إيلاف من نيويورك: هل الانترنت إدمان؟ ولتقريب الأمر قد يتم طرح السؤال بصيغة أخرى، هل الهاتف أو أي جهاز آخر متصل بالانترنت إدمان؟ بالطبع هو كذلك، ولكن هنا يطل سؤال آخر، إلى أي مدى؟
يمكننا تصفح الإنترنت لقراءة الصحف والمقالات والكتب، ومشاهدة الأفلام ومتابعة الأحداث الرياضية، والانضمام إلى مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك، وغيره، وتطبيقات تلبي مختلف الاهتمامات، والبحث عن وظائف والتقدم لها، والتخطيط لإجازاتنا، والبقاء على اتصال مع العالم.
ومنذ انتشار جائحة كوفيد-19 ، غيرت تقنية الفيديو كونفرانس الطريقة التي نتعلم بها، وكيفية إدارة أعمالنا والوفاء بمسؤولياتنا الوظيفية.
وحتى بعد انتشار كوفيد-19، يتم تشجيع معظم الموظفين على العمل لبضعة أيام في المنزل، والتواصل عبر الإنترنت. يتم إجراء أكثر من نصف جلسات العلاج النفسي التي تُعقد حول العالم اليوم على منصات عبر الإنترنت للاستشارة.
ثورة الذكاء الاصطناعي
في الآونة الأخيرة، ظهر الذكاء الاصطناعي لأول مرة. والواقع أن السرعة الكبيرة التي تتمتع بها تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المساعدة في إنجاز أي شيء تقريباً أمر مثير ويصعب تصديقه في الوقت نفسه. ولا أستطيع أن أتجاوز النطاق الواسع من المعرفة، والسرعة الهائلة في توليد البيانات، والاستجابات الإنسانية المتعاطفة على ما يبدو.
والآن.. هل هذه الأجهزة تسبب الإدمان؟
عندما يستخدم الناس هواتفهم الذكية والأجهزة التقنية الأخرى التي توجد بها خدمة انترنت وتواصل اجتماعي، يتم إطلاق نفس المواد الكيميائية العصبية التي تنتقل عند تناول المخدرات مثل الكوكايين، وشرب الكحول، والمقامرة، وتناول الطعام، و ممارسة الجنس، في الدماغ - مما يجعل هذه الأجهزة مسببة للإدمان للغاية، وفقاً لما قاله تقرير نيويورك تايمز.
في العصر الذي أصبحت فيه هواتفنا الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة وأجهزة الكمبيوتر الشخصية بمثابة امتدادات لأنفسنا، لم يكن للاتصال عبر الإنترنت جاذبية أقوى من أي وقت مضى، مما أدى إلى طمس الخط الفاصل بين الواقع والعالم الرقمي.
هل يجب أن نقلق؟
تجد ليندا، وهي طالبة تسويق تبلغ من العمر 23 عامًا، نفسها تقوم بتحديث إشعارات تطبيق المواعدة الخاص بها باستمرار وهي مهووسة بتفاصيلها الشخصية التي تضعها على التطبيق، ومقابل ذلك فإن درجاتها الجامعية تتراجع.
شخص آخر، يبلغ 32 عامًا، لديه وظيفة مهمة للغاية في المبيعات. لكنه يقضي غالبية ساعات اليوم في مشاهدة مواقع إباحية، والآن حياته معرضة لخطر الانهيار.
بول، 35 عامًا، رجل أعمال ناجح، متزوج ولديه ثلاثة أطفال، لكنه لا يستطيع التوقف عن المقامرة عبر الإنترنت وتداول أسهمه الشخصية. وهذا يكلفه الكثير من المال وقد يهدد عمله ومسيرته المهنية وزواجه.
ولدينا كذلك طالب جامعي يبلغ من العمر 24 عامًا، لا يستطيع التركيز على محاضراته ودراسته، لأنه مهووس بتصفح الإنترنت ومشاهدة مواقع التواصل الاجتماعي.
وهذه السيناريوهات ليست نادرة في عالمنا اليوم الذي أصبح شديد الاتصال.
دعونا نحدد هذا الأمر بشكل أكثر دقة. يشير موقع Neurolaunch.com إلى ما يلي: "في جوهره، يشير إدمان العلاقات الإلكترونية إلى الانشغال غير الصحي بالعلاقات عبر الإنترنت والتي تتداخل مع الحياة اليومية والعمل والعلاقات خارج الإنترنت.
"لا يتعلق الأمر فقط بقضاء وقت طويل على الإنترنت، بل يتعلق أيضًا بالحاجة القهرية للتفاعلات الرقمية التي يمكن أن تؤدي إلى إهمال المسؤوليات والاتصالات في العالم الحقيقي."
ما هي عوامل الخطر لإدمان الانترنت؟
العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة : يمكن لعالم الإنترنت أن يوفر اتصالات محفزة، وفي الوقت نفسه، تعوض عن الشعور بالوحدة. ومن المؤسف أن مشكلة الشعور بالوحدة لا يمكن حلها بواسطة عالم الإنترنت.
فالكثير من هؤلاء الأفراد يفتقرون في الواقع إلى مهارات التفاعل الاجتماعي. ويعاني البعض منهم من الرهاب الاجتماعي ويصبحون قلقين للغاية في التعامل مع الناس. وكذلك يصاب مدمن الانترنت بانخفاض احترام الذات، وانعدام الشعور بالأمن، والهروب من الواقع.
مخاطر السوشيال ميديا على الشباب
أكبر فئة من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي والفضاء الإلكتروني هم الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عامًا. يرى الشباب أقرانهم يتفاعلون مع الهواتف الذكية والأجهزة الأخرى بانتظام، مما يعزز تفضيلهم لأن يكونوا مثل أصدقائهم. على سبيل المثال، يولد تطبيق TikTok، الذي يحظى بشعبية بين جيل الشباب، مليار مشاهدة يوميًا.
التصفح والتمرير المستمر، والإشعارات المباشرة، والخوارزميات المصممة شخصيًا والهادفة إلى جعل المستخدم مدمنًا، أصبحت عاملًا قويًا في علاقتنا مع الإنترنت، وهناك العديد من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها بعد بشأن التأثير الذي تخلفه وسائل التواصل الاجتماعي والفضاء الإلكتروني على حياتنا.
وكما الحال مع أي شيء جديد تطور على مدار التاريخ، فمن المؤكد أن التغييرات في المجتمع والسلوك البشري سوف تحدث لا محالة، وهي تحدث بالفعل، وقد نستغرق بعض الوقت في رصدها والشعور بتأثيرها بصورة حاسمة.
إن تكنولوجيا الكمبيوتر وعالم الفضاء الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي تشكل تطورات ملحوظة. ويُظهِر لنا الذكاء الاصطناعي أن التطور يحدث بسرعة، ونتيجة لذلك يتغير الناس.
على الرغم من أن الإنترنت ليس ضارًا بطبيعته، إلا أن الضرر يكمن في كيفية استخدامه والتأثير الذي يحدثه على حياة الفرد.
التعليقات