توصل باحثون في جامعة مونتريال الكندية الى طريقة تنشط الخلايا "النائمة" في شبكية العين لإعادة برمجتها إلى ما يسمى بالخلايا العصبية المستحدثة. ونجحوا في تطوير علاج جيني يساعد المرضى المصابين بضعف البصر الوراثي باستعادة قدرتهم على الرؤية.

فالأمراض الوراثية كالتهاب الشبكية الصباغي، تتسبب بتحلل الخلايا الحساسة للضوء في شبكية العين ما يضعف قدرة المريض على الرؤية، ويقلل من قدرته على تمييز التفاصيل والألوان، ويخلق تأثير "رؤية نفقية"، وربما يؤدي في النهاية إلى العمى التام.
لكن التقنية التي اكتشفها الباحثون تعمل على تحويل الخلايا النائمة لخلايا جديدة، تستشعر في شبكية العين وتحلّ محل الخلايا التي فقدت الاستشعار بسبب المرض.
ويمكن بعد ذلك تحويل هذه الخلايا إلى أخرى جديدة وحساسة للضوء لاستعادة الرؤية المفقودة.

أمراض الشبكية الموروثة هي مجموعة من الحالات التي تسبب تنكس الشبكية مما يؤدي إلى العمى التام لدى الأفراد المصابين. ويتتسبب في فقدان الحساسية للضوء والحدة والوضوح وتقليل الرؤية المحيطية. وهذه المشكلة يمكن أن تكون ناجمة عن طفرات جينية في أكثر من 270 جينًا، بما في ذلك RPE65.

وكانت مستشفى الأطفال في مونتريال وفي كيبيك قد أشارت منذ العام 2020 إلى أهمية العلاج الجيني بتحسين الرؤية وإبطاء فقدان البصر التدريجي. وأعلنت أنه سيكون من الممكن استعادة الرؤية للأشخاص الذين يعانون من ضمور الشبكية الموروث من خلال جراحة العلاج الجيني الجديدة في المركز الصحي بجامعة ماكجيل (MUHC).

علاج Luxturna
وذلك بفضل الأبحاث الطويلة المدى التي أجراها د.روبرت ك. كوينيكوب، مدير طب عيون الأطفال في مستشفى الأطفال (MCH) التابع لـ MUHC وكبير العلماء في معهد الأبحاث التابع لـ MUHC مونتريال.
ووافقت وزارة الصحة الكندية على علاج Luxturna الذي يُعتبَر أول علاج جيني في كندا لعلاج المرضى الذين يعانون من ضمور الشبكية الوراثي الناجم عن طفرة جينية RPE65، مثل التهاب الشبكية الصباغي Leber الخلقي.

وكان الدكتور كوينيكوب أستاذ جراحة الأطفال وعلم الوراثة البشرية وطب العيون في جامعة ماكجيل قد صرّح بأن هذا الإنجاز يأتي بعد أكثر من 20 عامًا من أبحاث العلاج الجيني. وتم دعم أبحاث الدكتور كوينيكوب من قبل مؤسسة مستشفى مونتريال للأطفال ومقاومة العمى بكندا لأكثر من 20 عامًا.

تعتبر أمراض الشبكية الموروثة من الحالات الشائعة التي تصيب 1 من كل 2000 شخص. غير قابلة للشفاء ومنهكة، فهي تسبب فقدانًا تدريجيًا للرؤية والمجال البصري وفقدان الاستقلالية لدى المتضررين.

وتظهر نتائج التجارب السريرية البشرية التي أجريت من 2005 إلى 2019 أن Luxturna يحسن الرؤية والوضوح والرؤية الليلية بشكل كبير، ويمكن أن يبطئ أو حتى يوقف الفقد التدريجي للرؤية لدى المرضى الذين يعانون من ضمور الشبكية الوراثي بسبب الجين RPE65 المعيب.

وLuxturna هو علاج فريد يتكون من حقنة جراحية واحدة يتم فيها إدخال نسخة وظيفية من الجين مباشرة في خلايا شبكية المريض لاستبدال الجين المعيب. ويجب أن يخضع المريض أولاً لاختبار فحص للتأكد من وجود طفرات RPE65 بالإضافة إلى وجود عدد كافٍ من الخلايا الشبكية القابلة للحياة.
وسينتج الجين الوظيفي البروتين الذي كان ناقصًا في السابق. يسمح هذا البروتين لخلايا الشبكية بالتجدد وتصبح وظيفية، مما يعني أنها ستكون قادرة على التقاط الضوء مرة أخرى.

ويقول الدكتور كوينيكوب: "بصفتي طبيبًا وباحثًا معالجًا مكرسًا لإيجاد حلول وعلاجات لضمور الشبكية الوراثي، فأنا متحمس جدًا للأمل الذي يجلبه Luxturna للمرضى الذين يعانون من ضمور الشبكية المرتبط بطفرة RPE65 والذين يواجهون العمى الكلي المحتمل. إن الفقدان التدريجي للبصر عند الأطفال الصغار والبالغين مدمر لجميع جوانب حياتهم حيث يتم تقليل استقلالهم وزيادة الاعتماد على مقدم الرعاية.

هذا العلاج أصبح ممكنًا من خلال التعاون بين فرق متعددة التخصصات من مستشفى مونتريال للأطفال بالتعاون مع Hôpital Maisonneuve-Rosemont في مونتريال، ومستشفى الأطفال المرضى (SickKids) بالشراكة مع مركز Sunnybrook للعلوم الصحية في أونتاريو، وكذلك شركة Novartis Pharmaceuticals Canada، كجزء من التزامها بالعلاج بالخلايا والجينات، تقوم بإحضار Luxturna إلى كندا.

والجدير ذكره أن Luxturna هو أول علاج جيني تمت الموافقة عليه من قبل إدارة الغذاء والدواء (FDA) وهو متوفر في الولايات المتحدة منذ عام 2017.