صدر تقرير طبي بريطاني جديد يمس بقوانين الإجهاض، يؤكِّد أن الأجنَّة لا تشعر بالألم قبل 24 أسبوعًا على الأقل من بدء تكوينها، وذلك لأنَّ الأربطة العصبيَّة لاتكون قد تشكَّلت بعد، ومما لا شك فيه هو أنَّ هذا التقرير لن يطفئ الجدل المستعر في المجتمعات الغربيَّة حول الإجهاض وربما يؤجج لهيبه، ذلك أنَّ الأمر يتشعَّب في دروب المجالات الدينيَّة والأخلاقيَّة والإجتماعيَّة.

لندن: لا يوجد دليل علمي على أنَّ الأجنَّة في الأرحام تشعر بالألم قبل 24 أسبوعًا على الأقل من بدء تكونها.. هذه هي النتيجة الَّتي خرجت بها دراسة أعدَّتها quot;الكليَّة الملكيَّة لأمراض النساء والولادةquot; وتداولتها وسائل الإعلام البريطانيَّة على نطاق واسع اليوم، وقالت الدراسة إنَّ الأجنَّة في تلك الفترة تكون quot;غير نامية ولا وعي لها فلا تشعر بالألم بالتاليquot;.

وفي بريطانيا، على الأقل، تتخذ نتائج الدراسة أهميَّتها من كونها ذخيرة في أيدي الذين يؤيدون إمكانيَّة الإجهاض حتَّى ستة أشهر ولا داعي لخفض هذه الفترة قانونيًّا.

وجاء في البحث أنَّ أربطة الدماغ لدى الأجنَّة تظل ناقصة النمو حتى 24 أسبوعًا. وفي هذه الفترة يعمل الرحم كالمخدِّر بالنسبة إلى الجنين، ومع هذا فمن الأرجح أنّْ يرفض الداعون إلى خفض فترة تقنين الإجهاض والمعارضون للمفهوم برمته، هذه النتيجة.

ويقول رواد هذا المعسكر الأخير بشكل خاص إنَّ الحياة هي حياة بغض النظر عن شعور الكائن الحي بالألم أو عدمه، ولهذا فهم يرفضون تقنينه في المقام الأوَّل إلاَّ لظروف قاهرة مثل تعرض الأم و/أو الجنين لخطر الوفاة.

ويذكر أنَّ quot;الكليَّة الملكيَّة لأمراض النساء والولادةquot; شرعت في دراستها تلك بعد توصية من نواب البرلمان السابق وردت في تقرير للجنة العلوم والتكنولوجيا البرلمانيَّة، بناءً على توصية من وزارة الصحة الَّتي سعت إلى حسم أمر الفترة القانونيَّة الَّتي يسمح خلالها بالإجهاض.

وتقوم نتائج البحث الأخير على ما توصل اليه العلماء من أنَّ الجزء المسؤول عن الشعور بالألم لدى الإنسان والحيوان، وهو لحاء الدماغ، ويظل بلا أربطة عصبيَّة لدى الأجنَّة حتَّى 24 أسبوعًا من فترة تكوُّن الجنين، وقالت الدراسة: quot;لهذا السبب نعتبر أنَّ الجنين لا يشعر بأي قدر من الألم قبل اكتمال هذه الفترة على الأقلquot;.

ويذكر أنَّ عبارة quot;على الأقلquot; تكتسب هي أيضًا أهميَّة كبيرة، لأنَّها منفذ الى تقنين الإجهاض حتى بعد 24 اسبوعًا إذا ثبت أنَّ الجنين مصاب بتشوهات خلقيَّة أو عقليَّة كبيرة يمكن انّْ تحوِّل حياته وحياة من حوله عسيرة للغاية في حال ولادته، ويذكر أيضًا أنَّ نسبة 1 في المائة من عمليات الإجهاض في بريطانيا تتم على هذا الأساس.

وفي السابق جادل مناهضو الإجهاض بأنَّ هذا البند يمكن أنّْ يخضع لتفسيرات تتيح التخلص من الأجنَّة حتَّى وإن كانت درجة إعاقتها خفيفة ولا تستدعي الإجهاض فعلاً، لكن الكليَّة الملكيَّة قالت، في تقرير آخر وقتها، إنَّه من غير الحكمة لها أنّْ تبرز قائمة بأنواع الإعاقة الَّتي تتيح الإجهاض.

وأضافت أنَّ السبب وراء ذلك، هو أنَّه من شبه المستحيل التنبؤ بمترتبات الخلل في تكوين الجنين الجسديَّة أو العقليَّة عليه وعلى أسرته بعد الولادة.

وما لا شك فيه هو أنَّ تقرير الكليَّة الملكيَّة الأخير لن يطفئ الجدل المستعر في المجتمعات الغربيَّة حول الإجهاض وربما يؤجج لهيبه، ذلك أنَّ الأمر يتشعَّب في دروب المجالات الدينيَّة والأخلاقيَّة والإجتماعيَّة، وفي دول كالولايات المتحدة، مثلاً، يتخذ له بعدًا سياسيًّا هائلاً خصوصًا في فترات الحملات الإنتخابيَّة ويمكن أنّْ يصبح، العامل الحاسم في الفوز أو الخسارة في بعض الحالات.