مانشستر (المملكة المتحدة): يعود الحارس الإسباني دافيد دي خيا إلى المدينة والنادي اللذين نشأ فيهما عندما يحل مانشستر يونايتد على أتلتيكو مدريد الأربعاء في ذهاب الدور ثمن النهائي من دوري أبطال أوروبا، إلا أن حامي العرين لا يخفي أنه وجد ضالته في إنكلترا بعيدًا عن مسقط رأسه.

على ملعب "واندا ميتروبوليتانو"، يلتقي عملاقان في الكرة الأوروبية خفت وهجهما القاري في السنوات الأخيرة.

يواجد يونايتد تحديًا صعبًا للبقاء بين كبار القارة الموسم المقبل في ظل معركة شرسة على آخر المراكز المؤهلة إلى دوري الأبطال في بطولة إنكلترا، ويقف على بُعد 17 نقطة من غريمه وجاره اللدود مانشستر سيتي المتصدر، كما ودّع مسابقتي الكأس المحليتين. لذا يشكل دوري الأبطال فرصته الوحيدة لإنهاء عجاف ألقاب يمتد لقرابة خمسة أعوام.

ليست المرة الأولى منذ انتقاله من نادي العاصمة الإسبانية إلى مانشستر قبل 11 عامًا، التي يرتقي فيها دي خيا إلى مستوى التحدي في فريق يعاني من مشاكل مستمرة.

واقِعُ أنه قام بـ96 تصديًا في الدوري الإنكليزي الممتاز هذا الموسم، على بُعد مسافة كبيرة من أقرب حارس له، هو دليل واضح وصريح على كل من مستواه الشخصي المميز وفشل يونايتد كفريق في حماية مرماه.

كما أن الإحصاءات تشير إلى أن دي خيا جنّب دخول مرماه 10 أهداف إضافية متوقعة في 26 مباراة في الدوري، وهو أعلى معدل لحراس المرمى في الدوريات الأوروبية الخمسة الكبرى.

جائزة أفضل لاعب

مع نهاية الموسم الماضي، بدا وكأن العودة إلى الأداء الخارق الذي سمح له بالفوز بجائزة أفضل لاعب في النادي خلال أربعة من أصل خمسة مواسم بين 2014 و2018، ستكون مستحيلة.

حتى أن مركزه كالحارس الأول في الفريق كان في خطر بعد أن خاض الحارس الثاني دين هندرسون معظم مباريات الدوري مع نهاية موسم 2020-2021.

خاض هندرسون أربع مباريات في الدورين الـ32 والـ16 من الدوري الأوروبي "يوروبا ليغ" بعد خروج الفريق من دور المجموعات لدوري الأبطال، قبل أن يستعين المدرب النروجي آنذاك أولي غونار سولشاير بدي خيا اعتبارًا من الدور ربع النهائي.

في النهائي أمام فياريال الإسباني، كان اللاعب الوحيد من أصل 22 الذي فشل في ترجمة الركلة الترجيحية ليخسر يونايتد 11-10 ويضيّع فرصة لقب أول في أربع سنوات منذ تتويجه بالبطولة ذاتها في 2017.

رغم خيبة الأمل، كانت هناك علامات لتطوّر طفيف مع حلول الشياطين الحمر في المركز الثاني في الدوري خلف مانشستر سيتي.

منحت عودة النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو إلى الفريق بعد 12 عامًا من رحيله إلى ريال مدريد، بالإضافة إلى التوقيع مع الجناح الصاعد جايدون سانشو والمدافع الفرنسي المخضرم رافايل فاران خلال صيف 2021، الآمال بإمكانية المنافسة على لقب الـ"برميرليغ" للمرة الأولى منذ رحيل المدرب الأسطورة الإسكتلندي السير ألكس فيرغوسون.

إلّا أنّ دي خيا، اللاعب الوحيد الذي لا يزال في الفريق منذ آخر لقب للفريق في الدوري عام 2013، هو فقط مَن يقدّم أداء على مستوى يليق بالأبطال.

"محبوب ومرحب بي"

خلال أحد عشر عامًا، اكتفى النادي الذي يعتبر نفسه الأكثر انتشاراً في العالم محلياً بلقب واحد في الدوري، مثله في الكأس وكأس الرابطة.

ومع ذلك، لم يُظهر دي خيا (31 عامًا) أي بُغض أو مرارة لما كان يمكن لخزائنه أن تمتلئ لو نجح انتقاله إلى ريال مدريد في الموسم ذاته الذي بدأ فيه الأخير سلسلة من ثلاثة ألقاب تواليًا في دوري الأبطال.

بعد أسابيع من المفاوضات مع النادي الملكي، تم التوصل أخيرًا إلى اتفاق في اليوم الأخير من سوق الانتقالات لانتقال الحارس إلى ريال في آب/أغسطس 2015، لكن الصفقة فشلت بعدما وصلت الوثيقة المرسلة بالفاكس لتأكيد إنجاز الانتقال، بعد دقائق معدودة من نهاية الوقت الرسمي.

بدلاً من الانتظار لحدوث صفقة أخرى ناجحة، جدّد دي خيا منذ حينها عقده مرتين مع يونايتد، وأصبح بموجب العقد الأخير الذي وقعه في 2019 ويمتد حتى 2023 حارس المرمى الأعلى دخلا في العالم.

قال في حديث مع الموقع الرسمي للاتحاد الأوروبي لكرة القدم (ويفا) هذا الأسبوع "أشعر الآن وكأنني من مانشستر".

وتابع "المكان الذي أنت محبوب فيه ومرحب بك هو منزلك. أنا هنا منذ سنوات عدة، ومما لا شك فيه أن أي شيء قد يحصل في الحياة وفي عالم كرة القدم، ولكن صراحة لا أرى نفسي خارج مانشستر يونايتد".

ربما لعبت الانتقادات اللاذعة في إسبانيا التي تعرض لها خلال كأس العالم 2018 دورًا في هذا التفكير عن رغبته في البقاء في إنكلترا. إذ خاض آخر مباراة دولية مع المنتخب منذ قرابة العامين.

ولكن في عام سيشهد نهايته على نسخة جديدة من كأس العالم، سيحاول حتمًا استغلال المواجهة في العاصمة الإسبانية ليؤكد أنه يجب أن يكون الحارس الأول في منتخب "لا روخا".

ولن يكون من المفاجئ أن يجعل دفاع يونايتد أمسيته مرهقة.