واشنطن: تفتح الولايات المتحدة اعتباراً من "مطلع تشرين الثاني/نوفمبر" حدودها أمام جميع المسافرين الملقحين ضد كوفيد-19 رافعةً بذلك القيود المفروضة منذ آذار/مارس 2020 على الرحلات الدولية والتي كانت تثير استياء عدد من شركائها، خصوصاً الأوروبيون.

خلال 18 شهراً، فرّق "حظر السفر" مئات آلاف الأشخاص متسبباً بعدد لا يُحصى من الحالات الشخصية والعائلية المؤلمة.

أوضح منسق عملية مكافحة الوباء في البيت الأبيض جيف زاينتس أنه إضافة إلى شهادة التلقيح ضد كوفيد-19، سينبغي على المسافرين أبراز فحص نتيجته سلبية أُجري خلال الأيام الثلاثة التي سبقت رحلتهم إلى الولايات المتحدة ووضع الكمامة.

وأشار إلى أن شركات الطيران ستضع نظاماً لتتبع المسافرين وسينبغي عليها جمع المعلومات التي تسمح بالتواصل معهم.

توتر مع فرنسا

ويأتي هذا الإعلان في سياق توتر كبير بين فرنسا والولايات المتحدة على خلفية مسألة عقد بيع غواصات لأستراليا، لكن زاينتس شدّد وبدون ذكر احتمال أن يكون لهذا الإعلان هدف دبلوماسي، على أن القرار بذاته "يمليه العلم".

وبذلك ترفع واشنطن القيود المفروضة منذ آذار/مارس 2020 على المسافرين القادمين خصوصاً من دول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا والصين، على أن يُطبّق هذا الإجراء في وقت لاحق على الوافدين من الهند والبرازيل.

لكن البيت الأبيض لم يوضح في الوقت الحالي أي لقاحات ستعترف بها الولايات المتحدة للسماح بالدخول إلى أراضيها.

ويكتسي هذا الأمر أهمية كبيرة إذ إن عدداً كبيراً من البريطانيين والأوروبيين تلقوا لقاح أسترازينيكا الذي لم تصادق الولايات المتحدة على استخدامه، إنما سمحت باستخدام فقط لقاحات فايرز/بايونتيك وموديرنا وجونسون آند جونسون.

وصرّح المفوض الأوروبي تييري بروتون الاثنين لوكالة فرانس برس إثر اجتماع مع زاينتس في واشنطن، أنه يُفترض أن يُسمح للأوروبيين الذين تلقوا لقاح أسترازينيكا بالدخول إلى الولايات المتحدة في تشرين الثاني/نوفمبر. وأوضح أن الإعلان الأميركي "يعني مجمل الأشخاص المطعّمين بلقاحات مصادق عليها من جانب الوكالة الأميركية للأدوية". وأضاف أن زاينتس "قال لي إن بشأن اللقاحات الأخرى ولاسيما أسترازينيكا، فيتيعيّن على وكالتهم الصحية اتخاذ القرار لكنه بدا إيجابياً ومتفائلاً".

وطوّر الصينيون أيضاً لقاحاتهم الخاصة، مثلهم مثل الروس، وهي بالطبع غير مرخصة في الولايات المتحدة.

وبحسب جيف زاينتس، أراد البيت الأبيض وضع نظام شامل متماسك مبني على "الأفراد" وليس على اختلافات في التعامل بحسب البلد الذي يأتي منه المسافرون.

وكان الرئيس السابق دونالد ترامب أعلن في بداية تفشي الفيروس إغلاق الحدود لثلاثين يوماً، إلا أن القيود استمرّت في المجمل حوالى عشرين شهراً. وأثار هذا الأمر الغضب خصوصاً في الدول الأوروبية التي فتحت حدودها أمام الأميركيين الملقحين وكانت مستاءة من عدم معاملة مواطنيها بالمثل.


ترحيب أوروبي

وسارعت المفوضية الأوروبية وألمانيا وبريطانيا للترحيب بالقرار الأميركي الاثنين.

وكتبت المفوضية في تغريدة "إنه تدبير منتظر منذ وقت طويل من جانب عائلات وأصدقاء تفرّقوا ونبأ سار للشركات".

من جانبه اعتبر نائب المستشارة الألمانية ووزير المال أولاف شولتز على تويتر أن الإعلان الأميركي "نبأ ممتاز - للاستثمارات الألمانية والأوروبية، لصادراتنا ومجمل العلاقة عبر الأطلسي".

بدورها رأت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس عبر تويتر "أنه نبأ ممتاز للمسافرين من المملكة المتحدة إلى الولايات المتحدة" مضيفةً أن "ذلك مهمّ بالنسبة لانتعاشنا الاقتصادي وعائلاتنا ومبادلاتنا التجارية".

وأثار القرار الذي سيسمح بلمّ شمل العائلات وهو ما كان يطالب به عدد كبير من الناشطين على الانترنت، سرور شركات الطيران.

وعبّر اتحاد شركات الطيران الأوروبية "ايرلاينز فور يوروب" عن رضاه قائلاً إنه "يرحّب" بالإعلان الأميركي الذي "سيُعطي دُفعة ضرورية جداً للرحلات عبر الأطلسي".

واعتبر مدير عام شركة "إير فرانس كاي أل ام" بنجامن سميث الاثنين في مقابلة مع فرانس برس أن رفع واشنطن قيود السفر يشكل "نبأ رائعاً" منتظراً منذ عام ونصف العام وأن إعادة فتح الحدود ستسمح "بتحسين النتائج".

وأشار زاينتس إلى أنه سيتحتم على الأميركيين غير الملقحين العائدين إلى الولايات المتحدة بعد إقامتهم في الخارج، الخضوع لقواعد أكثر صرامة في ما يتعلق بالفحوص، تقضي بإجراء فحص في اليوم الذي يسبق رحلتهم وليس في الأيام الثلاثة السابقة للرحلة، وفحص آخر بعد وصولهم إلى الأراضي الأميركية.

شدّد البيت الأبيض لهجته في الأسابيع الأخيرة في مواجهة الأشخاص الذين يرفضون التطعيم في البلاد وكثّف البيانات لفرض تلقي اللقاح حيث تتمتع السلطات الفدرالية بالصلاحية للقيام بذلك، أو على الأقل للحضّ بشدة على التلقيح.

إلا أنها لم تتخذ حتى الآن أحد القرارات الأكثر صرامة، ويقضي بفرض التطعيم على جميع ركاب الرحلات الداخلية في الولايات المتحدة.

ولا ينطبق رفع القيود المعلن الاثنين على الحدود البرية للولايات المتحدة مع كندا والمكسيك، التي ستبقى مغلقة أمام الرحلات "غير الضرورية"، باستثناء للمواطنين الأميركيين.

وأكد جيف زاينتس أن هذه القيود التي يتمّ تمديدها من شهر إلى آخر، ستكون سارية على الأقلّ حتى 21 تشرين الأول/أكتوبر.