"نواصل سماع السؤال ذاته ونعطي الإجابة ذاتها"... هذا ما قاله جناح المنتخب الكرواتي ايفان بيريشيتش الأسبوع الماضي. في كل مرة يطل فيها لاعب كرواتي أمام وسائل الاعلام خلال كأس العالم لكرة القدم في روسيا، يدرك ان سؤالا سيطرح عليه بخصوص زميله لاعب الوسط لوكا مودريتش، وفي كل مرة تعكس الاجابة الاعجاب الذي يحظى به القائد في تشكيلة منتخب بلاده.

تدين كرواتيا بتأهلها الى نصف النهائي المقرر الأربعاء ضد انكلترا على ملعب لوجنيكي في موسكو، الى لاعب وسط ريال مدريد الاسباني البالغ 32 عاما والذي تألق في ربع النهائي ضد روسيا في سوتشي حيث اختير أفضل لاعب في المباراة، وهي جائزة نالها ثلاث مرات في المباريات الخمس التي خاضها المنتخب الكرواتي حتى الآن في مونديال 2018.

سجل مودريتش هدفين في المونديال الروسي، بينهما تسديدة رائعة في مرمى الارجنتين (3-0) في دور المجموعات، ومرتين في ركلات الترجيح ضد الدنمارك في ثمن النهائي وروسيا في ربع النهائي.

كانت برودة الاعصاب التي أظهرها صانع ألعاب النادي الملكي في ثمن النهائي ضد الدنمارك مثيرة للإعجاب، لاسيما وان الركلة الترجيحية التي سددها وسجلها في مرمى الحارس الدنماركي كاسبر شمايكل، أتت بعد وقت قصير من إضاعته في الدقائق الأخيرة للشوط الثاني الاضافي، ركلة جزاء كانت كفيلة على الأرجح بحسم نتيجة المباراة لصالح فريقه.

وبعدما ساهم في تتويج ريال مدريد بلقب دوري أبطال أورويا للمرة الرابعة في المواسم الخمسة الاخيرة بفوزه على ليفربول الانكليزي في كييف في أيار/مايو الماضي، سيكون مودريتش أبرز مرشح لنيل جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم، في حال تمكن من قيادة كرواتيا نحو المجد والتتويج بلقب كأس العالم للمرة الاولى في تاريخها.

ويقول المهاجم ماريو ماندزوكيتش الذي تزامل ومودريتش في دينامو زغرب قبل انتقال لاعب الوسط الى توتنهام هوتسبر الانكليزي ومنه الى ريال، "لقد عرفت لوكا منذ أعوام عدة، ليس فقط مع المنتخب الوطني".

أضاف "يستحق كل التنويه الذي يناله من وسائل الإعلام والمشجعين. لقد عمل جاهدا جدا للوصول إلى هذه النقطة (...) هو قائدنا، زعيمنا، نحن نتبعه، وإذا نجح الفريق في تحقيق نتيجة رائعة وحصل هو على الكرة الذهبية، سيكون مستحقا لها، وأنا أريدها له".

- خطوة إضافية -

بالنسبة لبلد مثل كرواتيا يبلغ عدد سكانه أكثر بقليل من أربعة ملايين نسمة، التواجد في الدور نصف النهائي لنهائيات كأس العالم هو إنجاز رائع.

كان ثمة احتمال ضئيل ببلوغهم هذه المرحلة لولا مودريتش، اللاعب القصير القامة ذو الوجه الطفولي، والذي اضطر حين كان فتى للفرار من قريته بعدما قتل جده على يد القوات الصربية في حرب الاستقلال.

لكن مودريتش هو في الوقت نفسه اللاعب الذي تضررت سمعته في بلاده قبل كأس العالم بسبب الشبهات التي حامت حوله بعد اتهامه من قبل القضاء بالادلاء بشهادة زور في إطار فضيحة فساد تهز كرة القدم الكرواتية وتتعلق بالمدير التنفيذي السابق لنادي دينامو زغرب زدرافكو ماميتش الذي حكم عليه بالسجن لستة أعوام ونصف عام بسبب الفساد والتهرب الضريبي والغش في انتقالات اللاعبين حين كان في منصبه بين 2003 و2016.

على رغم مشاكله خارج الملعب، كان مودريتش قائدا رائعا على المستطيل الأخضر، وساهم في تكرار إنجاز جيل أواخر التسعينيات الذي بلغ دور الاربعة لمونديال فرنسا 1998 قبل ان يخرج على يد منتخب البلد المضيف وينهي البطولة في المركز الثالث، في أول مشاركة لكرواتيا كدولة مستقلة.

يتطلع أفراد هذا الجيل للوصول الى أبعد مما حققه دافور شوكر وزملاؤه، لكن مجرد بلوغ هذا الدور يعد مصدر فخر كبير لكرواتيا.

كان مودريتش دائما في الواجهة خلال خيبات الامل السابقة للمنتخب الوطني الكرواتي، أبرزها إهداره ركلة جزاء ترجيحية أمام تركيا في الدور ربع النهائي لكأس أوروبا عام 2008. قبل عامين خرجوا من الدور ذاته في كأس أوروبا 2016 بخسارتهم بهدف في الدقيقة 117 من الوقت الاضافي أمام البرتغال التي توجت لاحقا باللقب القاري الاول في تاريخها.

وقال مودريتش بعد الفوز على روسيا السبت "سلكنا طريقا صعبة. لم نكن محظوظين في البطولات السابقة لكننا الان نحصل تلك الديون هذا العام".

تكمن أكبر علامة استفهام الآن حول اللياقة البدنية للمنتخب الكرواتي الذي قطع مسافات طويلة في مباراتيه الأخيرتين اللتين حسمتا بعد استنفاد الوقت الاضافي واللجوء الى ركلات الترجيح، بالاضافة الى ان العديد من اللاعبين عانوا من إصابات وصعوبات بدنية ضد روسيا.

ولكن إذا استطاع مودريتش تنشيط نفسه للتحكم بمباراة أخرى ضد إنكلترا، ستبقى حظوظهم قائمة لبلوغ المباراة النهائية.

وقال مودريتش "نأمل في ان نذهب أبعد مما حققه جيل 1998. لدينا كل ما نحتاج اليه للقيام بذلك، منتخب رائع وجهاز فني رائع".