التطرف، تعبير يستعمل لوصف أفكار أو أعمال ينظر إليها من قبل مطلقي هذا التعبير بأنها غير مبررة. ويستعمل هذا التعبير لوصم الأيديولوجية السياسية التي تعتبر بعيدة عن التوجه السياسي للمجتمع. من ناحية الأعمال، يستعمل هذا التعبير في أغلب الأحيان لوصم المنهجيات العنيفة المستعملة في محاولة تغير سياسية أو اجتماعية. و قد يعني التعبير استعمال وسائل غير مقبولة من المجتمع، مثل التخريب، أو العنف للترويج لجدول أعمال معين

الدار البيضاء:لا يقتصر الأمر على الأفكار، فمظاهر التطرف تمس حتى اللباس وجوانب أخرى. وفي المغرب، حيث سجلت أعمال عنف قليلة ومتفرقة، ما زال التطرف ظاهرا على لباس وأفكار شريحة مهمة من المواطنين. وتبقى تخوفات المراقبين من أن quot;ضعف القوة التأثيريةquot; للتطرف لن يدوم، ويمكن أن تتسع دائرته في أي لحظة.

وقال محمد قمار، رئيس المرصد المغربي لنبذ الإرهاب والتطرف، quot;يمكن اعتبار مظاهر التطرف العنيف بدأت في تراجع نسبي، إن لم نعتبرها كنار تحت الهشيم، لكن التطرف المعنوي بمختلف تمظهراته ما زال قائماquot;.
وأوضح محمد قمار، في حوار مع quot;إيلافquot;، أنه quot;لا يمكن الجزم بأن منابع شحن الشباب بالإيديولوجيات المتطرفة في تنام أو في تراجع. فكل تيار يعمل على كسب أعضاء جدد، والكل يعمل بكل ما أوتي من إمكانيات من أجل ذلك، وقد يبدأ من أفراد عائلته في سن مبكرة، والدليل أن عناصر الأمن تحبط بين الفينة والأخرى محاولات، يكون هدفها دمويا متطرفاquot;.

وفتح المغرب مجموعة من الجبهات لمواجهة التطرف والإرهاب، منها المرشدين والمرشدات الدينيات، الذين عهد إليهم نشر الثقافة الدينية في المجتمع. وتهدف هذه الخطوة إلى تدعيم مسلسل الإصلاح الديني وحمايته من التطرف. كما أنها جاءت في سياق quot;إرساء استراتيجية مندمجة وشمولية ومتعددة الأبعاد، تهدف بالأساس إلى تحصين المغرب من نوازع التطرف، والإرهاب، والحفاظ على هويته المتميزة بالوسطية والاعتدال والتسامحquot;، وتراهن السلطات على المرشدات الدينيات للوقوف في وجه الأفكار الناسفة التي تخطط لزعزعة الاستقرار الديني بالمملكة.

* هل مظاهر التطرف ما زالت قائمة في المغرب؟

يمكن اعتبار مظاهر التطرف العنيف بدأت في تراجع نسبي، إن لم نعتبرها كنار تحت الهشيم، لكن التطرف المعنوي بمختلف تمظهراته ما زال قائما، فيكفي أن تلج بعض المساجد المحسوبة على التيار الإسلامي لتبدو لك اللحي الطويلة، واللباس الأفغاني، الذي هو دخيل على المجتمع المغربي، أما النساء فالحجاب أصبح مألوفا، لكن الخمار واللباس الأسود طغى في كثير من الأحياء وخاصة الهامشية.

* ما الدور الذي يلعبه المرصد في التصدي للتشدد والتطرف؟

المرصد هو واحد ضمن جمعيات ومنظمات المجتمع المدني التي تعمل جاهدة على اجتثاث التطرف بشتى تمظهراته، انطلاقا من مبادئ ديننا الإسلامي الحنيف المعروف منذ القدم بالتسامح والتعايش. فالمرصد ينظم ندوات ودورات للشباب يكون الهدف، منها جعل هذه الفئة تتشبع بمبادئ حقوق المواطنة الحقة، والدفاع عن الحقوق الفردية والجماعية، كما هي متعارف عليها دوريا، كما يدخل المرصد إلى الإعداديات والثانويات وينظم موائد مستديرة تشارك فيها كل الحساسيات، من اليسار إلى اليمين بما فيها ذلك التيار الإسلامي المعتدل والذي يعمل في إطار المشروعية واحترام القوانين الجاري بها العمل، والتي تبدأ من احترام الدستور كأسمى قانون ينظم العلاقات بين المواطنين، رؤساء ومرؤوسين، كما ينظم المرصد مخيمات صيفية لفائدة الأطفال واليافعين، غالبا ما يختار لها شعارات تنبذ التطرف والتشدد وتحث على التسامح وقبول الرأي الآخر.

* أتعتقدون أن المقاربة الثقافية هي المدخل الأساسي لمحاربة الإرهاب وتجفيف منابعه؟

المقاربة الثقافية هي مقاربة من المقاربات الأخرى، كالمقاربة الاجتماعية و الأمنية. بأن محاولة تجفيف منابع الإرهاب لن تأتي إلا بتظافر كل الجهود وكل الفعاليات والمؤسسات كانت هذه المؤسسات تابعة للدولة أو للمنظمات غير الحكومية.

* هل ما زالت منابع شحن الشباب بالإيديولوجيات المتطرفة في تنام؟

لا يمكن الجزم بأن منابع شحن الشباب بالإيديولوجيات المتطرفة في تنام أو في تراجع، فكما أسلفنا، كل تيار يعمل على كسب أعضاء جدد، والكل يعمل بكل ما أوتي من إمكانيات من أجل ذلك، وقد يبدأ من أفراد عائلته في سن مبكرة، والدليل أن عناصر الأمن تحبط بين الفينة والأخرى محاولات، يكون هدفها دمويا متطرفا، وقد ساعدت التقنيات الحديثة والمتطورة في ربط العلاقات مع شبكات من خارج البلاد، لكن أعتقد أن جل ذلك هو الآن تحت السيطرة. خصوصا وان الشبكات المتطرفة حاولت في وقت سابق استقطاب عناصر من الأمن والجيش لكن محاولاتها ظلت محدودة ومحصورة في الزمان والمكان.
كما تجدر الإشارة إلى أنه ليست هناك دراسات ميدانية في هذا المجال، والحكم على الظاهرة يبقى مجرد ملاحظات لا تستند في مجملها على قرائن علمية.

* هل المقاربة الأمنية وحدها كفيلة بالتصدي للظاهرة، وما دور المجتمع المدني؟

كنا دائما من المنظمات التي تدعو إلى أن المقاربة الأمنية ليست كفيلة للتصدي للظاهرة، على اعتبار أن هذه المقاربة تولد الانفجار أحيانا، كما أنها لم تفلح في السابق لاجتثاث منابع الفكر اليساري المتطرف، بل ندعو دائما إلى فتح قنوات الحوار مع شيوخ هذه الإيديولوجيات، فالحوار والإشراك في الحياة العامة يمكن أن يؤديا الى نتيجة، وقد قامت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية غير ما مرة في تجريب ذلك من داخل السجون واستطاع بعض الفقهاء المعتدلون في إقناع بعض شيوخ السلفية الجهادية في العدول على أفكارهم وإعلان توبتهم.

إضافة إلى كل ما سبق يجب على الأحزاب السياسية أن تعود إلى مهمتها الأساسية المنصوص عليها في الدستور، وهي تأطير المجتمع. وعدم جعل المحطات الانتخابية مناسبة للظهور ونشاط ينتهي بانتهاء الحملة الانتخابية، كما يستوجب على الدولة الإكثار من فضاءات الترفيه، وفتح أخرى خاصة في الأحياء الهامشية والقرى والبوادي، وإتاحة الفرصة أمام الجمعيات الجادة للمساهمة في التأطير وعدم تطبيق الخناق بقوانين ومساطر تحد من نشاطها.