إيلاف من واشنطن: أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 125% على السلع الصينية، ودخل القرار حيز التنفيذ فورًا

وجاء قرار ترامب رداً على إعلان بكين عن زيادة في رسومها الجمركية على السلع الأميركية، من 34% إلى 84%، معتبرةً الإجراء الأميركي تصعيدًا غير مسبوق في الحرب التجارية بين القوتين الاقتصاديتين.

وأفادت وزارة المالية الصينية أن الرسوم الجديدة على المنتجات الأميركية ستُطبق اعتبارًا من يوم الخميس، في حين ناشدت بكين المجتمع الدولي للوقوف صفًا واحدًا ضد ما وصفته بـ"الاستبداد التجاري" لترامب. وكتبت صحيفة "تشاينا ديلي" الحكومية أن "الوحدة العالمية قادرة على الانتصار"، مشيرة إلى جهود التنسيق بين الصين وكل من اليابان وكوريا الجنوبية واقتصادات آسيوية أخرى. ودعا مقال آخر الاتحاد الأوروبي للانضمام إلى هذا التكتل لحماية التجارة الحرة.

وزارة الخارجية الصينية عبّرت عن رفضها القاطع لما وصفته بـ"الممارسات المتنمرة"، حيث أكد المتحدث لين جيان أن بكين "لن تقبل أبداً" هذه السياسات. وجاء هذا التصعيد في وقت حساس يعاني فيه الاقتصاد الصيني من تباطؤ ملحوظ، مع بقاء الصادرات المحرك الرئيسي للنمو وسط ضعف الاستهلاك المحلي.

الشركات الصينية سارعت إلى إعادة ضبط سلاسل التوريد في ظل حالة عدم اليقين المتزايدة. وأفاد صاحب شركة لوجستية متخصصة في الشحن عبر الحدود أن الرسوم الجمركية المرتفعة "ستقلص هوامش الربح الضئيلة أصلاً"، مضيفًا: "الجميع سيتأثر... من المصانع إلى البائعين".

من جهتها، أوضحت دان وانغ من مجموعة أوراسيا أن أي رسوم تتجاوز 35% تعني القضاء على أرباح الشركات الصينية التي تُصدّر للولايات المتحدة أو جنوب شرق آسيا. وأكدت أن الصادرات ساهمت بما يتراوح بين 20 إلى 50% من النمو الاقتصادي منذ جائحة كوفيد.

ورغم عدم إعلان بكين عن إجراءات انتقامية مباشرة، أفادت مصادر إعلامية بأن السلطات الصينية تدرس حظر أفلام هوليوود وتعليق التعاون في مجال الفنتانيل مع واشنطن. لكن مثل هذه الخطوات قد لا تحمي الشركات الصينية من التأثير السلبي. وأشارت شركة "فولينغ"، التي تورد أدوات مائدة غير قابلة لإعادة الاستخدام لسلاسل مطاعم أميركية، إلى أن الضرائب الجديدة ستؤثر بشدة على أعمالها، خصوصًا أن نحو ثلثي إيراداتها العام الماضي كانت من السوق الأميركية.

وفي محاولة لتقليل الأضرار، افتتحت الشركة مصنعاً في إندونيسيا أواخر العام الماضي، لكن الرسوم الأميركية امتدت لتشمل صادرات إندونيسيا أيضاً بنسبة 32%، ما فاقم الأزمة.

الضرائب الأميركية الجديدة شملت تعرفة أساسية بنسبة 10% على معظم الواردات، مع رسوم إضافية أعلى على دول مثل كمبوديا (49%)، فيتنام (46%)، وتايلاند (36%)، وهي دول استفادت من تحوّل سلاسل التوريد الصينية إليها. وقد أعربت غرفة التجارة الأميركية في الصين عن قلقها، محذّرة من أن هذه الإجراءات ستُلحق ضررًا فادحًا بالاقتصادين الأميركي والصيني على حد سواء.

ويرى بعض المحللين أن الرسوم الأميركية قد تُجبر الصين على إعادة هيكلة اقتصادها والاعتماد أكثر على الاستهلاك المحلي، وهي مهمة تبدو شاقة في ظل التحديات الحالية. وقال مدير شركة شحن صينية إن الرسوم تهدف بشكل صريح إلى "قمع الصين"، مشيراً إلى أن الشركات انتقلت سابقاً إلى دول جنوب شرق آسيا، التي بدورها باتت الآن ضمن نطاق الرسوم المرتفعة.

وو تشانغتشون، مدير شركة "ماريتيما ماروبا" للشحن، أكد أن حجم الشحن تراجع بالفعل، لافتاً إلى توقف عدة مشاريع بناء في كمبوديا بعد إعلان ترامب. وقال: "لو كانت الرسوم عند 10 أو 20%، لكان بالإمكان التكيّف... لكن عند 104%، الأمر خارج نطاق السيطرة".

واختتم بقوله: "هذا انفصال كامل. ستتوقف التجارة تماماً".