تقول دكتور أونا ماكغاهيرن quot;إن التنوع يتطلب الحل الوسط ويولد الإبداعquot;، الا ان الشرق الاوسط بات يشهد انحسار اعداد المسيحيين. وبين اسباب اقتصادية واخرى سياسية يترك مسيحيو الدول العربية اوطانهم ويفضلون الهجرة رغم الشعور بأنهم يستطيعون المشاركة في المجتمع.
في تقرير لها تحت عنوان quot;لما تتراجع أعداد المسيحيين في الشرق الأوسطquot;، تخصص صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية حديثا مستفيضا تتناول من خلاله الواقع الجديد الذي باتت تواجهه عناصر الطائفة المسيحية في منطقة الشرق الأوسط، وتقول إنهم باتوا يشكلون الآن أقليات صغيرة. وترجع في سياق حديثها أسباب ذلك إلى عدة نقاط من بينها البحث عن فرص أفضل بالخارج، ووضعيتهم كأفراد مستهدفين للصراع الطائفي في العراق، وانخفاض معدل المواليد، والتمييز الطائفي ndash; ذلك الاتجاه المُنتشر إلى حد كبير في جميع أنحاء المنطقة التي يُحافظ بها المسيحيون على تواجدهم منذ ألفي عام.
الأماكن التي يتزايد بها تضاؤل المسيحيين
كان يُشكل المسيحيون في جميع أنحاء المنطقة نسبة تزيد عن 20 % من السكان في مطلع القرن العشرين، أما اليوم، فهم يشكلون نسبة تقل عن 10%. وربما شهد العراق ndash; بحسب الصحيفة ndash; التراجع الأكبر في أعداد مسيحييه. فقد أظهرت التقديرات أن أعدادهم كانت تتراوح ما بين 800 ألف و 1.4 مليون فرد إبان الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، أي بنسبة ترتقي إلى 5 % من إجمالي عدد السكان. لكن بعد أن باتوا مستهدفين سواء بعمليات القتل أو الخطف أو التهديدات، بدأ يلوذ كثيرون منهم بالفرار من البلاد ndash; بنسب أعلى بكثير من أبناء الشيعة والسنة. وهناك تقديرات تفيد بأن 20 % من اللاجئين العراقيين بالخارج هم من المسيحيين. ولا يتبقى منهم في البلاد غير نسبة تتراوح أعدادها ما بين 500 إلى 600 ألف.
لماذا تتناقص أعدادهم ؟
تقول الصحيفة في تلك الجزئية إن السبب الرئيسي وراء حدوث ذلك بعيدا ً عن العراق، الذي يعتبر حالة متفردة، هو الأمور الإقتصادية، وليس الاضطهاد. وهنا، تنقل عن فيونا ماكالوم، الأستاذة بجامعة سانت أندروز الاسكتلندية وتقوم بدراسة الطوائف المسيحية في الشرق الأوسط، قولها :quot; يسعى الناس لتحسين ظروفهم الحياتية، وهو أمر مرتبط بالأشخاص كافة في المنطقة، والمسلمين كذلكquot;. لكن الصحيفة تعاود لتؤكد على أن المسيحيين في المنطقة ً عادة ً ما يكونوا في وضعية أفضل من نظرائهم المسلمين للإقدام على الهجرة بسبب مستويات تعليمهم العالية. وبعيدا ً عن الهجرة، تلفت الصحيفة لسبب آخر متعلق بانخفاض معدلات الإنجاب لديهم مقارنة ً بالمسلمين. فضلا ً عن التمييز الديني، كما يدعي الأقباط في مصر على سبيل المثال. وفي فلسطين، يتحدث أعضاء الطائفة المسيحية عن تعرضهم للترهيب وسرقة أراضيهم.
هل هناك مزيدا ً من التوتر مع المسلمين الآن ؟
تقول في هذا الجانب دكتور أونا ماكغاهيرن، التي أكملت في الآونة الأخيرة موضوع رسالة الدكتوراة الخاصة بها عن المسيحيين الفلسطينيين في إسرائيل، إن العلاقة بين المسيحيين والمسلمين في إسرائيل هي علاقة مستقرة بصفة عامة. بينما يرتفع مستوى الصراع الطائفي في العراق بكل تأكيد. في حين تلفت الصحيفة إلى أن التوترات الطائفية تتصاعد في مصر منذ عقود، وتنفجر في بعض الأحيان بصفة دورية. وتمضي الصحيفة لتشير في هذا الشأن إلى حادثة نجع حمادي التي وقعت مطلع الشهر الجاري.
ثم تمضي الصحيفة في السياق نفسه لتنقل عن هلال خشان، أستاذ الدراسات السياسية في الجامعة الأميركية ببيروت، قوله :quot; إن التوتر لم يزد، لكن الاهتمام بدأ يتزايد بأعمال العنف التي ترتكب بحق المسيحيين في مصر والعراق. ورغم أن أعمال العنف التي تقع نتيجة لأمور شخصية تعتبر أعمال متكررة، إلا أنها تتصدر نشرات الأخبار عندما تصدر من مسلمين ضد مسيحيينquot;. ثم تنتقل الصحيفة لتشير إلى تواجد قدر أقل من التوترات الطائفية في سوريا، حيث تراجعت أعداد المسيحيين هناك إلى %10 فحسب. وتنقل هنا عن د. ماكالوم قوله إن كثيرين من المسيحيين السوريين يشعرون بأنهم قادرون على المشاركة في الدولة والمجتمع، رغم شكواهم من التمييز.
هل لعب تنامي الإسلام السياسي دورا ً في تلك المسألة ؟
ترى الصحيفة أن الإسلام بدأ يلعب دورا ً كبيرا ً بالفعل في حياة المصريين، الأمر الذي قد يترك لدى المسيحيين شعورا ً بعدم الارتياح. وتبرهن الصحيفة على ذلك بأن الأغلبية العظمى من السيدات المصريات أصبحن محجبات الآن، بعد أن كانت هناك سيدات ترتدي تنانير قصيرة في الشوارع. وهنا، تنقل الصحيفة عن ماكالوم قوله :quot; لا يمكنك أن تتجاهل بصورة تامة حقيقة تنامي الإسلام السياسي .. وبالطبع إن كنت لا تشكل جزءا من ذلك، فسوف تشعر بأنك مختلف قليلا ًquot;. وتقول الصحيفة إنه في الوقت الذي يشاهد فيه المسيحيون بمصر تناميا ً لحركة حماس في المقاطعات الفلسطينية وحزب الله في لبنان، بدأ يشعر كثيرون منهم بالقلق بصورة متزايدة حول مكانتهم في المجتمع.
ماذا تأثير عملية النزوح ndash; من الناحية الإقليمية ؟
في الوقت الذي يغادر فيه المسيحيون منطقة الشرق الأوسط، بدأ يقلق البعض من نزوحهم وهم يتركون وراءهم مجتمعا ً يزداد استقطاباً. وهنا يقول ماكالوم إنه وعندما يعيش أعضاء أديان أو طوائف مختلفة جنبا إلى جنب، تتزايد احتمالات رؤيتهم بعضهم البعض كأفراد، وليسوا كخصوم مجهولي الهوية. وتختم ماكغاهيرن بلفتها الانتباه إلى أن فقدان المسيحيين في المقاطعات الفلسطينية وإسرائيل سيكون أمراً مأساويا ً على وجه الخصوص. وتضيف :quot; إن التنوع يتطلب الحل الوسط ويولد الإبداعquot;.
التعليقات