عبد الهادي محفوظ

تدفع عملية التراجع في حدة الخلافات السياسية التي شهدها لبنان خلال السنوات الخمس الماضية، وحالة الاستقرار التي تعيشها البلاد في ظل حكومة quot;الوفاق الوطنيquot; بالعديد من القضايا والمشكلات التي تواجه quot;المجلس الوطني للإعلامquot; إلى الواجهة الإعلامية والسياسية، بدءاً بمشروع القانون الأميركي الذي يرمي إلى فرض العقوبات على الأقمار الإصطناعية والفضائيات العربية التي يتهمها بالتحريض على الكراهية ضد الأميركيين، وخرق قانون مكافحة الإرهاب، مروراً بإنفجار الجدل حول حرية الإعلام، إثر التداعيات التي أحدثها برنامج (لول) الفكاهي على قناة الـ (OTV) وإقفال عدد من المحطات الإذاعية غير المرخصة، وانتهاءً بالثغر التي تشوب قانون الإعلام في لبنان، وعدم فتح باب الانتساب إلى نقابتي الصحافة والمحررين أمام أعداد كبيرة من الصحافيين العاملين في الإعلام المرئي والمسموع وكذلك في الصحافة الإلكترونية التي بات وزنها وحضورها أساسيا وكبيرا.

معاقبة الفضائيات نقطة سوادء في سجل الحرّيّات

بيروت: تناول رئيس quot;المجلس الوطني للإعلامquot; عبد الهادي محفوظ مجمل القضايا المطروحة على أجندة المجلس في حديث إلى جريدة quot;إيلافquot; الإلكترونية، واستهل بموضوع مواجهة القانون الأميركي الذي يسمي قناة quot;المنارquot; التابعة لـquot;حزب اللهquot; باعتبارها من الفضائيات المستهدفة بالعقوبات، فرأى أن القانون الأميركي المقترح يأتي في سياق السعي لاستعادة مشروع المحافظين الجدد الذي ارتكز على ما سماه بـquot;حرب الحضاراتquot; التي أرادت تصوير الإسلام كعدو للغرب، وإخضاع المؤسسات الإعلامية العربية لقرار أميركي، دون أن يمنحها حتى حق الدفاع عن نفسها.

وأدرج محفوظ مشروع القانون المذكور في سياق الضغط على الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي آثر علاقة الانفتاح والحوار تجاه العالمين العربي والإسلامي، وذلك بقيادة اللوبي الصهيوني والمحافظين الجدد والقدامى في الولايات المتحدة الأميركية، بعدما نجحت بعض المؤسسات الإعلامية العربية كمحطتي quot;الجزيرةquot; وquot;العربيةquot;، في كسر احتكار 300 شركة أميركية وأوروبية ويابانية في العالم للمعلومة، ويهدف اللوبي الصهيوني مع المحافظين من خلال هذا الضغط إلى كسر التواصل بين الإعلام العربي والرأي العام الغربي.

ويشدد محفوظ على ضرورة مواجهة القانون الأميركي قائلاً quot;إن الشرط الأول والأخير لمواجهة هذا الخطر يبقى في توحيد الجهود العربية الرافضة له، وقد كان لبنان سباقاً في هذا المجال من خلال الإجماع الوطني على رفضه عبر رسالة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى رئيسة مجلس النواب الأميركي، وتكليف وزير الإعلام اللبناني طارق متري اتخاذ موقف رافض لمشروع القانون الأميركي في اجتماع مجلس وزراء الإعلام العرب في الرابع والعشرين من الشهر الجاري والمزمع عقده في مدينة القاهرةquot;، ويبدي محفوظ أمله في quot;صدور موقف عربي وإسلامي فاعل في مواجهة القرار ورفضه، داعياً إلى إنشاء قمر اصطناعي عربي وإسلامي لا يكون لأحد أي سلطة عليه، واعتماد فكرة المعاملة بالمثلquot;.

وتتزامن مواجهة مشروع القانون الأميركي من قبل المجلس مع حدثين إعلاميين محليين، فتحا الباب واسعاً أمام إثارة النقاش حول حرية الإعلام، وحدود الضوابط القانونية والأخلاقية التي على المؤسسات الإعلامية التقيد بها خلال ممارسة عملها، ويرى محفوظ أن قرار إغلاق بعض المحطات الإذاعية، قد اتخذ بسبب عملها دون تراخيص، خصوصاً بعدما باتت تشكل خطراً على سلامة الطيران المدني والتشويش على أجهزة اللاسلكي التابعة للجيش اللبناني وعدم امتلاكها موجات خاصة بها علماً أن مجال البث في لبنان أصبح غير ممكن لأي مؤسسة إعلامية ما لم يتم اعتماد نظام البث الرقمي وهو الأمر المرهون باعتماد مخطط توجيهي جديد للبث الإذاعي، يوفر الموجات الجديدة المطلوبة، نافياً وجود أي علاقة بين إغلاق بعض المحطات الإذاعية والنقاش الذي طاول برنامج (لول) الفكاهي على محطة (OTV) ومسألة احترام الضوابط الذاتية في ممارسة الحرية الإعلامية وهي عدم مخالفة النظام العام أو التعرض للآداب والذوق العام وإيذاء الأطفال.

وإذ يشدد محفوظ على أهمية برامج التسلية التي تواجه كل مظاهر الإحباط والتشاؤم الناجمة عن الانقسام السياسي الحاد الذي عاشته البلاد، يعتبر أن برنامج (لول) قد ذهب بعيداً في استخدام التعابير وquot;النكتةquot; الجنسية وتمثيلها بالحركة الجسدية، ودون مراعاة للتوفيق بين مضمون البرنامج وموعد بثه الذي كان يجب أن يتم بعد الساعة العاشرة والنصف ليلاً. ويتمنى استمرار البرنامج بعد تصويب الأداء فيه، إذ يمكن الوصول إلى الهدف المنشود عبر استخدام quot;نكاتquot; مقبولة والاحتكام إلى معادلة عدم التزمت من جهة وعدم التفلت من جهة أخرى، خصوصاً وأن الأمر لا يقتصر على برنامج quot;لولquot;، وبالتالي ضرورة الالتزام بالحرية الإعلامية المسؤولة جميع المؤسسات الإعلامية ودون الاستجابة في الوقت نفسه لنهج محافظ وتقليدي يرفض فكرة التعدد والتنوع في المجتمع.

والتعديلات المطلوبة لقانون الإعلام في لبنان، ضرورة ملحة في رأي محفوظ، لأن quot;المطلوب من أجهزة الإعلام عدم استثارة الغرائز الطوائفية أو تكريس صورة لبنان كملهى وكازينو، إضافة إلى معالجة أوضاع العاملين في هذا القطاع المرئي والمسموع والإلكتروني منه على وجه الخصوص وإيجاد اتحاد نقابي خاص بهذا القطاع الإعلامي وتخفيف الرسوم على المؤسسات المرئية والمسموعة وتغيير نظام العقوبات أي اعتماد البدل المالي بدل الإقفالquot;.

يختم رئيس المجلس حديثه معيدا كثافة القضايا والمشكلات التي يواجهها المجلس حالياً إلى الاستقرار السياسي الذي تشهده البلاد مع تشكيل حكومة الوحدة الوطنية والخروج من أجواء انقسام حاد عاشته على مدى السنوات الماضية، والتي فرضت الشلل في عمل المجلس الذي يعتبر دوره حاليا ذا طابع استشاري وليس تقريراً، وهذا الوضع يجب تطويره باتجاه ممارسة وظيفته في الرقابة وإعطاء التراخيص خارج المحاصصات الطائفية والسياسية وتطبيق ما نص عليه قانون الإعلام لجهة قدرة المجلس على المتابعة التقنية لوسائل الإعلام، ولجنة المراقبة الخاصة بذلك.