منعاً لتكرار سيناريو وباء أنفلونزا الخنازير الذي انتشر سريعاً حول العالم
البنتاغون يدشن مشروعاً جديداً للتنبؤ بطريقة تطور الفيروسات

أشرف أبوجلالة من القاهرة: في وقت أضحت فيه القفزات العلمية والتكنولوجية التي يحققها المختصون في بحوثهم في العديد من بلدان العالم، وبخاصة المتقدمة منها، بمثابة القطار المنطلق بلا هوادة، ها هي الطموحات بدأت تداعب خيال العلماء في التوصل إلى آليات وطرق تعينهم على التصدي للخطر الكبير الذي أضحت تُشكّله الهجمات الفيروسية الجديدة على مستقبل البشرية ( في ظل تركيبتها المعقدة وتحولها المستمر ) ، بعد أن تجاوزت في سرعة انتشارها وضراوتها الهجمات الصاروخية التي يسهل الكشف عنها.

وفي هذا السياق، تشير مجلة فورين بوليسي الأميركية في عددها الصادر اليوم السبت إلى أن وكالة مشاريع البحوث الدفاعية المتقدمة التابعة للبنتاغون قامت مؤخراً بنشر خططاً واسعة النطاق لجهود طموحة ينتظر أن تستمر على مدار ثلاث سنوات، وسيكون من شأنها تمكين العلماء من التنبؤ بنجاح بالتطور الطبيعي لأي فيروس، على أمل أن يتم منع تكرار سيناريو وباء أنفلونزا الخنازير الذي سرعان ما انتشر في جميع أنحاء العالم خلال العام الماضي دون أن تكون هناك وسائل للكشف عنه.

ويأمل القائمون على هذا المشروع، الذي أطلق عليه quot;النبوءةquot;، أن يستفيدوا من المعلومات المتوافرة عن الجينوم الفيروسي ( الشفرة الوراثية ) لمعرفة الاتجاه الذي تتطور من خلاله الفيروسات. وتلفت المجلة أيضاً إلى أن بعض الفيروسات كفيروس الأنفلونزا تكون بسيطة بصورة نسبية في تركيبتها الجينية، لكنها تتطور بسرعة كبيرة، وهو ما يؤدي إلى ظهور سلالات جديدة تكون قادرة على مراوغة الطرق التي يستعين بها العلماء لكشفها وتحديدها، أو أن تكون مقاومة للعلاجات الدوائية الحالية.

وبحسب ما أوضحته المجلة الأميركية، فإن مشروع quot;النبوءةquot; سيحاول تحديد الاتجاه الذي سيسلكه الفيروس عند التحول أو التطور إلى سلالات أخرى، لكن قبل أن يتم ذلك. ويمكن لهذا التحذير أن يؤتي بثماره في التحضير لمواجهة، أو حتى تجنب، الوباء. وأكدت المجلة في السياق ذاته كذلك على أن المشروع التقني العملاق يسعى إلى تحويل مشاريع تطوير العقاقير واللقاحات من الرصد والتفاعل إلى التنبؤ والوقاية.
وتقول فورين بوليسي كذلك إن من بين الأهداف التي يسعى المشروع إلى تحقيقها هو تطوير quot;منصةquot; يمكنها استنساخ وتحليل الأحداث الجينية بدقة داخل الفيروس- وكذلك رصد الطريقة التي يتطور من خلالها استجابةً لضغوط معينة. وأضافت أن هناك هدفاً آخراً يتمثل في تطوير خوارزمية قادرة على التنبؤ بتلك الأحداث الجينية.

ورغم الوقت الذي قد يستغرقه العلماء في سبيل تحقيق تلك الغاية، إلا أن المجلة مضت تؤكد على أن التقنيات المتبعة اليوم يمكنها أن تخترق الشفرة الوراثية للفيروس بصورة سريعة نسبياً. وأوضحت كذلك أنه من الممكن أن يتم استكشاف التغييرات التي تطرأ على الجينوم من خلال دراسة التحولات أو الاتجاهات في كمية كبيرة من البيانات. ويمكن للحواسيب أن تقوم بالتحليل والتدقيق في كميات ضخمة من البيانات. وربما تشير النتائج إلى الطريقة التي يتمحور من خلالها الفيروس، وإذا ما تم الكشف عن هذا الأمر بشكل مبكر بما فيه الكفاية، فسيمكن حينها إنقاذ أرواح البشر.