يتعاظم في بريطانيا القلق ازاء عدم اتقان اطباء اجانب اللغة الانكليزية. وبعد ان تكررت اخيرا حالات مخيفة اودت بحياة مرضى بسبب عدم التفاهم بين المريض والطبيب، يرى البعض ان الأمر مسألة وقت قبل أن يدفع مريض جديد حياته.

تواجه هيئات الخدمات الصحية البريطانية انتقادات عنيفة بأنها أهملت تحذيرات من ان مئات الأطباء الأجانب العاملين بشكل خاص لا يتقنون الانكليزية ويعرضون مرضاهم لمخاطر صحية وربما الوفاة.

ونقلت laquo;ديلي ميلraquo;عن جهات حكومية معنية بتنظيم المهنة قولها إن نحو ثلاثة أرباع اولئك الأطباء الوافدين سعيا الى وظائف مؤقتة مربحة في القطاع الخاص لم يُخضعوا لاختبارات تتعلق سواء بشهاداتهم أو خبراتهم أو قدراتهم على تحدث الانكليزية بالطلاقة المطلوبة لمهنة حساسة كالطب قد تقرر الحد الفاصل بين الحياة والموت.

وقد ظل القلق إزاء مسألة إتقان الانكليزية يتعاظم بشكل خاص منذ حادثة أدت الى وفاة رجل في السبعين من عمره يدعى ديفيد غراي في اكتوبر (تشرين الأول) 2008. فقد لفظ أنفاسه الأخيره بعد أن عاينه الدكتور دانيال اوباني، وهو طبيب ألماني، وصرف له جرعة من مسكنات الألم تتجاوز حاجته منها عشر مرات على الأقل وكانت قاتلة. ومع بدء التحقيق اتضح أن قدرة هذا الألماني على تحدث الانكليزية متدنية الى حد لا يسمح له بممارسة مهنته في أي بلاد ناطقة بالانكليزية.

وأتت هذه التحذيرات في أعقاب ازمة أخرى وقعت في مايو / ايار الماضي وتتعلق بالكشف عن أن مستشفيات البلاد صارت تعج بالعاملين الأجانب من مختلف الدول مثل بولندا والفلبين وبورما، من ممرضين وعمال نظافة وبوّابين. ولأن سكان الدول التي يأتي منها هؤلاء لا يتحدثون الانكليزية حتى كلغة ثالثة، فقد أثيرت مخاوف حقيقية إزاء العواقب الصحية الخطيرة على المرضى والاحتمال الكبير أن يؤدي هذا الوضع الى الوفاة في بعض الأحيان.

وقد أدى هذا الوضع فعلا الى وقائع أخرى اعتبرت laquo;مخيفةraquo;.وفي إحدى هذه الحالات قدمت وجبة كاملة لمريض يفترض أن يكون صائما عن الأكل والشرب قبل عملية جراحية رئيسة وحاسمة. وحدث ذلك لأن طاقم العاملين في خدمته لم يفهموا العبارة الانكليزية laquo;Nil by mouthraquo; التي تعني وجوب صيام المريض كلية.

ومن المؤسسات الطبية التي توظف أعدادا كبيرة من الأجانب في العاصمة مستشفيات laquo;يونيفيرستي كوليدجraquo; وlaquo;رويال فريraquo; وlaquo;غايزraquo; وlaquo;سنت توماسraquo;. وفي مانشيستر يضم مستشفى laquo;رويال إنفيرماريraquo; عددا كبيرا من الأجانب من دول مثل اليمن وغانا والهند آيسلندا والمانيا واسبانيا. كما أن مستشفى laquo;اوكسفورد رادكليفraquo; التابع للجامعة الشهيرة يضم منفردا عاملين من 70 بلدا.

يذكر أن أطباء المستشفيات البريطانية الوافدين من دول خارج الاتحاد الأوروبي يُخضعون لاختبار في اللغة الانكليزية من قبل laquo;مجلس الطب العامraquo; قبل السماح لهم بمزاولة المهنة. لكن الأمر معقد نوعا عندما يتعلق بالأطباء الأوروبيين. فالاتحاد الأوروبي يقول إن تلك الاختبارات تتعارض مع بنوده الخاصة بحرية التنقل والعمل لسائر مواطنيه ويهدد الدول الأعضاء التي تخالف هذا بغرامات ثقيلة.

ويبدو أن هذا هو السبب الذي يحدو بالمؤسسات الطبية الخاصة لعدم إجراء الاختبارات التي توصي بها الجهات المعنية بتنظيم المهن الطبية. لكن منتقدي تلك المؤسسات يقولون إنها تختبئ وراء لوائح الاتحاد الأوروبي لأنها توفر عليها المال اللازم لإجراء الاختبارات ويوفر لها ايضا دفع أجور تقل عن تلك التي يتوقعها الأطباء البريطانيون المؤهلون. ويحذرون من ان الأمر مسألة وقت قبل أن يدفع مريض آخر حياته ثمنا لعدم كفاءة طبيب أجنبي أو بسبب لغته الانكليزية غير السليمة.