الدوحة: مع كلّ زيارة إلى مجلس جدّه الكائن في منطقة "الهتمي القديم" في الدوحة، يتأمل يوسف الذوادي الصورة الجماعية لفريق العربي مع كأس أمير قطر عام 1978 والتي حرصت العائلة على إبقائها في مكانها، فيما يستعد "نادي الشعب" لخوض نهائي الجمعة ضد السد القوي على استاد الريان المونديالي باحثا عن لقبه الاول منذ 1993.

"الحمد لله أنني لحقت على كم بطولة". بضحكة مغلّفة بالسخرية، يعلّق الموظف البالغ 39 عاما على طول السنوات القاسية "بسبب عدم الاستقرار الاداري وكثرة الأطراف داخل النادي".

برغم استعانته مطلع القرن الحالي بنجوم عالميين، تصدّرهم المهاجم الأرجنتيني غابريال باتيستوتا (نال لقب هداف الدوري في موسم 2003-2004) والدولي الألماني السابق شتيفان إيفنبرغ، دخل العربي في رحلة قاسية وسنوات عجاف على مستوى المسابقة التي تُصنف بأنها "الأغلى" في قطر.

يوسّع عبد الله السادة (47 عامًا) دائرة المسؤولية "الجميع يتحمّلها، بدءًا من الجمعية العمومية الى أصغر عامل في النادي".

يجزم السادة (موظف علاقات عامة) بأن ناديه كان الأكثر تغييرًا للمدربين في السنوات الماضية، لكنه لا يُخفي تفاؤله في النهائي "لأن مباريات الكؤوس تختلف عن مباريات الدوري، شرط عدم التأليف من المدرب (الايسلندي هيمير هالغريمسون)، واحترام السد وقيمته الفنية".

خطة طموحة

عندما أحرز العربي آخر ألقابه في 1993، لم يكن عُمر رئيسه الحالي الشيخ تميم بن فهد آل ثاني يتجاوز العام الواحد، لكن فريق "الأحلام" يبحث عن نسيان كوابيسه في السنوات الأخيرة.

بعد أيام من استلامه مهامه مطلع أيلول/سبتمبر الماضي واضعًا نهاية لحالة من التجاذبات الداخلية التي عاشها النادي الشعبي الكبير، تأهل العربي إلى النهائي للمرة الاولى منذ 1994.

في حديث لوكالة فرانس برس، يقول بن فهد الذي يطمح فريقه لاحراز لقب ثامن مقابل 16 للسد، إن المنافسة في المسابقات "تدعم خطتنا الطموحة لإعادة العربي إلى الواجهة ومنصات التتويج".

يختصر الرئيس الشاب، حكاية جيله وروايات أجيال أخرى، وُلِدت وترعرعت على عشق العربي الذي يتقاسم مع نادي الريان الشعبية الأكبر في البلاد.

يرجع تأسيس العربي الذي ينتمي جغرافيًا إلى منطقة شرق في العاصمة الدوحة، إلى العام 1952 نتيجة اندماج ناديي الوحدة والتحرير.

أنعش تأهله إلى النهائي المؤهل لحامِل لقبه إلى دوري أبطال آسيا، ذكريات تسعينيات القرن الماضي، حين أحرز لقبه الأخير على حساب السد في 1993 قبل أن يسقط بعدها بعام أمام "الزعيم".

وما يُضاعف من شغف جماهير "نادي الشعب"، بأن تكون شاهدة على عودة الألقاب، السماح بحضور 20 ألف متفرج من جماهير الطرفين، وسط إجراءات احترازية مشددة في إطار التصدي لجائحة كورونا.

يتابع بن فهد أن العربي "يمتلك بصورة عامة لاعبين مواطنين شبان وصاعدين على مستوى جيد، ويملك أيضًا عددًا من العناصر في المنتخبات الوطنية، وهذه كلها أمور إيجابية وتعطينا بوادر مبشرة للاستمرار والصبر على هذا المشروع".

شعورٌ لا يوصف

يحبس رائد يعقوب، أحد نجوم الحقبة الذهبية لفريق الأحلام، دموعه عند وصف شعوره ببلوغ العربي للمباراة النهائية، مشيرًا إلى أنه استعاد في لحظة الفوز على المرخية في نصف النهائي، تلك اللحظات الجميلة التي كان يعيشها مع الجيل السابق.

وبحسرة كبيرة، يتحدث يعقوب عن المعاناة التي رافقت النادي ما يزيد عن عقدين بسبب غياب البطولات عن خزائنه المُرصعة بـ7 ألقاب في بطولة الدوري، 8 في كأس الأمير، ولقب وحيد في كأس ولي العهد.

يرفض يعقوب (47 عامًا) إلقاء كل اللوم على الإدارات السابقة، فيتحدث عن "غياب النجوم، ودخول أندية حديثة على الساحة بعد صعود لخويا والجيش (دُمجا لاحقًا تحت مسمى الدحيل)، إضافة إلى تكدس اللاعبين الجيدين في ناديين فقط هما السد والدحيل.. ما خلق فارقًا شاسعًا بينهما وبين الأندية الأخرى"، مضيفًا "حتى الغرافة اختفى .. وغاب عن الألقاب"!

ويدعو "ليبرو" العربي ومنتخب العنابي سابقًا، إلى دعم النادي كونه صاحب جماهيرية كبيرة، ليس فقط في قطر بل على مستوى العالم العربي، لافتًا إلى أن معظم الأندية الجماهيرية في الدول الأخرى تنافس في البطولات الخليجية والقارية باستثناء قطر.

وعلى الرغم من سيطرة العربي على البطولات في مختلف الألعاب الجماعية المحلية هذا الموسم، إلا أن التألق في الطائرة والسلة واليد لن يكون شافيًا لغليل جماهيره التي تنظر إلى كرة القدم بوصفها درة التاج، وتُنشِد بشغف أولى الألقاب الكروية الرسمية بعد غياب 23 عامًا.

لكن الجماهير العرباوية تتخوف من مواجهة متصدر الدوري بفارق 19 نقطة عن فريقها بعد مرور تسع جولات، إذ تجرع العربي المهدد بالهبوط خسارته الخامسة أمام الدحيل الأحد الماضي بثنائية نظيفة.