في صباحٍ لا يُنسى، وتحت أنظار الباريسيين والعالم، نفذت عمدة باريس، آن إيدالغو، وعدها الجريء بالسباحة في نهر السين. هذه الخطوة، التي انتظرها الجميع بفارغ الصبر منذ إعلانها في كانون الثاني (يناير) الماضي، جاءت قبل تسعة أيام فقط من افتتاح أولمبياد 2024.
إيدالغو، التي تحدت الزمن والظروف، اختارت جزءاً من النهر بجوار قاعة البلدية وكاتدرائية نوتردام، لتظهر للعالم تحسن نظافة النهر، والتي تعد جزءاً من مشروع ضخم بدأ منذ عام 2015. انضم إليها في هذه اللحظة الحاسمة توني إستانغيه، رئيس اللجنة المنظمة للألعاب الأولمبية، ومحافظ منطقة باريس مارك غيوم، ليشكلوا جميعاً لوحة من التعاون والتفاؤل بمستقبل نظافة نهر السين.
هذه اللحظة الاستثنائية تأتي في إطار جهود استثمارية هائلة بلغت نحو 1.5 مليار دولار، لتحضير النهر للألعاب الأولمبية وضمان حصول الباريسيين على نهر نظيف في المستقبل. تشمل هذه الجهود بناء حوض عملاق لتخزين المياه الجوفية، وتجديد البنية التحتية للصرف الصحي، وتحديث محطات معالجة مياه الصرف.
تاريخ نهر السين مع السباحة كان مليئاً بالعقبات، إذ كانت السباحة محظورة منذ أكثر من قرن، رغم الوعود المتكررة من السياسيين بتحسين الأوضاع. وعد الرئيس السابق جاك شيراك عام 1988، عندما كان عمدة باريس، لم يتحقق قط. لكن إيدالغو اليوم أثبتت أن التغيير ممكن.
تجدر الإشارة إلى أن وزيرة الرياضة الفرنسية، أميلي أوديا كاستيرا، كانت قد سبحت في النهر قبل أيام، مرتدية سترة غطت كامل جسدها. وكان من المفترض أن تسبح إيدالغو في يونيو، لكن الانتخابات التشريعية المبكرة أجلت هذا الحدث.
رغم المخاوف المستمرة بشأن مستويات التلوث في نهر السين، تؤكد مجموعة المراقبة "أو دو باريس" إجراء اختبارات يومية لضمان جودة المياه. ورغم النتائج السلبية مطلع يونيو التي أظهرت وجود مستويات غير آمنة من بكتيريا الإشريكية القولونية، تم تنفيذ عمليات تحسين نظافة إضافية لضمان سلامة المشاركين والجمهور.
من المقرر أن يستضيف نهر السين العديد من منافسات السباحة في المياه المفتوحة خلال الأولمبياد، بما في ذلك ماراثون السباحة وسباقات الترياتلون الأولمبية والبارالمبية، مما يجعل هذه الخطوة الجريئة لإيدالغو إشارة لبداية جديدة ومشرقة لنهر السين والعاصمة الفرنسية.
التعليقات