طوكيو : ستكون الأنظار شاخصة في أولمبياد طوكيو على بعض الرياضيّين العمالقة الشبّان مثل السبّاحة الأميركية كايتي ليديكي التي حطمت 14 رقمًا قياسيًا عالميًا قبل الوصول إلى عامها الحادي والعشرين، وما زالت تحتفظ بثلاثة منها في عامها الرابع والعشرين. لكن هناك بعض الرياضيين الذين يستحقّون التقدير ليس بسبب إنجازاتهم الرياضيّة، بل بسبب تخطيهم عائق السن من أجل يكونوا جزءا من الحدث.

فمن الرامي السويدي أوسكار سواهن الذي شارك في أولمبياد 1920 حين كان يبلغ 72 عامًا و281 يومًا وتُوج بالذهب عام 1912 حين كان يبلغ 64 عامًا و280 يومًا، إلى الفارسة الأسترالية ماري هانا التي تشارك في ألعاب طوكيو وهي في السادسة والستين من عمرها، ما يجعلها الأكبر سنًّا في الألعاب الحالية المؤجّلة من الصيف الماضي بسبب فيروس كورونا.

قد تكون هانا التي تشارك في الأولمبياد السادس لها، أكبر الرياضيين سنًّا في طوكيو 2020 وثاني أكبر رياضيّة في التاريخ الأولمبي بعد الفارسة البريطانية لورنا جونستون التي شاركت في ألعاب 1972 وهي في السبعين من عمرها، لكنّهما أصغر من الفارس الياباني هيروشي هوكيتو الذي شارك في ألعاب لندن 2012 وهو يبلغ 71 عامًا و71 يومًا.

وكانت المشاركة الأولمبية الأولى لهوكيتو في ألعاب 1964، في حين أنّ هانا خاضت غمار الألعاب للمرّة الأولى عام 1996 في أتلانتا.

وللفروسية حصّة الأسد في طوكيو 2020 من حيث الرياضيين المخضرمين، إذ هناك أيضًا الأسترالي أندرو هوي الذي يخوض الألعاب الأولمبية الثامنة له عن 62 عامًا، والنروجي غير غوليكسن (61) والمغربي عبد الكبير ودار (59) والأميركي فيليب داتون (57).

بالنسبة لهوي فإن "تمثيل أستراليا على المستوى الدولي لهذه الأعوام الطويلة، كان أكبر امتياز وشرف في حياتي" بحسب ما أفاد بعد ضمان مشاركته في الأولمبياد الياباني.

وخاض البطل الأولمبي ثلاث مرّات مشاركته الأولى عام 1984 في لوس أنجليس، وكانت مشاركًا في الألعاب منذ حينها باستثناء نسختي 2004 في أثينا و2016 في ريو.

التحدي الأصعب بين المخضرمين

وهناك رياضيون مخضرمون آخرون بعيدًا عن الفروسية، مثل سانتياغو لانغي (59) من فريق الإبحار الأرجنتيني، الرامي التايلاندي سافاتي سريسثابورن (58)، لاعبة كرة الطاولة اللوكسمبورغية من أصل صيني ني شياليان (58)، الرامي الكويتي عبد الله الرشيدي (57)، وإنريكي فيغيروا (57) من فريق الإبحار البورتوريكي.

إنّ تواجد هانا أو هوي وغوليسكن وغيرهم من مخضرمي الفروسية والرماية والإبحار يعتبر إنجازًا من دون أدنى شك، لكن الانجاز الأكبر هو للكازاخستانية أوكسانا تشوسوفيتينا لأن هذه الرياضيّة تشارك في أكثر الألعاب تطلبًا من الناحية البدنية، والحديث هنا عن الجمباز.

وكانت تشوسوفيتينا في أولمبياد ريو 2016 أكبر لاعبة جمباز في تاريخ الألعاب الأولمبية، وما يؤكد أهميّة ما تقوم به هو أنّ نظيرتها في المنتخب الأميركي آلي رايزمان كانت قبل خمسة أعوام في الأولمبياد البرازيلي ملقّبة بـ"الجدة" رغم أنّها لا تتجاوز الثانية والعشرين من عمرها، وذلك لأنّ الجمباز هي رياضة اليافعين واليافعات بامتياز نظرًا للمتطلّبات البدنية الخاصة التي يحتاج إليها الرياضي.

والآن تخوض تشوسوفيتينا الألعاب الأولمبية للمرة الثامنة عن 44 عامًا في مسيرة قادتها لتمثيل ثلاثة بلدان مختلفة لأنّها بدأت مشوارها وهي تدافع عن ألوان الإتحاد السوفياتي ثم بعد انهيار الأخير مثّلت في أولمبياد برشلونة 1992 رابطة الدول المستقلة التي كانت فريقًا موحدًا مكونًا من دول الإتحاد السوفياتي سابقًا، ثم أوزبكستان اعتبارًا من 1993.

وقالت تشوسوفيتينا التي تملك ذهبية أولمبية نالتها في مشاركتها الأولى عن مسابقة الفرق في أولمبياد برشلونة 1992، أي قبل خمسة أعوام من ولادة نجمة اللّعبة حاليًّا الأميركية سيمون بايلز، لوكالة فرانس برس في مقابلة أجريت معها عام 2020 "أعشق الجمباز. قلت لنفسي: لما لا أتمرّن وأنافس طالما أنا قادرة على ذلك. إذا اعتزلت، فأعتقد أني سأندم على ذلك كثيرًا".

وفيما تشتعل رغبة المنافسة بداخلها، قالت تشوسوفيتينا أنها وعدت عائلتها التي وصفتها بـ"الدافع الأقوى" بأن طوكيو 2020 سيكون الأولمبياد الأخير لها.

في بكين 2008 توّجت بفضيّة حصان القفز، حيث كانت تمثّل ألمانيا إثر انتقالها هناك عام 2002 لعلاج ابنها أليشر من سرطان الدم والذي أثبت نجاعته.

وستكون طوكيو 2020 النسخة الأولمبية الخامسة التي تمثل فيها أوزبكستان الواقعة في وسط آسيا والبالغ عدد سكانها 33 مليون نسمة، حيث تحظى بتقدير كبير لدرجة ظهرت صورتها على طوابع البريد.

قالت تشوسوفيتينا لوكالة فرانس برس خلال استراحة بين تمارينها أنّ ابنها أليشر البالغ راهنًا 20 عامًا هو من أقنعها بوضع حد لمسيرتها الدولية "يقلق كثير بشأني، بأن أتعرض لإصابة أو أمرض".

تبقى لحظتها الأولمبية المفضّلة عند عودتها من بكين حيث صعدت على المنصّة مع منافسات من الصين وكوريا الشمالية تصغرانها بأكثر من عشر سنوات.

تذكّرت "عندما عدت أبلغني الاطباء بأنّ ابني سيكون أخيرًا بصحة جيدة. بالنسبة للأم فهذا الخبر لا يمكن مقارنته بأيّة ميدالية".

مصدر إلهام

استمرارية تشوسوفيتينا على المستوى الرياضي الإحترافي قد لا تكون بالغة الأهمية بالنسبة للنجمة الأوزبكية، لكنّها مصدر إلهام مستمر للاعبات شابات يتدربن معها في مركز الجمباز الجمهوري في العاصمة طشقند.

ترى مدربتها ليودميلا لي "هي بالفعل رياضية عالية المستوى. تعرف جسدها وقدراته. وظيفتنا الوحيدة أن نساعدها على البقاء في هذا المستوى".

تركّز تشوسوفيتينا راهنًا على ألعاب طوكيو، لكن لديها الكثير من الخطط بعد الإعتزال.

الأولى هي إنشاء أكاديمية جمباز في طشقند لصناعة الجيل القادم من لاعبي الجمباز الأوزبك.

والأخرى هي نقل حصان القفز والعارضة إلى "عرض جمباز مسرحي" تأمل في أن يكون وداعًا مناسبًا لمسيرتها الإحترافية وطريقة لرفع شعبية الرياضة محليًّا.

وقالت لفرانس برس "أريد من شعبي أن يحب الجمباز، واكتشاف مدى جماله. عندما يرى الناس (العرض) سيسارعون لتسجيل أولادهم في صفوف الجمباز".