إتضح ان عادات المواطنين السلبية كالتدخين مثلاً تعقد الوضع الصحي في اميركا.

أشرف أبوجلالة من القاهرة: بعد مصادقة مجلس النواب الأميركي الأسبوع الماضي على مشروع قانون الرعاية الصحية للمرة الثانية بعد تصحيحات بسيطة فيه وتوقيع الرئيس الأميركي باراك أوباما عليه، اتضح أن هناك ما يشبه الإجماع العام بين أغلبية المواطنين الأميركيين على أنه من الإنصاف مطالبة الأشخاص الذين يعيشون أنماط حياة غير صحية بدفع المزيد من الأموال مقابل الحصول على التأمين الصحي، من منطلق أنهم سئموا بالفعل من تحمل أقساط التأمين والضرائب المرتفعة لتغطية مصاريف الأشخاص غير المؤمن عليهم.

وهو الإطار الذي أكد من خلاله المواطنون على إيمانهم بمفهوم المسؤولية، متسائلين في الوقت ذاته عن مبررات تحملهم لنفقات صحية في الوقت الذي تنشب فيه معظم الأمراض في الولايات المتحدة نتيجة للسلوكيات غير الصحية مثل التدخين والإفراط في تناول الطعام. وتلفت صحيفة النيويورك تايمز في تلك الجزئية لذلك التصريح الذي أدلى به أوباما، وقال فيه :quot; لقد بات علينا حث المواطنين الأميركيين على أن يفعلوا شيئا ً من أجل رعايتهم الصحيةquot;.

لكن الصحيفة تعاود لتؤكد على أن quot;المسؤولية الشخصيةquot; تعتبر نظرية معقدة، وبخاصة عندما يتعلق الأمر بالناحية الصحية. وعندما يدافع الناس عن الحاجة للمساءلة الشخصية، فإنهم يفترضون مسبقًا المزيد من الرقابة على الصحة والمرض، أكثر مما هو حاصل بالفعل الآن. وفي الوقت الذي تعتبر فيه العادات غير الصحية واحدة من العوامل التي تلعب دورًا في الإصابة بالمرض، توجد عوامل أخرى من بينها، الحالة الاجتماعية، والدخل، وديناميات الأسرة، والتعليم، وعلم الوراثة. كما يساهم عدم امتثال المريض للتوصيات الطبية بلا شك في تردي الحالة الصحية، لكنه يقوم بنفس دور سوء الاتصال، وتكاليف العلاج، والآثار الجانبية، والحواجز الثقافية، وعدم كفاية الموارد، بنفس ما يكون الوضع عند التجاهل المتعمد لنصيحة الطبيب.

وهنا، تشير الصحيفة إلى أن الجرَّاحين في ملبورن، باستراليا، كانوا يرفضون القيام بعمليات جراحية في القلب والرئتين للمدخنين، وكذلك لأولئك الأشخاص الذين يكونون في حاجة لتلك العمليات للبقاء على قيد الحياة. وحينها، نقلت تقارير إعلامية عن أحدهم، قوله :quot; لِمَا يتحمل دافعو الضرائب قيمة تلك العمليات ؟quot;. ثم تمضي لتقول إنه وبالرغم من حالة الغضب التي انتابت البعض نتيجة لهذا الموقف، إلا أن الرابطة الطبية الاسترالية قالت إنه من غير المعقول القيام بتخصيص الخدمات على أساس العادات الشخصية، وهو الموقف الذي اتفق عليه كثير من الأطباء. فشأنهم شأن أغلبية الأميركيين، لا يرون حرجًا في أن يدفع المرضى ثمن عواقب أفعالهم.

وترى الصحيفة أن المشكلة تكمن في أن التدابير العقابية لفرض السلوك الصحي لا تكون مجدية عادة ً. ثم تمضي لتبرز عبر مجموعة من الوقائع الفعلية أهمية الامتثال لنصائح الطبيب، وتَعَلُّم مبدأ المسؤولية الشخصية. وتواصل في هذا السياق حديثها لتؤكد على ضرورة تشجيع المعيشة الصحية، وإن أشارت إلى أن معاقبة المرضى الذين يقومون باختيارات صحية سيئة تُبسِّط بوضوح مسألة معقدة للغاية. كما طالبت الصحيفة بالتركيز على حملات الصحة العامة، وتشجيع ممارسة التمرينات الرياضية، والإقلاع عن التدخين. وتقول إن ذلك سوف يستدعي بالطبع تغييرًا في الطريقة التي نعيش من خلالها، وكذلك الطريقة التي نخطط بها لمجتمعاتنا.
وفي الختام، تلفت الصحيفة لما أوضحته منظمة الصحة العالمية في هذا الصدد، من خلال تقرير لها عن الفوارق الصحية، وقالت فيه :quot; إن حياة الأشخاص هي التي تحدد حالتهم الصحية. لذا من غير المناسب تحميل الأفراد مسؤولية تردي الحالة الصحية أو تحسنهاquot;. ومع هذا، تشير الصحيفة في نهاية حديثها إلى أن الكل ينخرط في سلوكيات غير مسؤولة اجتماعيًا، يدفع ثمنها الآخرون. وتؤكد على أن بيت القصيد من وراء نظام التأمين الصحي هو الحد من المخاطر، وعلى كل من يُهمِل في صحته، أن يتحمل العواقب.