم الإيطالية، وسبق لكوليبالي نفسه أن كان ضحيتها في شباط/فبراير 2016، خلال مباراة ضد لاتسيو بالملعب الأولمبي في العاصمة.

وبدوره، عانى لاعب وسط يوفنتوس الدولي الفرنسي بليز ماتويدي من أحداث مماثلة مرتين، في كانون الثاني/يناير 2018 في المباراة ضد كالياري، وفي كانون الأول/ديسمبر 2017 على أرض هيلاس فيرونا.

&خلال موسم 2016-2017، ترك الدولي الغاني سولي علي مونتاري الذي كان يلعب وقتها مع بيسكارا، أرضية ملعب كالياري بعدما كان أيضا ضحية لهتافات عنصرية. وقد نال عقابا على تركه الملعب إنذارا ثانيا وأوقف مباراة واحدة، قبل أن يتم إلغاء العقوبة عند الاستئناف.

وواجه آخرون المصير ذاته، أبرزهم العاجي زورو، الغاني كيفن برينس بواتنغ، النيجيري أكيم أومولادي والكاميروني صامويل إيتو... الا أن هذه الممارسات لم تؤد الى فرض عقوبات صارمة.

وكان ماورو فاليري، مسؤول المرصد حول العنصرية ومكافحة العنصرية في كرة القدم، قد أكد لوكالة فرانس برس عقب قضية مونتاري في أيار/مايو 2017 "ليس هناك أي حادث تقريبا لا يفي للمعايير التي يجب توافرها كي تتم معاقبة الأندية. والعقوبات، وإن فرضت، فإنها مع وقف التنفيذ. إنه أمر مثير للسخرية".

- إدانات بالجملة -

والخميس، أكد عمدة ميلانو جوزيبي سالا أنه "خجِل" من الصيحات العنصرية لجماهير إنتر ميلان وتقدم "باعتذار" باسم مدينته لمدافع نابولي.

واعتبر سالا أن الصيحات "عار. عمل مشين"، مؤكدا أنه سيواصل مشاهدة مباريات إنتر "لكن عند الصيحات الأولى سأقوم بلفتة صغيرة. سأقف وأغادر (الملعب). سأقوم بذلك لنفسي، إدراكا مني أن أولئك الذين يطلقون الصيحات العنصرية تجاه رياضي أسود لا علاقة لهم برد فعلي".

وتابع "أعتذر لكاليدو كوليبالي، باسمي واسم ميلانو السليمة، التي تريد أن تظهر أنه بإمكاننا أن نشعر بأننا إخوة حتى في الأوقات الصعبة".

كما اقترح سالا أن يمنح إنتر ميلان في المباراة المقبلة شارة القائد لمدافعه الدولي الغاني كوادوو أساموا.

من جهته، اعتبر الهولندي مينو رايولا، وكيل الأعمال الجديد لكوليبالي، أنه "إذا لم تتمكن إيطاليا من التغلب على هذا السرطان، فليس لها مستقبل".

وأعلن الرئيس الجديد للاتحاد الإيطالي للعبة غابرييلي غرافينا "ندين جميع أشكال العنف، سواء كانت جسدية او لفظية، التمييز العنصري عامل خطير. لا نقبل ان يكون مثل هذا السلوك ضارا بكرة القدم"، معربا عن رغبته في تبسيط القوانين للسماح للحكام بوقف مباراة بسهولة أكبر.

وحصلت أحداث خطيرة أيضا خارج الملعب مساء الأربعاء وأدت إلى وفاة أحد مشجعي إنتر (35 عاما) صباح الخميس بعدما دهسته سيارة خلال هجوم لمئات الألتراس لإنتر ضد شاحنة صغيرة لمشجعي نابولي.

وبحسب محافظ شرطة ميلانو مارسيلو كاردونا وهو حكم سابق في الدرجة الثانية، فإن عشرات من ألتراس الإنتر، ولكن أيضا فاريزي ونيس (جنوب شرق فرنسا) شاركوا في هذا الهجوم "الحقير" الذي أصيب على إثره أربعة من أنصار نابولي.

وتم إلقاء القبض على ثلاثة من ألتراس الإنتر، وأعلن المحافظ أنه سيطلب منع تنقل جماهير إنتر حتى نهاية الموسم، وكذلك إغلاق لمدة 6 مباريات للمدرج الذي تجتمع فيه المجموعات الرئيسية لمشجعي نادي النيراتزوري.

وأعلن وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني أنه سيستدعي في كانون الثاني/يناير مسؤولي ومشجعي أندية الدرجتين الأولى والثانية.&

وشدد على أنه "من غير الممكن الموت من أجل مباراة كرة قدم"، دون الإشارة إلى الهتافات العنصرية تجاه كوليبالي.