تحدَّث الفنان اللبناني، جورج خبَّاز، في لقاء خاص مع quot;إيلافquot; عن مسرحيَّته الجديدة، وتطرق إلى ندمه على تجربة quot;تقريبًا قصَّة حبquot;، كما تحدث عن تهمة تكرار نفسه في أعماله،وبيّن موقفه من رفضالإطلالات الإعلاميَّة من دون مقابل، وقال رأيه في مواصفات المرأة الَّتي تجذبه، وغيرها من المواضيع.


بيروت: بدأ حياته الفنِّيَّة منذ عامه الخامس حين اشترك في مسرحيَّة عن القدَّيس مارون، ليعود وينمِّي الموهبة الَّتي تمتلكه من خلال الدِّراسة، فحصل على شهادةٍ في التَّمثيل ما لبث أنْ وظَّفها في العديد من الأدوار الَّتي شارك فيها مسرحيًّا، وتلفزيونيًّا، وسينمائيًّا..

ولم يكتف بهذا القدر، بل اكتسب ما استطاع من معارف في عدَّة ميادين لتوظيفها في مجال تطوير فنِّه، إنْ كان من ناحية الإخراج أو الكتابة أو التَّلحين أو الغناء، الَّتي انعكست على أعماله المتعدِّدة، واستطاعت أن تضعه ضمن مصاف النُّجوم، كاسرًا بند المقاييس الجماليَّة المُعتمدة في المجال الفنِّي الحالي، ومؤكِّدًا أهمية الموهبة لاستمرار أي مشروع فنان، وتطوره ليصبح فنانًا على قدر ما تحمل الكلمة من معانٍ..

عرفنا منذ البداية أنَّ اللقاء معه لن يكون عاديًّا، فهو جورج خبَّاز الذي استطاع أنْ يبني لنفسه حصنًا في المجال المسرحي، واستطاع أن يوسِّس لهويَّةٍ وأسلوبٍ خاصٍّ به، حتَّى أنَّ البعض بدأ بإطلاق صفة المسرح الخبَّازي على أعماله، باعتبار أنّه بات يشكِّل مدرسة لمن سيأتي بعده في هذا المجال..

كنا نرغب في أنْ تكون المقابلة مصوَّرة معه، بحيث يمكن لجمهوره أن يراه ويتعرَّف إليه أكثر ومن عدَّة أطر مختلفة، إلَّا أنَّ للخبَّاز رأيه المختلف في هذا الموضوع، فهو لديه قناعة بأنَّ من يريد رؤيته يمكنه مشاهدته من خلال أعماله، كما أنّ من يرى أنَّ هناك ضرورة أو منفعة من نقل صورته للجمهور عليه أنّْ يدفع له مقابل ذلك، فهو وبالنسبة إليه لم يتعب ولم يشقَ طيلة حياته ليدع الآخرين يستفيدون منه ومن اسمه من دون مقابل، خصوصًا إذا كانت الجهة المستفيدة مؤسَّسة تبغى الربح، وليس العمل الإنساني، وهو المعروف عنه خوضه العديد من النَّشاطات الإنسانيَّة ومن دون مقابل وبعيدًا عن الأضواء، علمًا أنَّه عند لقائنا الأوَّل معه أضعناه فإلتفتنا لنراه يركض خارجًا خلف ولدٍ مشرَّدٍ في الشَّارع بغية مساعدته..

فماذا قال جورج خبَّاز عن مسرحيّته الجديدة quot;الأوَّل بالصَّفquot;، ولماذا هو نادمٌ على تجربته التلفزيونيَّة الأخيرة في مسلسل quot;تقريبًا قصَّة حبquot; مع المغنِّيَّة اللبنانيَّة ميسم نحَّاس، وما رأيه بالأعمال والبرامج الكوميديَّة المنتشرة بجميع فئاتها على السَّاحة اللبنانيَّة؟ ماذا عن تهمة تكرار نفسه الَّتي تلاحقه من عملٍ إلى عملٍ، وقصَّة تقليده لزياد الرحباني؟ لماذا يتعاطى مع الفن بطريقةٍ نفعيَّةٍ خصوصًا أنَّه يرفض إجراء المقابلات المصوَّرة من دون مقابل؟ وماذا عن إمكانيَّة خوضه المعترك السِّياسي؟ والكثير من المواضيع الَّتي تتابعونها في الحوار التَّالي..

هناك فرق بين التَّكرار وتثبيت أسلوب وهويَّة للفنان
بدايةً حدِّثنا عن مسرحيتك الجديدة quot;الأوَّل بالصَّفquot; الَّتي بدأ عرضها منذ حوالى شهرين تقريبًا؟

إنَّها المسرحيَّة الثامنة لي إخراجًا وتأليفًا وإنتاجًا وبطولةً وتلحينًا، وأعتز بها كثيرًا لأنَّها نقلةً نوعيَّةً لي، وعودة للكم الكوميدي الذي كان موجودًا في مسرحياتي الأولى، خصوصًا بعدما كان التركيز الأخير على البلاك كوميدي، والآن عدنا للايت كوميدي..

والمسرحيَّة تتحدَّث عن عائلتين، الأولى ميسورة، الأب وزير في الحكومة يرسب ولده في المدرسة ليلفت نظر أهله إليه، إلَّا أنَّهم لا يتقبلون هذه النتيجة حكمًا بمرتبتهم المجتمعيَّة، أمَّا العائلة الثانية فهي مؤلَّفة من رجل وإمرأة مضى على زواجهما ثمانية أعوام ولم يرزقا بولدٍ.

والمسرحيَّة بشكلٍ عامٍ تعرِّي المجتمع الأرستقراطي، وتلقي الضوء على سيطرة الرَّشوة والفساد في هذه المجتمعات، كما أنَّ الرِّسالة الأساسيَّة منها هي معرفة كيفيَّة التَّعاطي مع الولد، والوجوديَّة من خلاله، وهل يحق لنا ولادته في دنيا القهر؟ كما تحمل رسالة حول ضرورة المحافظة على الأسرة وترابطها الَّتي هي رأسمالنا الوحيد، خصوصًا أنَّ طريقة اختراقنا بدأت من خلال اختراق هذه المؤسَّسة المجتمعيَّة.

تلاحقك مع إنتاج كل مسرحيَّة جديدة تهمة تكرار نفسك.. كيف تفسِّر ذلك؟
هناك فرقٌ كبيرٌ بين التَّكرار وإرساء هوية وإمضاء، وأتمنَّى على بعض النقَّاد، أو الذين يسمون أنفسهم نقَّادًا، أن يميِّزوا بين التَّكرار والهويَّة والإمضاء، لربما هذه الملاحظة موجودة لأنَّ الوجوه التَّمثيليَّة تتكرَّر معي في كل عمل، كما أنَّ أسلوبي في الكتابة بات معروفًا، ولكَّنه ليس تكرارًا، وهنا أسأل هل وليم حسواني كرَّر نفسه بشخصيَّة الشاويش مع الرَّحابنة؟ وهل شارلي شابلن كرَّر نفسه في عشرات الأفلام الَّتي قدَّمها؟ لذلك أجد أنَّ لديَّ هوية وأسلوبا يُنميَّان من خلال المسرح..

لماذا لا نراك تقدِّم المسرح السياسي إذ غالبًا ما نراك في المسرح الإجتماعي الكوميدي؟
بالنسبة لي السياسة تقتصر فقط على الوطنيَّات، وأنا لا أدخل الزواريب الضيِّقة للسياسة والسياسيين، كما أنَّ صاحب الفكر، والأديب، والفنان أهم من السياسيين، لذلك أفضِّل أن لا أذكرهم كي لا أكبّرهم وأعطيهم أكثر مما يستحقون، فأنا لن أرتكب خطأ المتنبي الذي خلَّد سيف الدَّولة من خلال قصائده، السِّياسة هي إبنة مرحلتها، بينما الفنان تبدأ حياته عندما تنتهي، وأنا أتكلَّم في الوطنيَّات الَّتي تصلح لأي زمن ومكان، وواثقٌ أنَّه بعد 100 عام من الآن إذا عرضت مسرحياتي فإن quot;اللطشاتquot; الَّتي تتضمَّنها ستكون صالحة في وقتها، كما أنَّه بالنسبة لي الخلل السياسي سببه الخلل المجتمعي، لذلك أعمل على الإضاءة على السبب وليس النتيجة.

المسرح الكوميدي الكبير محصورٌ بأعمالي.. وسبب النَّجاح ليس غياب المنافسة
كيف تصف الأعمال الكوميديَّة اللبنانيَّة؟

هناك عدَّة أنواع وأشكال للكوميديا، من الشونسونييه إلى السكتشات، ولكن أرقى أنواعها هي كوميديا الموقف، لذلك فلنحصر الكوميديا بالمسرح الكبير الَّذي تتخطى تكلفة إنتاجه المئة ألف دولار، والذي لا يقدِّمه أحد سواي، وهي تجربة أثبتت ديمومتها على مدار ثماني سنوات، وصالحت العديد من فئات الجمهور مع هذا النوع من المسرح.

إذن غياب المنافسة هو الَّذي جعلك تتميَّز وتنجح؟
سأعطيك مثلاً عن سوق الصاغة حيث تكتظ المحال المتشابهة والَّتي تبيع المنتجات نفسها، وكل الصائغين يساهمون في ازدهار عمل بعضهم البعض، لذلك أنا مع المنافسة ومع تفعيل العجلة الإنتاجيَّة..

قبل الحرب اللبنانيَّة كانت مسارح الحمرا مبنية جنبًا إلى جنب وتعرض أعمالها بالتزامن مع بعضها البعض، لذلك الإنفراد لا يعني النَّجاح، هناك العديد من الذين كانوا متواجدين قبلي ومعي لم يستطيعوا جذب الجمهور إلى مسرحهم، لذلك النجاح ليس سببه الإنفراد.

ما سببه إذن؟
هو نتيجة ما نقدِّمه للنَّاس، فنحن نتكلَّم لغتهم ووجعهم ونعكس هواجسهم، ونقتبس المواضيع العميقة، وكل الفئات والأعمار موجودة في مسرحنا، وكل واحدة تأخذ منه ما تراه مطابقًا ومتلازمًا مع همومها ووجعها وعمقها.

قدَّمت أعمالاً مسرحيَّة ودراميَّة وسينمائيَّة وغنَّيت ولحَّنت، ما الذي يتمنَّى تقديمه جورج خبَّاز بعد ولم يعمل عليه؟
الفن ثقافة متجدِّدة ومترابطة مع بعضها، والفنان ليستحق لقبه عليه أن يلمَّ بجميع ما تستلزمه مهنته، فأنا مثلاً تعلَّمت الموسيقى والكوريغرافيا والإخراج والكتابة، ولكن هناك الإخراج السينمائي الذي لم أقدِّمه بعد، وهناك مشروع في هذا الإطار في المرحلة المقبلة.

ألا تعتقد أنَّك quot;One man Showquot; ؟ وأنَّ الحمل ثقيلٌ عليك؟
نحن في لبنان لا نعرف كيف نعمل ضمن مجموعة، فنحن من أفشل الجماعات وأنجح الأشخاص، العمل متعب ولكني أفضِّل تحمُّل مسؤوليَّة النجاح والفشل، وأن لا ألقي اللوم على غيري في حال فشل أي مشروع.

بعد زياد وشوشو.. قلائل هم الذين يضحكونني ولربما منقرضون
من مواصفات النجوميَّة في العصر الحالي الشَّكل الجميل، ولكنَّك أثبت العكس خصوصًا أنَّك بنيت نجوميتك على موهبتك فقط؟
الجمال نسبي ومحكوم بعمق المشاهد، وقدرته على رؤية الجمال اللامنظور بغض النظر عن المقاييس، وإذا كانت الشَّخصيَّة متطابقة مع الشكل فهذا جمال بحد ذاته، فمثلاً روبرت دي نيرو، وداستن هوفمن، وآل باتشينو ليسوا أنصاف آلهة، ونجحوا لأنَّهم يشبهون المجتمع الذي خرجوا منه..

مّن مِن الكوميديين اللبنانيين الحاليين يضحك جورج خبَّاز؟
زياد الرحباني وشوشو.. لا يضحكني سوى من يقدِّمون أعمالاً نابعة من عمق الإنسان، وهم قلائل في أيَّامنا ولربما منقرضون.

لن أنزل من مرتبةفنان إلى درجة رجل سياسي خدماتي
هل من المعقول أن نراك رجلاً سياسيًّا في يوم من الأيَّام ؟

طبعًا لا.. لأنَّه من غير المنطقي أن أنزل من مرتبة فنان إلى درجة سياسي، فأنا لا أنزل إلى هذا المستوى، الفنان فعَّال أكثر من السياسي، وخصوصًا في لبنان، حيث الرجل السياسي هو مرادف للرجل الخدماتي، وعلى الأرض الفنان فعَّال أكثر من السياسي لأنَّه يغيِّر في الإنسان أكثر، فالسياسي يمنع الصيد، بينما الفنان يعلِّم كيفيَّة رسم عصفور، ومن يرسم عصفورًا لا يستطيع أن يقتله.

بالعودة إلى آخر أعمالك التلفزيونيَّة quot;تقريبًا قصَّة حبquot; مع المغنِّية ميسم نحَّاس، كيف تصف هذه التَّجربة؟
النص جميل، والحب من طرف واحد عشته في صغري، ولكني نادمٌ على هذه التَّجربة، لأنَّ ظروف التَّصوير كانت سيئة، تغيَّر المنتج المنفذ والمخرج عدَّة مرَّات، وكان هناك أسماء أخرى مرشَّحة للبطولة، علمًا أنَّ ميسم كانت جيِّدة في أوَّل دورٍ تمثيليٍّ لها، والدور كان أصغر مني وظروف العمل لا تليق بي، الكل تعب خلال العمل، وللأسف العمل الجيِّد والعمل السيئ في لبنانينسيان في نصف السُّرعة، ولكنَّها تجربة ومرَّت.

وقتي للبيع.. ولا أسمح لأحد أن يستفيد مني من دون مقابل
وقت جورج خبَّاز للبيع؟
طبعًا، لأنَّه حان الوقت لأقطف ثمار الوقت الذي أعطيته لجورج خبَّاز خلال حياتي، فأنا تعبت كثيرًا، وأعطيت وقتًا كثيرًا للقراءة والسَّفر لأطوِّر نفسي وعملي، وضحّيت كثيرًا لأصل إلى ما أنا عليه اليوم، والآن إذا كان المطلوب مني أمرًا بسيطا ولكن يحمل خلفيَّات تبغى الرِّبح المادي فأنا لا أقدِّمه مجانًا..

ولكن ما الفرق بين المقابلة المصوَّرة والمكتوبة، حتَّى تقدِّم الثَّانية مجانًا عكس الأولى؟
في المضمون لا يوجد فرق، ولكن في المقابلة المصوَّرة هناك استفادة من حضور الممثِّل ووجهه، والنَّاس تفضِّل رؤية الأمور المتحرِّكة..

ولكن من حق الجمهور أن يراك طالما أنَّك فنان؟
يمكنه رؤيتي على المسرح، وإذا كانت الوسيلة الإعلاميَّة الَّتي تودّ عرض صورتي مقتنعة بحب الجمهور لرؤيتي يمكنها دفع ثمن المقابلة المصوَّرة.

ألا تتعامل من خلال هذا الأسلوب بطريقةٍ نفعيَّةٍ مع الفن؟
لا أسمح لأحد بأن يزايد عليَّ في هذا الموضوع بالتحديد - أي الإنتفاع من الفن - وأنا لا أحب التَّحدث عن نفسي، ولكنَّني أقدِّم الكثير من المساعدات الإنسانيَّة، ولا علاقة للعمل بالمواضيع الخيريَّة، ولكنني اضطررت للكلام في الموضوع لأردَّ على سؤالك، وفي الشِّق العملي لديَّ ملء الحريَّة في أن أستثمر نجاحي وعملي بالطريقة الَّتي أريد خصوصًا عندما تبغى إحدى الوسائل الربح من خلال وجودي، على الإستفادة أن تكون متبادلة، وهنا أطرح سؤالا لماذا يدفعون للفنانين العرب مقابل ظهورهم الإعلامي والفنان اللبناني يهمَّش ولا يعطى الأهميَّة والتَّقدير نفسيهما؟

ما جديدك؟
مسلسل quot;القناعquot; مع كارمن لبُّس وجورج شلهوب، كتابة جبران ضاهر، وإخراج شارل شلالا، وأقدِّم من خلاله دورًا دراميًّا، إذ أكون شريك جورج شلهوب زوج كارمن لبُّس الَّتي تعيش صراعًا بين حبيبها الجديد (أنا) زوجها الذي ظنَّت أنَّه توفي، ومن المفترض أنّْ يعرض المسلسل على شاشة المؤسَّسة اللبنانيَّة للإرسال.

إضافةً إلى ذلك، هناك فيلم quot;غديquot; كتابتي وبطولتي، إخراج أمين ضرَّة، ويحكي عن الإختلاف والإعاقة بين النَّاس في المجتمع، أو كما يقال عنهم ذوو الإحتياجات الخاصَّة، علمًا أنَّ لكل شخص إحتياجات خاصَّة، وعملنا يقضي بسدّ حاجات بعضنا البعض.

أنا quot;نسونجيquot;.. والزواج مرتبط بالعثور على الشَّريك المناسب
ألا تفكّر بالزواج؟
لماذا لا نقلب السؤال ولنقل لماذا عليَّ أن أتزوج؟ المسألة ليست لا فرضًا ولا واجبًا، لأنَّ الأهم من الزواج هو العثور على الشَّريك المناسب، وأنا بطبعي أحب النِّساء الجميلات ولا أخجل بذلك، ولكن على كل شخص التأني في اختيار شريكه، كي لا تنقلب النتائج السَّلبيَّة على الأولاد.

ما هي مواصفات الفتاة المناسبة لجورج خبَّاز؟
الأهم أن يكون هناك إنسجامٌ بيني وبينها، وأن تكون خفيفة الظلّ، مثقَّفة، وتعرف كيفيَّة احترام نفسها وغيرها.