رغم قوة المنافسات في الدوريات الأوروبية الخمسة الكبرى إلا ان ذلك لم ينعكس على تنوع و تعدد أبطال المسابقة بعدما بقيت نفس الأندية تهيمن على منصات التتويج بنهاية كل موسم.

وشكل الدوري الإنكليزي الاستثناء الوحيد بين الدوريات الكبرى في "القارة العجوز" ، بعدما اصبح اللقب محجوزا سلفاً لأغلب الأبطال ، فيما تراجعت بقية الأندية وباتت تتنافس على لقب الوصافة و المراكز المؤهلة لإحدى المسابقتين القاريتين .

هذا وانتقل أبطال الدوريات الأوروبية الكبرى من مرحلة تحقيق اللقب المحلي، إلى مرحلة كسر الارقام القياسية التاريخية التي استعصت عليهم سابقاً، مع حرصهم على تسجيل أرقام غير مسبوقة سواء في عدد الانتصارات او الرصيد التهديفي والنقطي.

وهكذا نجحت ثلاثة أندية في الفوز بلقب الدوري في بلادها لسبعة مواسم خلال السنوات العشر الماضية ليبقى الدوري الإنكليزي الوحيد الذي خرج عن النص الأوروبي.

الدوري الإيطالي

فرض يوفنتوس سيطرته المطلقة على لقب البطولة منذ إنجازه التاريخي موسم (2011-2012) عندما نال اللقب دون خسارة ، مكرراً بذلك إنجاز غريمه أي سي ميلان عام 1992.

واستغل يوفنتوس تراجع غريميه أي سي ميلان و إنتر ميلان ونابولي ليفوز باللقب الثامن على التوالي.

ومنذ تأسيس بطولة الدوري الإيطالي لم ينجح أي بطل في فرض هيمنته مثلما فعل يوفنتوس حالياً في سيناريو يعكس تراجع الندية والمنافسة في ظل الفوارق الشاسعة بينه و بين بقية الأندية من حيث التركيبة البشرية والموارد المالية.

وكان أي سي ميلان آخر فريق توج بلقب الدوري الإيطالي وذلك عام 2011 وقبله إنتر ميلان على مدار ستة مواسم بعدما استفاد من &العقوبات التي سلطت على يوفنتوس في قضية تورطه في التلاعب بنتائج المباريات، قبل ان يفرض أبناء "السيدة العجوز" أنفسهم أبطالاً دون منازع مستفيدين من التعاقدات التي قامت بها إدارة النادي للحفاظ على عرشهم للكرة الإيطالية، وأصبح يضمون في صفوفهم ألمع الاسماء بداية من الفرنسي بول بوغبا والأرجنتيني كارلوس تيفيز واندريا بيرلو ونهاية بالبرتغالي كريستيانو رونالدو و البوسني ميراليم بيانيتش والإيطالي ليوناردو بونوتشي و غيرهم .

الدوري الألماني

يتراجع بايرن ميونيخ ثم يعود اكثر سرعة ، ويسقط ثم ينهض اكثر قوة ليفرض اسلوبه وسيطرته على مجريات البطولة ، مما جعله يحتكر منصة التتويج منذ موسم ( 2012-2013) حيث نال اللقب سبع مرات في السنوات العشر الأخيرة ، منها ست مرات متتالية منذ عام 2013 .

ورغم المنافسة القوية التي يواجهها هذا الموسم من قبل غريمه التقليدي بروسيا دورتموند ، إلا ان حسم البافاري لموقعة "الكلاسيكو" بخماسية نظيفة جعل فرصته في الاحتفاظ باللقب اكبر من فرصة دورتموند في إنهاء الهيمنة البافارية واستعادة العرش الألماني.

وكان دورتموند آخر بطل (غير البايرن) قد توج بلقب الدوري ، وكان ذلك في عام 2012 قبل ان تتراجع نتائجه أثر رحيل ابرز نجومه عن الفريق مثل ماتس هوملز و روبرت ليفاندوفسكي و بيير-إيميريك أوباميانغ ، مع الإشارة الى أن بعضهم انتقل إلى بايرن ميونيخ مما زاد من حظوظه في الفوز باللقب المحلي.

واثبتت مجريات منافسات الدوري الألماني خلال المواسم السبعة الماضية، صعوبة منافسة بايرن ميونيخ على لقب البطولة بسبب الفوارق الكبيرة بينه وبين بقية الأندية ، خاصة بعدما لجأ إلى سياسة التعاقد مع النجوم الذين يلمعون في البطولة، وفرض سيطرته على سوق الانتقالات المحلية، مما مكنه من الهيمنة على الألقاب المحلية مستفيداً من الاستقرار الذي ينعم به على كافة المستويات.

الدوري الإسباني

حاول قطبا العاصمة الإسبانية ريال مدريد واتلتيكو مدريد إنهاء احتكار غريميهما برشلونة على عرش الدوري ، إلا انهما فشلا في ذلك باستثناء ثلاثة مواسم فقط ، بينما بقية المواسم السبعة كان التتويج فيها كتالونيا.

وفرض برشلونة سيطرة شبه مطلقة على المنافسات المحلية منذ مجيء المدرب الإسباني بيب غوارديولا في موسم (2008-2009) ، حيث أحرز لقب الدوري الإسباني سبع مرات، بينما ناله ريال مدريد مرتين عامي 2012 و 2017 ، فيما ناله أتلتيكو مدريد مرة واحدة عام 2014 ، فيما يتجه برشلونة ليفوز بلقبه الثامن هذا الموسم بعدما ازاح غريميه من طريقه مبكراً.

واستفاد برشلونة من عوامل كثيرة للسيطرة على مسابقة "الليغا" على رأسها تواجد نجمه و هدافه الأرجنتيني ليونيل ميسي ، كما استفاد ايضا من تحقيقه بداية وإنطلاقة قوية مع كل موسم في وقت ظل غريماه يسجلان نتائج سلبية تبعدهما عن الصدارة مبكراً ، كما نجح الكتالونيون في تحقيق تفوق واضح على المدريديين في المواجهات المباشرة.

كما استفاد برشلونة من تركيز غريمه الأساسي ريال مدريد جهوده على مسابقة دوري أبطال أوروبا التي جعلته يفرط في المسابقتين المحليتين (الدوري والكأس ) ، ففاز باللقب القاري اربع مرات خلال نفس الفترة التي كان فيها برشلونة يحتكر لقب الدوري المحلي.

الدوري الفرنسي

لا صوت يعلو فوق صوت باريس سان جيرمان منذ ان انتقلت ملكيته إلى القطريين في عام 2011 فأصبح محتكراً لقب البطولة ، حيث ناله ست مرات حتى الآن ، و لم يتركه سوى في 2012 لصالح نادي ليل و في 2017 لصالح نادي موناكو.

واستفاد باريس سان جيرمان من الأموال التي تدفقت على حسابه للقيام بتعاقدات كبيرة مع افضل اللاعبين في وقت تخوض بقية الاندية المنافسات بلاعبين صاعدين او مغمورين مما جعل الفجوة بينه و بين بقية الأندية تتسع، لدرجة اصبح متهما بقتل المنافسة ، وهو ما انعكس سلبياً على منافسات البطولة بعدما اصبح تتويج أحد الأندية الاخرى بلقب الدوري مهمة شبه مستحيلة .

و الحقيقة ان لقب الدوري الفرنسي ومنذ عام 2012 اصبح يحسم في سوق الانتقالات و ليس على أرضية الملعب ، ففي وقت يقوم باريس سان جيرمان بتعزيز صفوفه بألمع النجوم، فإن بقية الأندية تضعف صفوفها من خلال تسريحها لنجومها لمعالجة الديون المتراكمة عليها.

الدوري الإنكليزي

شكلت الاستثناء بين بقية الدوريات الأخرى ، حيث أن احتفاظ البطل بلقبه أصبح مهمة مستحيلة خلال السنوات العشر الماضية ، ومنذ تحقيق مانشستر يونايتد للقب البطولة في عام 2009 &، فإن كأس البطولة عرفت تداولاً بين كبار الأندية ، حيث عرفت صعود أربعة ابطال هم مانشستر يونايتد (ثلاث مرات ) وتشيلسي (ثلاث مرات) و مانشستر سيتي (ثلاث مرات) و ليستر سيتي (مرة واحدة) ، فيما يأمل ليفربول ليكون البطل الخامس للمسابقة في ظل فارق النقطة التي تفصله عن المتصدر مانشستر سيتي.

هذا وانعكست المنافسة القوية بين كبار الأندية الإنكليزية في سوق الانتقالات ، مما انعكس إيجاباً على المنافسة بينهما في الملاعب ، بعدما تمكن كل فريق من إمتلاك تشكيلة جاهزة ومؤهلة لخوض منافسات البطولة، خاصة ان فرق المقدمة تحافظ على الفارق الضئيل بينها في النقاط مما يمنح الفرق الأخرى الفرصة لتدارك تأخرها.
&