من المعروف أن الأنظمة الغذائية التي تحتوي على نسبة أعلى من الدهون وانخفاض ملحوظ في الكربوهيدرات لها تأثير كبير على الحد من حدوث النوبات لدى الأفراد الذين يعانون من أشكال الصرع المقاومة للأدوية، وخاصة بين الأطفال.
وفي حين أنه أصبح من الواضح أن النظام الغذائي يخلق نوعا من التحول في البكتيريا المعوية، فإن الطبيعة الدقيقة لهذه التغييرات وارتباطها بانتشار النوبات تظل لغزا.
ويعاني حوالى 50 مليون شخص حول العالم من عواصف متكررة من التفريغ الكهربائي عبر الدماغ فيما يتم تشخيصه على أنه صرع، ما يؤدي إلى أي شيء بدءًا من لحظات عدم الانتباه إلى التشنجات الشديدة. ويستفيد معظمهم من الأدوية، ولكن بالنسبة لنحو 30 في المائة، تعتبر حالاتهم مقاومة للعلاج.
وفي حين أن الفوائد الصحية لنظام الكيتو الغذائي بالنسبة لمعظم الناس قد تمت مناقشتها، إلا أن هناك أدلة متزايدة على أن الأنظمة الغذائية الغنية بالدهون والفقيرة بالكربوهيدرات تقلل بطريقة أو بأخرى من خطر النوبات لدى المصابين بالصرع المقاوم.
وفي هذا الاطار، تقدر الدراسات أن حوالى 30 % من الأطفال المصابين بالصرع المقاوم للعلاج يصبحون خالين من النوبات أثناء اتباع النظام الغذائي، في حين أن حوالى 60 % يحصلون على "فوائد كبيرة" من خلال تقليل تكرار نوباتهم إلى أكثر من النصف.
ولسوء الحظ، فإن الالتزام بالنظام الغذائي يمكن أن يشكل تحديًا. إذ يمكن للأطفال أن يكونوا انتقائيين في تناول الطعام، دون فرض المزيد من القيود على ما يمكنهم تناوله. بالإضافة إلى مشاكل الجهاز الهضمي، وخطر الإصابة بحصوات الكلى، ومجموعة متنوعة من الآثار الجانبية الأخرى. فلا عجب أن لا يلتزم الجميع بنظام الكيتو الغذائي على مر السنين، باستثناء حفنة منهم.
ومن خلال تعلم كيف يؤدي مزيج معين من العناصر الغذائية إلى تغيرات عصبية تقلل من فرصة حدوث النوبات، يأمل الباحثون أن يتمكنوا من ابتكار علاجات جديدة لا تعتمد على مثل هذا النظام الغذائي المصمم خصيصًا.
النظام الغذائي الكيتوني
ومن أجل المزيد من التوضيح، يقول المؤلف الرئيسي للدراسة عالم الأحياء الجزيئية بجامعة كاليفورنيا الدكتور غريغوري لوم "إن تضييق وظائف الميكروبات المفيدة في الحماية من النوبات يمكن أن يؤدي إلى طرق جديدة لتعزيز فعالية النظام الغذائي الكيتوني أو لتقليد آثاره المفيدة".
ومن خلال العمل في مختبر عالمة الأحياء إيلين هسايو بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس، قاد لوم فريقًا من الباحثين لكشف النقاب عن شبكة مهمة من التفاعلات بين الميكروبات الموجودة بأمعاء نماذج الفئران المصابة بالصرع، والمواد الكيميائية التي تنتجها، ومنتجات الجينات في الحصين.
وبعد التحقق من آثار نظام الكيتو الغذائي على المناطق الأحيائية المعوية لعشرة أطفال يعانون من الصرع المقاوم لدى الأطفال بمستشفى ماتيل للأطفال بجامعة كاليفورنيا، أجرى لوم وفريقه تجربة أدخلوا فيها النباتات الدقيقة المعدلة وراثيًا.
وقد أثبتت عينات الميكروفلورا التي تم جمعها من الأطفال الذين اتبعوا نظام الكيتو الغذائي لمدة شهر تقريبًا أنها أكثر فعالية في تقليل النوبات لدى الفئران مقارنة بالعينات التي تم جمعها قبل بدء الأطفال النظام الغذائي.
ويعد هذا البحث مجرد مثال آخر على كيفية لعب العديد من الكائنات الحية التي تعيش داخل أمعائنا دورًا أساسيًا في تحديد كيفية عمل الجسم بالكامل. لقد حان الوقت لتعلم كيفية تناول الطعام.
التعليقات