أعادت الأمطار الغزيرة التي شهدتها منطقة تبوك فجر الاثنين واستمرت تسع ساعات متواصلة إلى أذهان السعوديين كارثة سيول جدة، أمطار غزيرة وسيول جارفة أجبرت عشرات العوائل السعودية القاطنة في منطقة تبوك على مغادرة منازلهم خوفا من سيناريو جدة المرعب..

تركي العبدالله من الرياض:عملية استنفار قصوى للأجهزة الحكومية وتحذيرات مسبقة لأهالي تبوك من قبل رئاسة الأرصاد وحماية البيئة ومديرية الدفاع المدني ووسائل الإعلام من أمطار غزيرة تنتظر منطقتهم ودعوتهم إلى أخذ الحيطة والحذر لعدم تكرار الكارثة التي لاتزال تعيشها منطقة جدة جراء السيول التي اجتاحتها في الثامن من شهر ذي الحجة, وأودت بحياة نحو مئة وخمسين شخصا.

أمير منطقة تبوك فهد بن سلطان أكد أن الأمطار التي شهدتها المنطقة لم تسجل حالات وفيات ولا إصابات ولا حوادث مرورية غير عادية. وقال إنه تم توجيه مسؤولي الإمارة والدفاع المدني وفرع وزارة المالية في المنطقة لتقديم الدعم الفوري بأشكاله كافة لكل من يحتاج العون.

حالات إنقاذ قام بها الدفاع المدني السعودي لمساعدة أكثر من مئة مواطن احتجزتهم السيول الكبيرة حيث باشرت فرق الدفاع المدني حالات فك احتجاز لمواطنين و مقيمين في عدد من الشوارع والأودية والميادين في مدينة تبوك نتيجة السيول, حيث باشرت الفرق عددا من الحالات في وادي البقار بالقرب من المنطقة الصناعية شمال مدينة تبوك.

طائرات الإخلاء وفرق الإنقاذ في الدفاع المدني في منطقة تبوك أنقذت نحو 104 أشخاص من الغرق في وادي ضحكان في محافظة ضباء، وإيواء 35 مواطناً نتيجة تضرر منازلهم من مياه الأمطار. كما أوضح النطاق الإعلامي في الدفاع المدني في تبوك المقدم ممدوح العنزي أنه تم إنقاذ عدد كبير من السيارات المحتجزة داخل الأودية.

وقال أمين منطقة تبوك المهندس خالد الهيج إن الأمانة كثفت جهودها بعد هطول الأمطار على المنطقة حيث تم استنفار الطاقة القصوى لتصريف المياه من الشوارع والأحياء التي غمرتها المياه، مؤكداً وجود بنية تحتية متكاملة لتصريف مياه الأمطار والسيول عملت بكفاءة عالية، وهو ما ساعد في تصريف المياه.

في حين أكدت مصادر أن السيول كشفت بوضوح عيوب البنى التحتية للمنطقة وانعدام مشاريع تصريف مياه الأمطار فيها واهتراء جميع شوارعها، لافتقادها عمليات الصيانة. ونقلت إحدى الصحف السعودية اتهام أصحاب المعارض والورش الصناعية أمانة المنطقة بإهمال المنطقة الصناعية وتركها دون صيانة منذ تأسيسها. وتأكيدهم افتقار منطقتهم لشبكات تصريف المياه السطحية والصيانة منذ تأسيس المنطقة قبل 20 عاما، رغم كثرة الوعود بإنشائها.

وتؤكد مصادر مطلعة أن مدينة تبوك هي الأقل تضررا من الأمطار، بينما تعتبر محافظتا ضباء وحالة عمار الأكثر تضررا نظرا لتدفق السيول الجارفة في معظم الأودية، ما تسبب باحتجاز الكثير من المركبات، بينما سقط العديد منها في حفر خلفتها الأمطار والسيول، كأودية ضحكان وأودية حقيل والوجه. وذُكر أن مستشفى ضباء استقبل إصابات عديدة.

أمطار قياسية

وكانت الأمطار قد بدأت فجر الاثنين الماضي، لمدة تزيد على 9 ساعات، في ظل الرعب من تكرار كارثة جدة. وأوضح خبير الأرصاد حمدان العطار أن مقياس ما شهدته المنطقة من أمطار يفوق 39 ملم ليوم واحد فقط، وهو المعدل الاعلى في المملكة منذ 22 عاماً.

وأكد العميد محمد القرني مدير المركز الإعلامي لمواجهة الكارثة في جدة، عن دعم فرق إنقاذ الدفاع المدني في منطقة تبوك بالخزن الاستراتيجي الذي خصص للحالات الطارئة في بحرة الواقعة مابين مكة وجدة، إضافة إلى تحريك عدد من الطائرات إلى المنطقة بهدف تغطية المنطقة والاستعداد لمواجهة أي كوارث طبيعية طارئة قد تحدث خلال الساعات المقبلة في المنطقة.

وأبان القرني، أن الدعم عبارة عن آليات إنقاذ ومعدات ثقيلة ومخزون غذائي وذلك دعما للموقف، كما أن قوة طوارئ الدفاع المدني في المنطقة الشمالية المخصصة في تغطية المناطق الشمالية، قد حولت إلى منطقة تبوك منذ بدء تزايد هطول الأمطار الغزيرة.

وأفاد القرني بأن البحث ما زال مستمرا عن 32 مفقودا حيث اللجان الفنية الخاصة بالكشف على المساكن للمرحلة الثالثة فقد بلغ عدد المنازل التي تم الوقوف عليها 1836 منزلا وأكدت على صلاحية 1390 منزلا وعدم صلاحية 456 مسكنا. وأضاف أن القطاعات العسكرية مازالت تستمر في أعمال بحثها.

واستنفرت كافة الجهات الحكومية في منطقة تبوك السعودية جهودها بعد هطول الأمطار الغزيرة يوم الاثنين. وأكد وكيل امارة منطقة تبوك عامر الغرير أن جميع الأجهزة الحكومية عملت على مدار الساعة بتقديم العون والمساعدة لجميع المواطنين والمقيمين المحتجزين داخل الأودية والشعاب التي غمرتها مياه الأمطار في المنطقة ومحافظاتها ومراكزها وخاصة في الأودية التي سالت في محافظتي ضباء والوجه ومدينة تبوك. وفي المجال الصحي أكد مدير عام الشؤون الصحية في منطقة تبوك د. علي الغامدي أن جميع المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأولية كانت ولا تزال على أهبة الاستعداد خلال فترة هطول الأمطار.

وحذرت الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة مساء الأربعاء من أمطار يسبقها نشاط في الرياح السطحية على الرياض ومكة المكرمة والباحة والقصيم والشرقية والجوف. ولا تزال الغيوم تغطي سماء الرياض و أجزاء من غرب ووسط وشمال شرق المملكة.