ادىالملايين من الأردنيينصلاة الإستسقاء، طلبًا للمطر الذي إنحبس طويلاً هذا الموسم، خصوصًا مع الأنباء المتعلّقة بالرّصد الجوي والتي تشير الى أن الأردن لن يتأثر بأي منخفضات جوية طيلة الشهر الحالي، الأمر الذي يعمّق أزمةهذا البلد الذييوصف بأنهالأفقر مائيًّا ضمن المعدّلات العالمية.


ما لم تتغيّر إفتراضات التنبّؤات الجويّة الأردنيّة خلال الفترة القصيرة المقبلة، حول عدم وجود منخفضات جوية جالبة للمطر أقله خلال الشهر الحالي، فإن الأردن يكون قد ضرب موعدًا مع أسوأ أزمة مائية يمكن أن يعيشها خلال الأشهر القليلة المقبلة، مع الإنحباس المطري الشديد منذ بداية فصل الشتاء أواخر تشرين الأول- أكتوبر الماضي، الأمر الذي يشير إلى أزمة ثقيلة المستوى، في بلد مصنف أساسًا بأنه ضمن الدول العشرة الأفقر مائيًّا على مستوى العالم. مما دفع الحكومة الأردنيّة الى الإيعاز لوزارة المياه والرّيّ البحث عن صيغ وبدائل، وتوفير خطط لتخفيف حدة الأزمة المقبلة.

الأردن يتضرع لله

في هذا السياق، فقد دعت وزارة الأوقاف والشّؤون والمقدّسات الإسلامية الى صلاة إستسقاء اليوم في مختلف مساجد الأردن، وفي الساحات الكبيرة في مختلف المدن الكبرى، كتقليد إسلامي باللجوء إلى الله مع حالات إنحباس المطر، لإستسقاء المطر. وتؤكد السلطات الأردنية أن الإنحباس الحالي هو الأسوأ منذ نحو عقدين، فحتى هذا الوقت لم تسجل السدود الأردنية أي مداخيل من مياه الأمطار، التي لم تنهمر بكثافة أسوة بالسنوات السابقة، إذ كان هذا الوقت من العام سنوياً مؤشراً على تجاوز الأردن لأي حرج قد يواجه الملف المائي، بفعل كميات الأمطار المسجلة، والمخزنة في السدود. إلا أن الأردن يجابه وضعا مأساويا هذا العام، ويفرض خيارات ثقيلة الظل في الداخل الأردني.

لا بوادر للمطر

تشير تقديرات دائرة الأرصاد الجوية الأردنية إلى أن سجل الخرائط الجوية للمنطقة للأسبوعين المقبلين لا يشير البتة إلى وجود منخفضات جوية، الأمر الذي من شأنه مفاقمة الوضع، على إعتبار أن الإنقلاب الشتوي سيكون بعد نحو أسبوعين، وتقول النظريات والإنطباعات أن دخول الإنقلاب الشتوي زمنه بلا أمطار يعني أن الموسم المطري سيكون شحيحًا للغاية، والعكس صحيح، إذ يقول الرأي العلمي إنّ الموسم المطري يمكن أن يأتي متأخرًا جدًّا، لكنّه يبقى قادرًا على تعويض الموسم المطري بكمّيات كبيرة.

وعلميًّا، فإن الأردن قد تأثر بشكل مباشر بأزمة الإحتباس الحراري الكونية، إذ يعتبر الإرتفاع المتوالي لدرجة الحرارة شتاء في بلد معتدل المناخ مثل الأردن، أحد نتاجات ظاهرة الإحتباس الحراري. في حين بلغت درجة الحرارة في الأردن الصيف الماضي مستويات غير مسبوقة أبدًا منذ إنطلاق نظام أرشفة معدلات درجات الحرارة في الأردن قبل عقود، وهو الأمر يبعث على القلق الشديد. إذ جرى اللجوء بكثافة إلى أجهزة التبريد، الأمر الذي تسبب بضغط كبير على أحمال الشبكة الكهربائية في الأردن التي ترنحت مرارًا الصّيف الماضي أمام وطأة الأحمال.

رسالة إلهية

يصر الشيخ عبدالله الكوز في حديث لـquot;إيلافquot; أن إنحباس المطر منذ فجر الإنسانية وحتى ما قبل الإٍسلام، كان رسالة إلهية للعباد بضرورة اللجوء إليه، وترك المعاصي والفتن، والتقرب الى طاعته. أمّا في الإسلام فتبدو القصة ndash; والكلام للشيخ الكوز- أكثر وضوحًا إذ ربط الله عز وجل نزول المطر بطاعة العباد وإستغفارهم، وتركهم للذنوب والشرور، وهي الأمور التي أوغل بها البشر راهنًا، فالأصل أن يتمّ اللجوء إلى الله في حالات إنحباس المطر، والتذلل إليه، وطلب مغفرته ورضوانه بإلحاح، لنزول المطر، والتقرب واللجوء إلى الله لا يكون بصلاة الإستسقاء التي لها فضل كبير عند الله، بل أيضًا بالتقرب الدائم الى وجهه الكريم، وأداء العبادات والطاعات.

ولفت الشيخ الكوز إلى أن الثابت في القرآن والسنة أن إنحباس المطر جزء لا يتجزّأ من العيش الضنك، الذي يتسع ليشمل المطر وإنحباسه، إذ يوطن الإنحباس المطري الأمراض والأوبئة في الهواء الذي نستنشقه، وتبقى هذه الأوبئة في الهواء ما لم ينزل المطر فينقيه، وتعم السكينة النفوس المشحونة والقلقة والمضطربة.