شنغهاي: قالت الصين الاثنين إن ثلاثة أشخاص فقط توفوا نتيجة إصابتهم بكوفيد-19 في شنغهاي منذ دخلت تدابير الإغلاق حيز التنفيذ الشهر الماضي، رغم تسجيل مئات الآلاف من الإصابات بالمتحوّرة أوميكرون السريعة الانتشار في المدينة.

وأوضحت السلطات أن أولى الوفيات الناجمة عن أكبر تفش للفيروس في الصين منذ ظهور الوباء في ووهان قبل أكثر من عامين تعود إلى ثلاثة مسنين تتراوح أعمارهم بين 89 و91 عاما وجميعهم يعانون مشكلات صحية.

صفر كوفيد

وتصر بكين على أن استراتيجيتها "صفر كوفيد" المتمثلة في عمليات إغلاق صارمة واختبارات جماعية وفترات حجر صحي طويلة، ساهمت في الحد من عدد الوفيات وفي تجنب الأزمات التي عانت منها أنظمة الرعاية الصحية العامة في معظم أنحاء العالم.

لكن البعض شكك في الحصيلة الرسمية للوفيات في هذا البلد الذي لديه معدل تطعيم منخفض بين سكانه المسنين. في المقابل، سجّلت هونغ كونغ تسعة آلاف وفاة مرتبطة بكوفيد-19 منذ بدء انتشار المتحوّرة أوميكرون في المدينة في كانون الثاني/يناير.

كما أفادت منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي لم يتم التحقق من صحتها، بحدوث وفيات لم تسجّل، قبل حذفها عن الانترنت.

وأفاد حساب رسمي لحكومة شنغهاي أن الضحايا الثلاثة الذين تم الإبلاغ عن وفاتهم "تدهورت حالاتهم الصحية بعد إدخالهم المستشفى". وأشار مفوض الصحة في المدينة الأحد إلى أن 62 % من السكان الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاما تلقوا جرعتين من اللقاح فيما حصل 38 % فقط من السكان على ثلاث جرعات.

وتخضع المدينة لمجموعة من التدابير الصحية منذ آذار/مارس مع بقاء العديد من سكانها البالغ عددهم 25 مليونا محجورين في منازلهم فيما تجاوز عدد الإصابات اليومية 25 ألفا، وهو رقم متواضع وفق المعايير العالمية لكنه غير مسبوق في الصين.

وأثارت القيود غضب الكثير من السكان ما أدى إلى إغراق وسائل التواصل الاجتماعي بشكاوى حول نقص المواد الغذائية وظروف الحجر الصحي القاسية، ومشاهد احتجاجات نادرة تم تداولها بسرعة قبل أن تتمكن للرقابة الحكومية من حذفها.

لكنّ المسؤولين لم يأبهوا بكل ذلك، وتعهدوا مواصلة عزل أي شخص تكون نتيجة اختباره بكوفيد إيجابية بغض النظر عما إذا كانت تظهر عليه أعراض المرض أم لا.

وأبلغت وزارة الصحة في المدينة عن تسجيلها 22,248 إصابة جديدة الاثنين، نحو 90 % منها من دون أعراض.

روّج الحزب الشيوعي الحاكم في الصين لاستراتيجية "صفر كوفيد" المتشددة كدليل على أنه يضع حياة الإنسان فوق المخاوف المادية، بخلاف العديد من الديموقراطيات الغربية التي يقول إنها ضحت بالأرواح من خلال فشلها في وقف الفيروس.

كما أقرت بكين بأن رفع القيود قد يتيح للوباء الانتشار على نطاق واسع وإرهاق نظام رعاية صحية يعاني نقصا في الموارد، ما قد يتسبب في وفاة الملايين.

تراجع معدلات التلقيح

ويشكل المسنون الذين يبلغ عددهم مئات الملايين في هذا البلد المتشيّخ بسرعة مصدر قلق. وتظهر الأرقام الرسمية أن معدلات التلقيح تتأخر بشكل كبير بين الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاما، وهي مجموعة أكثر عرضة من غيرها للإصابة بشكل خطير من الوباء إذا أصيبوا به.

لكن خبراء يقولون إن الاعتبارات السياسية لها دورا أيضا مع رهان الحزب على شرعيته في القضاء على البؤر الجديدة في عام سينتخب الرئيس شي جينبينغ على الأرجح لولاية ثالثة.

قالت لينيت أوغ، أستاذة العلوم السياسية في جامعة تورنتو "هذا عام حساس وحاسم بالنسبة إلى النظام".

وأوضحت "لطالما أعطت الصين أهمية كبيرة للاستقرار الاجتماعي، وقد تكون الأزمة الصحية مصدر اضطراب كبير".

وأشارت أونغ إلى أن هذه المخاوف ربما استمرت في تحفيز المسؤولين في شنغهاي الذين طبقوا بحماسة تدابير الإغلاق "لدرجة أنها تصبح سخيفة" حتى مع عدم تمكنها من كبح انتشار المتحورة أوميكرون.

وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي اليأس المتنامي في المدينة مع صور تظهر سكانا وهم يتشاجرون مع شرطيين يرتدون ملابس واقية أو يتدافعون عبر الحواجز لطلب الطعام.

وذكرت منشورات أخرى، لم تتحقق وكالة فرانس برس من صحتها، ومنافذ إعلامية أجنبية في السابق، أن مرضى مسنين في المدينة توفوا بعد إصابتهم بكوفيد-19، حتى مع عدم تسجيل أي وفيات في التقارير الرسمية.

وقالت السفارة الأميركية في بكين الاثنين إنها "أعادت تنظيم العمليات" لمساعدة أكثر من 40 ألف أميركي في منطقة القنصلية في شنغهاي.

واتهم مسؤولون صينيون واشنطن بتوجيه "اتهامات لا أساس لها" بشأن سياستها حول كوفيد في وقت سابق من الشهر الجاري بعدما دفع ارتفاع عدد الإصابات القنصلية إلى إجلاء الموظفين غير الأساسيين.