لم تتأهل أوزبكستان الى كأس العالم في كرة القدم منذ سقوط الاتحاد السوفياتي عام 1990، الا ان أنظار مشجعيها ستكون شاخصة نحو مونديال روسيا 2018 لأنها ستتمثل بحكمها الشهير رافشان ايرماتوف، حامل الرقم القياسي في عدد المباريات التي قادها في النهائيات.

يشكل ايرماتوف نوعا من التناقض في عالم كرة القدم، فهو يحظى بمكانة البطل في أوزبكستان، البلد المنغلق في آسيا الوسطى والذي يبلغ عدد سكانه حوالى 30 مليون نسمة، لكن دون أي نتائج تذكر في عالم اللعبة.

إبن الـ40 عاما الذي اعتاد على قيادة المباريات المتواضعة للدوري الأوزبكستاني، يحمل الرقم القياسي بعدد المباريات التي قادها في نهائيات كأس العالم: تسع للرجل الذي يعتبر بين أفضل من ارتدى شعار الـ"فيفا".

ومن دون مفاجأة، وقع الخيار مجددا على ايرماتوف ليكون بين حكام مونديال روسيا. ودون أي مفاجأة ايضا، لن تكون اوزبكستان من المنتخبات الـ32 المشاركة في البطولة المقررة بين 14 حزيران/يونيو و15 تموز/يوليو.

ويعتبر ايرماتوف في حديث لوكالة فرانس خلال تحضيره لقيادة مباراة في الدوري المحلي بين ثالث ورابع الدرجة الأولى، أن بلاده "كانت قريبة في كل مرة من التأهل. هذه المرة، لم يختلف الأمر"، حيث تأهل المنتخب الى الدور النهائي الحاسم للتصفيات الآسيوية لكنه حل رابعا بفارق نقطتين فقط عن كوريا الجنوبية التي تأهلت كوصيفة للمجموعة الأولى.

وأكد ايرماتوف "شعبنا يحب كرة القدم، ورئيسنا الجديد جعل من تطوير كرة القدم أولوية. أنا واثق بأننا سنرى اوزبكستان قريبا في كأس العالم، ربما في قطر عام 2022".

- "في حلم" -

لن يكون مفاجئا رؤية ايرماتوف، الذي كان أصغر حكم في أول مشاركة له في النهائيات خلال مونديال جنوب افريقيا 2010، في مونديال قطر في حال حافظ على المستوى الذي أخرجه من آسيا الى العالمية قبل 8 أعوام حين عادل الرقم القياسي لأكبر عدد مباريات في نسخة واحدة من كأس العالم (5).

عندما اختير ايرماتوف لقيادة مباريات مونديال 2010، ومنها اللقاء الافتتاحي بين المضيف والمكسيك، كان حائزا جائزة أفضل حكم في آسيا لعامين تواليا، هو تقدير ناله ثلاث مرات اضافية في 2010 و2011 و2014.

لكن افتتاح مونديال 2010 ومباراة الدور نصف النهائي بين الاوروغواي وهولندا كانا من أفضل اللحظات العالقة في ذهن الحكم الأوزبكي الذي تحدث عن تلك التجربة، بالقول "أن تكون أصغر حكم في البطولة وأن يتم اختيارك لقيادة مباراة (الافتتاح) ينتظرها العالم طيلة أربعة أعوام، فهذا أمر مذهل. شعرت كأني في حلم، كنت في حاجة لأن يوقظني أحد ما".

أينما حل في العاصمة طشقند، يجد ايرماتوف نفسه أمام المعجبين الذي يلتقطون الصور معه، لكن هذه الشهرة لا تتناسب مع شخصيته المتواضعة والمحبة للعمل. 

مؤخرا وقبل مباراة من الدوري الأوزبكي بين بونيدكور وناد من بخارى، المدينة التاريخية في أوزبكستان، علا التصفيق عندما أعلن اسمه.

- "لا يجب أن يكون الحكم نجم المباراة" -

لم يكن المصير الحالي لايرماتوف ممكنا لولا تعرضه لإصابة انهت مسيرته كلاعب كرة القدم، وبمساعدة من القدر الذي وقف الى جانبه حين كان يساعد والده في مباراة لفئة الشباب.

يتحدث ايرماتوف عما حصل معه، قائلا "كان والدي مدربا للفريق وأنا كنت مساعده (بعد توقفه عن اللعب). قبل إحدى المباريات، تغيب الحكم المعين لقيادتها. أعطاني والدي صافرة وقال لي: +قدم أفضل ما تقدر عليه+".

وواصل "لم يكن في حوزتي أي بطاقة صفراء أو حمراء، لكنني استوعبت ما حصل. اكتشفت أني استمتع كثيرا بالتحكيم".

سيكون للمونديال الروسية أهمية خاصة بالنسبة لاوزبكستان بسبب حجم جاليتها في روسيا (نحو مليوني شخص)، وهو بُعد لم يغفل عنه ايرماتوف الذي راوده "الحلم" باختياره للمشاركة في كأس العالم للمرة الثالثة مباشرة بعد انتهاء مونديال البرازيل 2014.

وأوضح "كان علينا القيام بالكثير من التضحيات. العمل بجهد كبير في كل تمرين، وذلك من أجل هدف واحد: أن نذهب الى روسيا"، في اشارة منه ايضا الى مساعديه اللذين سيرافقانه الى نهائيات 2018.

وتابع "حقيقة أن العديد من الناس سيكونون هناك، يعني ذلك أنها فرصة خاصة لإسعاد مشجعينا".

لكن حتى لو كان مواطنوه بانتظاره في روسيا، فإن ايرماتوف سيبذل قصارى جهده للهروب من الأضواء خلال البطولة، كاشفا "لا ينبغي أن يصل الحكم الى أرض الملعب باحثا عن أن يكون نجم المباراة".

يضيف "مهمتنا في المقام الأول هي الحفاظ على صورة كرة القدم. طالما نحترم روحية هذه الرياضة ونحمي اللاعبين من الإصابة، سيحترمونك".