مجموعة من عناصر الشركة الامنية الاميركية الخاصة بلاك ووتر
في وقت باشرت الحكومة والهيئات التشريعية والتنفيذية العراقية تحركات من اجل اعادة محاكمة عناصر شركة quot;بلاك ووترquot; الاميركية الامنية الخاصة المتهمين بقتل مواطنين عراقيين ودعم دعوى قضائية لعائلات الضحايا ضدهم فقد ارتفعت مطالب بأعتقال او طرد منتسبي الشركة من البلاد، وصلت الى حد الدعوة لاطلاق سراح المعتقلين العراقيين المتهمين بقتل جنود ومدنيين اميركيين في العراق ردًّا على تبرئة تلك العناصر في قضية يبدو ان حسمها سيأخذ وقتًا طويلاً قد يقود في النهاية الى تصويت العراقيين ضد الاتفاقية الامنية بين بغداد وواشنطن.
لندن: اثارت تبرئة القضاء الاميركي لخمسة عناصر من شركة بلاك ووتر الاميركية الخاصة للامن من تهمة قتلهم لاربعة عشر عراقيًا في ايلول (سبتمبر) العام 2007 غضبًا رسميًا وشعبيًا عراقيًا دفع بنواب الى المطالبة بملاحقتهم قضائيًا داخل الولايات المتحدة.
وأكدت وزيرة حقوق الانسان العراقية وجدان ميخائيل ان الحكومة ستدعم الجهود الرامية الى رفع قضايا امام المحاكم المدنية ضد شركة بلاكووتر التي قتل افرادها المدنيين العراقيين. كما قرر مجلس النواب تشكيل لجنة لمساندة ومتابعة الجهود الحكومية للمطالبة بحقوق العراقيين واستضافة وزيري الخارجية والداخلية ورئيس مجلس القضاء الأعلى لمعرفة اسباب تراجع الإدارة والقضاء الأميركيين عن الضمانات التي قدمت في هذا المجال بمحاسبة الفاعلين.
وطالب نواب الى ضرورة الإسراع بالمصادقة على قانون تنظيم الشركات الأمنية على الاراضي العراقية. وقال نواب لدى مناقشة الامر في البرلمان انه في حال عدم قبول الطعن بقرار تبرئة المتهمين الخمسة يتم اللجوء الى انهاء عقد شركة بلاك ووتر ومطالبة القضاء العراقي بالتعامل بالمثل من خلال اطلاق سراح العراقيين المعتقلين الذين اتهموا بقتل الأميركان على الأراضي العراقية وكذلك اجراء الإستفتاء على الإتفاقية الأمنية مع الإنتخابات التشريعية المقبلة في اذار (مارس) المقبل مع حث العراقيين على التصويت بعدم الموافقة عليها.

ودعا النائب وائل عبداللطيف الإستفسار من الجهات التنفيذية عن الجهة التي قامت بستليم المتورطين الى الجانب الأميركي وتحديد المعني بمتابعة الموضوع لدى القضاء الأميركي مشيرا الى ضرورة الإستفادة من خبراء العراق القانونيين لتأمين حقوق ضحايا العراقيين. كما طالب النائب صباح الساعدي القوات العراقية باعتقال منتسبي شركة بلاك ووتر كونهم يمارسون عملهم على الأراضي العراقية.
واكد النائب سامي الأتروشي على ضرورة توحيد جهود مجلس النواب والحكومة للحصول على نتائج مثمرة لصالح العراق. واشار صفاء الدين الصافي وزير الدولة لشؤون مجلس النواب الى ان الحكومة سستابع موضوع المبررات التي استند اليها القضاء الأمريكي في تبرئة المتهمين الخمسة وستقدم الى البرلمان تقريرا عما تقوم به من إجراءات في هذا المجال.
يذكر أن وزارة الخارجية الأميركية كانت تعاقدت منذ عام 2004 مع شركة بلاك ووتر التي تتخذ من ولاية كارولينا الشمالية الاميركية مقرا لها من أجل توفير الحماية للدبلوماسيين والمدنيين الاميركين الذين يعملون في العراق.
وكانت وزارة الداخلية العراقية قد ألغت في أيلول (سبتمبر) عام 2007 رخصة بلاكووتر الأمنية التي رافق عملها الكثير من الحوادث والجدل حيث فقدت في اذار (مارس) عام 2004 أربعة من عناصرها الأميركيين الذين كانوا يوفرون الحماية لقافلة تموين للجيش الأميركي بمدينة الفلوجة. ونقلت وسائل الإعلام العالمية آنذاك صور التمثيل بجثث العناصر الأربعة والتي تم جرها في الشوارع وتعليقها على أحد جسور المدينة.
كما ظهر اسم الشركة في أبريل (نيسان) عام 2005 حينما أسقط مسلحون مروحية تابعة لها كانت تقل 11 شخصاً قتلوا جميعاً منهم 6 أميركيين.

محاولات عراقية لاعادة محاكمة المتهمين الخمسة
وتؤكد الحكومة العراقية انها ستدعم دعوى قضائية سيرفعها ذوي الضحايا امام المحاكم الاميركية ضد حراس بلاك ووتر. واوضح الناطق بأسم الحكومة غلي الدباغ ان الحكومة ستطلب من وزارة العدل الاميركية إعادة النظر في القضية ضد حراس بلاكووتر التي غيرت اسمها الى quot;اكس اي سيرفسزquot;. وأسقطت محكمة اتحادية أميركية الجمعة الماضي جميع الاتهامات ضد حراس بلاكووتر الخمسة ورفضت القضية شكلا وليس مضمونا.
وفي تصريح مكتوب تسلمته quot;ايلافquot; اكد الدباغ ان السلطات العراقية quot;بدات الاجراءات اللازمة لمقاضاة شركة بلاك ووتر وستستخدم كل الوسائل الممكنةquot; للحصول على حقوق الضحايا. وشدد الدباغ على ان الحكومة ستستنفر كل اجهزتها ووزارتي الخارجية والعدل والجهة القانونية والقسم القضائي في الامانة العامة لمجلس الوزراء كل هذا لاعداد العدة لمقاضاة هذه الشركة.
واعتبر القاضي الفدرالي ريكاردو اوربينا الذ برأ المتهمين ان عناصر الامن quot;ارغمواquot; على تقديم ادلة دامغة خلال تحقيق اجرته وزارة العدل الاميركية لكن الدستور الاميركي يمنع المدعين من استخدام quot;اقوال تم انتزاعها تحت تهديد فقدان الوظيفةquot;.
واضاف انه كان امام المدعين الفدراليين فرصة خلال جلسات بدأت في منتصف تشرين الاول (اكتوبر) الماضي واستمرت ثلاثة اسابيع لإثبات انهم لم يستخدموا اقوال المدعى عليهم لفتح هذه القضية ولم ينجحوا في ذلك.. واكد انه quot;على المحكمة اسقاط كل التهم الموجهة الى المدعى عليهم.

وقد اتهم عناصر الامن الخمسة الذين كانوا ضمن قافلة بقتل 14 مدنيًا عراقيًا كما يقول الاميركيون لكن العراقيين يقولون انهم 17 ضحية واصابة 18 آخرين بجروح في هجوم بساحة النسور في منطقة اليرموك بضواحي غرب بغداد استخدمت خلاله قنابل يدوية واطلاق نار. وبحسب وثائق عرضتها المحكمة قال احد الحراس لزميله انه يريد قتل عراقيين انتقاماً لاعتداءات 11 ايلول (سبتمبر) عام 2001 متباهيا بعدد العراقيين الذين قتلهم.
وكانت السلطات العراقيةقدرفضت في كانون الثاني (يناير) من العام الماضي تجديد عقد شركة quot;بلاك ووترquot; في اعقاب الحادث لكن الشركة غيرت اسمها الى quot;اكس أي سيرفسquot;. ويؤكد شهود ان العناصر الامنيين اطلقوا النار على المدنيين من دون ان يكون هؤلاء قد اعتدوا عليهم لكن quot;بلاك ووترquot; وهي اكبر شركة امنية خاصة استخدمها الاميركيون في بغداد ادعت ان الحراس اطلقوا النار دفاعًا عن النفس.
والمتهمون الخمسة هم بول سلو (29 عامًا) ونيكولاس سلايتن (24 عامًا) وايفان ليبرتي (26 عامًا) وداستن هيرد (27 عامًا) ودونالد بال (26 عاما).. فيما كان عنصر سادس هو جيريمي ريدجواي قد اقر بتهمة القتل غير العمد في كانون الاول (ديسمبر) العام 2008.
وجول هذا الامر قال قائد القوات الاميركية في العراق الجنرال راي اوديرنو quot;نعرف جميعاً ان من فعلوا ذلك لم يكونوا من الجنود او البحارة او المارينز فالامر يتعلق بشركة امنية خاصةquot;. واضاف quot;انني قلق حيال ردود فعل تستهدف الشركات الامنية الخاصة التي ما تزال تعمل في العراق. لا ارغب في حدوث ذلكquot;. وعبر عن اعتقاده بان العراقيين غاضبون بسبب قرار اسقاط التهم وقال quot;طبعاً لن يحبذوا ذلك لاعتقادهم بضرورة معاقبةquot; الذين ارتكبوا الحادث.
وكان أهالي الضحايا يأملون على الرغم من التعقيدات القانونية المرافقة للقضية بأن يتم اثبات التهم على عناصر بلاك ووتر باطلاقهم النار عشوائيا على العراقيين ما أدى الى مقتل 14 منهم وجرح عشرات آخرين.
وتمتعت الشركات الأمنية العاملة في العراق في ظل ادارة الرئيس السابق جورج بوش بالحصانة القانونية ضد القضاء العراقي. وخلال فترة التحقيق أشارت تسريبات اعلامية الى أن عناصر تنفيذيين من شركة الأمن الأميركية سعوا لدفع مليون دولار كرشوة لمسؤولين عراقيين كي quot;يوقفوا انتقاداتهمquot; بعد الحادث.

واعلن في بغداد اليوم ان لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي قد انتهت من انجاز مسودة قانون الشركات الأمنية الخاصة العاملة في العراق ورفعتها إلى هيئة رئاسة البرلمان وسيتم قراءتها قراءتين أولى وثانية للتصويت عليها خلال الأسبوع الحالي. ويهدف القانون الى تنظيم عمل هذه الشركات وما تقترفه من خروقات بحق الأبرياء من العراقيين.
ويلغي هذا القانون الأمر الإداري 17 الذي اصدره الحاكم المدني الأميركي السابق في العراق بول بريمر الذي منح الشركات الأمنية حصانة تفوق دورها وحاجتها. ويلغي القانون الجديد الحصانة من الشركات الامنية ويحد كثيرًا من صلاحياتها.

جيش من المتعاقدين الامنيين
وتشير المصادر الاميركية الى ان عدد المتعاقدين الأمنيين في العراق قد وصل قبل اربع سنوات الى 180 الفًا وفاق اعداد القوات الاميركية العاملة في البلاد والتي بلغت 160 الفًا وعمل في تلك الشركات اميركيون وعناصر من جنسيات اخرى وعراقيون يعملون بعقود اميركية طبقًا لما تبين الارقام التي اعلنتها وزارتي الخارجية والدفاع الاميركيتين مؤخرًا.
وتقول صحيفة quot;لوس انجليز تايمزquot; ان quot;العدد الضخم للمتعاقدين الخاصين يبين المدى الكبير لاعتماد ادارة بوش على الشركات الخاصة في ادارة هيمنها على العراق وهي مهمة كانت موضع نقد بوصفها تؤشر نقصًا في توفير القدرات البشرية للعمل في هذا المجال. وقالت ان quot;هذه الارقام توضح افضل من اي شيء اخر اننا مضينا الى الحرب من دون توفير قطعات عسكرية كافية وهذا يعني ان التحالف ليس تحالفا طوعيًا بل تحالفا يعمل باجرquot;.

وتوضح ارقام وزارتي الدفاع والخارجية الاميركيتين الى انه كان هناك 21.000 متعاقد اميركي و43.000 من جنسيات اخرى وحوالي 118.000 عراقي.. جميعهم عملوا في العراق بدولارات الضرائب الاميركية. وعمل في العراق 11 شركة بريطانية كبرى في مجال الحماية الأمنية الخاصة وتوظف أكثر من 21 ألف شخص معظمهم جنود سابقون تركوا الخدمة في القوات المسلحة البريطانية طمعاً في المكاسب المالية المغرية التي يدرها هذا العمل وقد تصل إلى آلاف الدولارات في اليوم.
وتشير المصادر الى ان شركة quot;إيجيسquot; لخدمات الدفاع هي أكبر الشركات البريطانية العاملة في قطاع الحماية الأمنية الخاصة في العراق وكانت تأسست عام 2002 وحصلت على عقود قيمتها 293 مليون جنيه إسترليني لتوفير الحماية لامشاريع إعمار هناك.
وهناك ايضا شركة quot;آرمور غروبquot; التي تأسست عام 1981 ويشغل وزير الخارجية السابق في حكومة المحافظين مالكولم رفكيند منصب رئيسها غير التنفيذي قد حصلت على عقود بمئات الملايين من الجنيهات الإسترلينية من وزارة الخارجية البريطانية لتأمين الحماية الأمنية لموظفيها في العراق.
أما شركة quot;بلو هاكلquot; التي تأسست عام 2004 فقد حصلت على عقود بعشرات الملايين من الجنيهات الإسترلينية في العراق مقابل خدماتها.. ثم شركة quot;بريتأم الدفاعيةquot; والتي تأسست عام 1997 وحصلت على عقود لتقديم الحماية الأمنية لشركات خاصة تعمل في العراق ويشغل الجنرال مالكولم ويلكس منصب رئيس الشركة. وايضا هناك شركة quot;سنتوريونquot; التي كانت تأسست عام 1995 وحصلت على عقود لتوفير الحماية لمؤسسات إعلامية غربية تعمل في العراق.. وشركة quot;كونترول ريسك غروبquot; التي تأسست عام 1975 وحصلت على عقود لتوفير الحماية الأمنية لمكتب إعادة الإعمار التابع للولايات المتحدة ويشغل منصب رئيسها غير التنفيذي الجنرال مايكل روز.
ويعمل في شركات الحماية البريطانية اضافة الى البريطانيين أعداد كبيرة من الأميركيين والجنوب أفريقيين والزيبمابويين والفلبينيين فيما وصف بأحد أخطر المهن في العالم رغم كونها مجزية من الناحية المالية إلى درجة أن بعض شركات الحماية الخاصة بدأت تنسحب من العراق بسبب المخاطر.
وغالبية عناصر اجهزة الامن التي تتولاها شركات خاصة هم من قدامى القوات الخاصة لجيوش اجنبية في الثلاثينيات او الاربعينيات من العمر ولديهم خبرات قتالية راكموها خلال نزاعات عدة جرت حول العالم. والكثيرون من الاجانب الذين يقومون بمهام امنية لصالح شركات خاصة يفعلون ذلك للاغراء المالي الكبير الذي يمثله هذا العمل في العراق اليوم فأجر رجل الامن الخاص قد يصل يوميًّا الى حدود الالف دولار اميركي.
اما العمل الذي تؤديه هذه العناصر في مجال الامن الخاص فيتراوح بين كونهم مرافقين لشخصيات او تأمين سلامة مواكب سيارة او السهر على امن مبان تعتبر معرضة لاخطار كبيرة. وبعضهم من رجال الامن الخاص يتم تشغيلهم من قبل مؤسسات اعلامية تريد ان تؤمن لمراسليها الاحتياطات الامنية اللازمة لدى تجولهم في العراق. وبعضهم الآخر من رجال الامن الخاص يعملون لصالح السلطات العراقية او دوائر اجنبية حكومية كوزارة الخارجية البريطانية بهدف تأمين حماية السياسيين او الموظفين الرسميين.