بيروت:يبدو أن أزمة السوق الغنائية مستمرة وتلقي بظلالها على الجميع كبارًا وصغارًا، فبعد أن فاجأتنا الفنانة نجوى كرم بأغنية منفردة جديدة طرحتها قبل أيام من quot;إنتاجهاquot; الخاص، وبعد أن إكتفت أصالة بالتعاقد مع ميلودي على توزيع البومها المقبل، الذي أنتجته على نفقتها الخاصة أيضًا، بعد إنفصالها عن روتانا، ها هي الفنانة سميرة سعيد -وإثر التقصير الواضح من منتج البوماتها السابق محسن جابر - تصرح بأنها لن تتعاقد مع شركة إنتاج، لأنها لم تجد عرضًا يرضي طموحها، وأنها ستعتمد على نفسها في إنتاج أعمالها المقبلة، وهي سياسة إتبعها كذلك راغب علامة، ووليد توفيق من قبل.
سميرة التي كان آخر البوماتها من أجمل ما طرح على الساحة الفنية لجهة الكلمات، والألحان، والتوزيع الموسيقي، لم يجد الدعم اللازم ودفنت أغلبية أغنياته لأنها لم تجد طريقها الى الشاشة فمحسن جابر لم يصور لها سوى أغنية واحدة منه.

أزمة إنتاج تلقي بظلالها على الجميع
الساحة الفنية تمر هذه الفترة بأسوأ مراحلها، فبعد الفوضى الغنائية، وفيضان الأعمال الذي شهده العقد الأول من الألفية الثالثة، لدرجة أن المختصين والمتابعين للساحة الفنية كانوا عاجزين عن إستيعاب كم الأعمال والفنانين الجدد، نجد أن عجلة الإنتاج منذ منتصف العام الماضي شبه متوقفة، فالأعمال التي تطرح شحيحة، والأغنيات التي تصور قليلة، وهذا الوضع ربما يبدو قاتمًا الآن لكنه يدعو الى التفاؤل على المدى البعيد، بمعنى أن الحصرية التي كانت تفرضها الشركات الكبرى ستنتهي وتزول، لأن الإغراءات المادية الكبيرة التي كانت تغري الفنان ليقبل بالحصرية، لم تعد موجودة اليوم. وعندما يكون الإنتاج متواضعًا فالفنان المقتدر سيفضل أن يعتمد على نفسه سعيًا في الإنتشار والتواجد، ليكون قادرًا على البقاء والإستمرار في ظل واقع متغير، ومنافسة محتدمة، وإذا إعتمد على نفسه في إنتاج أعماله ضمن أنها ستنتشر بالشكل الصحيح، وتلقى النجاح الذي تستحقه، وهذا سيشجع الشركات الصغيرة بالتالي لكي تنشط وتعود المنافسة لتحتدم في السوق.
وبما أن المبيعات لم تعد مصدرًا للربح، فالحفلات هي التي يعتمد عليها الفنان ليكمل مسيرته وليكون قادرًا على الصرف على فنه. والمثير هنا أن سوق الحفلات هو الآخر يشهد تراجعاً لجهة إقبال الجمهور، ويبدو ان المتعهدين مجبرين اليوم على إعادة حساباتهم وإيجاد معادلة جديدة تجذب الجمهور.
بالطبع هذه المتغيرات تنعكس على بقية قطاعات السوق، حيث نجد اليوم أن مخرجين كبار كانوا يرفضون تصوير أعمال تقل ميزانياتها عن 90 أو 100 الف دولار أميركي يعلنون أنهم على إستعداد لتخفيض أجورهم وتصوير أغنيات بميزانيات تصل الى 25 أو 30 ألف دولار أميركي، والسبب طبعًا أنهم أصبحوا شبه عاطلين عن العمل في الفترة الأخيرة، والمنافسة باتت كبيرة من الأسماء الشابة التي تقدم أعمالاً بجودة جيدة بميزانية معقولة، مما حدا بالجميع من شركات إنتاج أو فنانين الى إعتماد هذه الأسماء والعزوف عن الأسماء الكبيرة في ظل شحة الموارد الإنتاجية.