يخشى المفكرون في ما وراء الطبيعة في غزة كشف أسمائهم الحقيقية

يتمرد بعض الشبان في قطاع غزة على الواقع الذي يعيشونه، بينما وجد البعض فيعلم quot;الميتافيزيقياquot; أو (ما وراء الطبيعة) فرصة لممارساتهم وتبرير تمردهم، متسلحين بحقهم في التفكير في كل شيء، فيما يرفض علماء الدين التفكير بالمحظورات، مؤكدين أن أوقات الفراغ هي السبب في ذلك.

شباب في مقتبل العمر استخدموا كتب الفلسفة في علم quot;الميتافيزيقياquot; أو (ما وراء الطبيعة) لمعرفة سبب الخلق والخالق فما كان منهم إلا أن تجردوا من الدين والمسلمات تماماً وذهبوا إلى التفكير بأنفسهم عن قوانين تحكمهم للتفكير إلى ما هو أبعد من الدين. quot;إيلافquot; تحدثت مع فئة ممن انجرّوا وراء المروّجينلمثل هذه القضايافي أوساط المجتمع الفلسطيني.

أفكَار مشوهة ..
بكُل هدوء جلس (ص.م) يَحمل بيده سِيجارته ليتحدث عن أسباب قراءته هذه الكتب وعن علاقته مع الله فيقول:quot;علاقتي معه مباشرة لا دين فيها فالدين عبارة عن أخلاق وكل من يحمل أخلاقًا طيبة يُخلص في دينهquot;، ويدعي أيضاً أن سبب تركه الصلاة هو رداءة صوت الإمام في بعض الأحيان.

ويتساءل:quot;لماذا لا نُغني في صلاتنا فنكون أكثر حرية نشعر بأنه لا يوجد لدينا ارتباط حينها سنشعر بإيمان أكبرquot;. وفي تعريفه للصوم، يعتبر أن الله أمرنا بالصوم للشعور بالصبر وبالعائلات الفقيرة في العالم، وزاد:quot;أنا أشعر بالصبر وأعرف عائلات كثيرة فقيرة وأحزن عليها فلماذا إذاً أصومquot;.

وفي تعليق آخر له عن الدين يقول:quot;قرأت الإنجيل والقرآن الكريم وتصفحت في التوراة وليس لدي أي مشاكل في صلاتي مع المسيحيينquot;، شاكياً من تحريم الخمر ليتابع:quot;لا أعرف لماذا يحرم الدين الإسلامي الخمر فطعمه لذيذ فالمسيح قال قليل من الخمر يفرح قلب الإنسانquot;.

وفي تعريفه لنظريات ما وراء الطبيعة التي خاض تجربته فيها، علق:quot;هناك نظرية العائلة الإلهية وهم فئة ملحدة تماماً فهم يقولون إن الله له عائلة وأولاد وأب وأم لكنني أؤمن أنهم يسيرون في دائرة مغلقة ولن يجدوا حلاً لها، أما نظرية الشيوعيين فهي تقول إن خلق الكون جاء بعد تفاعل بعض الأشياء في الطبيعةquot;.

(الميتافيزيقيا) هي الفلسفة المتعلقة بالطبيعة الأساسية للواقع، وهي تهدف إلى تقديم وصف منظم للعالم وللمبادئ التي تحكمه -من وجهة نظر فلاسفتها- بالإضافة إلى دراسة الفضاء والزمن، والسببية، والهوية والتغيير، والاحتمالية والضرورة، والمتفردات والعموميات، والعقل والجسد..

وفي سؤاله عن الأسباب التي تدفع الشباب لخوض مثل هذه التجارب أو حتى التفكير في شرب الخمر، أجاب:quot;عدد كبير من الشباب يشربون الخمر بسبب أوضاعهم المأسوية من ظلم وحصار فالخمر يسكر الإنسان ويجعله ينسى من حولهquot;.
ويعتقد أن قوة التفكير لدى الإنسان تختلف حسب تنشئته الاجتماعية وأوضاعه الاقتصادية فالفقراء هم أقل حظاً من التفكير من وجهة نظره، مؤكداً أن الإحساس بالظلم والحصار جزء من تفكير هؤلاء الفئة.

أشياء غَيبية ..
أما (ك.ر) الذي ترددت كثيراً قبل أن أتحدث إليه، فكان سؤالي الأول له مباشراً، لماذا تبحث عن أشياء غيبية لا حق لنا في البحث عنها، فأجابني:quot;الله أعطانا حرية السؤال عن شكله وأين هو ومن أين جاء وما نقوم به فقط هو السؤال أين هو اللهquot;، مضيفاً:quot;هناك بعض النظريات تقول إن الفلسفة ماتت لكن هذا غير صحيح فهي ما زالت قائمة وإثبات النظريات ما زال قائماquot;.
ويتحدث بطلاقة عن حريته في السؤال عن أي شيء:quot;من حق العقل البشري أن يفكر ويستطرد فلا يوجد شيء في الحياة اسمه مسلماتquot;.

وفي محاولة منه لمعرفة أسباب الخلق، يقول:quot;لماذا يعاقبني الإله، لماذا خلق الله الكون وكان باستطاعته أن يخلقنا جميعاً في الجنة دون حساب أو عقابquot;، مستدركاً:quot;الله اعتمد على نظرية البنية في خلقه للكون فهو من أسقط آدم على الأرض وجعله يأكل التفاحة، نحن لا نريد ثوابا وعقابا نريد نعيما وجنةquot;.

ويتابع الشاب الذي كان يحفظ ثلاثة أجزاء من القرآن الكريم ولم يترك فرضاً إلا وصلّاه:quot;أنا لا أنكر وجود الرب ولا الدين لكنني أقول إن هناك تناقضا بين ما فعله الإله والأشياء الموجودة على أرض الواقعquot;.

ويتحدث عن علاقته بعائلته ليضيف:quot;هناك مساحة كبيرة من الحرية في بيتي، والدتي دعتني للصلاة وقاطعتها وقلت لها لا أريد أن تأمريني بالصلاة فأنا أفكر الآن لماذا أطيع الله وبأي أشكال وعندما أجد إجابة سأطيعهquot;، وزاد:quot;لن أطيع الله لمجرد أنه أرسل لي كلاما مكتوبا على ورق دون دليل فمن الممكن لأي شخص أن يرسل لي مبلغاً من المال في مظروف ويقول إنه فاعل خير مجهول والله مجهولquot;.

وبعد انتهاء لقائي معه سألته أخبرتني أنك ستتزوج عن قريب، فهل ستخبر زوجتك بما يدور في بالك، عندهاأجاب:quot;أنا أريدها أن تصلي وتصوم لله لأنها ستفعل ذلك عن اقتناعquot;، قاطعته بالسؤال وهل ستعلّم أبناءك هذا العلم، قال:quot;أنا لا أريد أن أنجب لماذا أنجب أبناء يعانون المعاناةنفسها التي نعيشها يبحثون عن الخالق ولا يعرفون شيئا عنهquot;.

دعوة للتحرر ..
(ح.س) صاحب مدونة خاصة على الانترنت، يبدو على شخصيته الهدوء لا الاختلاف في الرأي، من يراه يعتقد أنه إنسان متفهم وعاقل، لفتتني إحدى العبارات التي كان يكتبها في مدونته quot;لا تسألني عن ديني مديون وعايف ديني، لا دينك راح يوفيلي الدين ولا ديني راح يغنينيquot; ، والتي تلقت رصيداً كبيراً من التعليقات الساخرة على العبارة نفسها.

عند حديثنا معه أخبرنا أنه يستمع إلى عدة أغانٍ من هذه النوعية نفسها تدعو للتحرر، وعن سبب استماعه المتكرر لمثل هذه القصص قال:quot; تفكير الإنسان غير محدود والله دعانا للتفكير في كل شيء حتى الوصول إلي الحقيقةquot;، مضيفاً:quot;في بعض الأحيان نلجأ إلى هذه القراءات لأن الدين يقيدنا بينما التأمل في ما وراء الطبيعة يجعلنا نفكر أكثر في أسباب الخلق وتحديات الكون دون قيودquot;.

ضعف الإيمان ..
تعددت أسباب هؤلاء الشباب للبحث في ما هو غير مباح، لكن من بين تلك الآراء كان لا بد من أخذ رأي طرف بعيد عما وراء الطبيعة، فكانت الطالبة الجامعية نور المصري، التي قالت:quot; إذا كان الإنسان مؤمنا فلا خوف عليه وعليه أن يعيش بإيمانه ولا يفكر في ما وراء المادة لان عقله قاصرquot;، مقدمةً نصيحة لهم بأن يقرأوا كتاب قصة الإيمان للشيخ نديم الجسر لمثل هذه الحالات ولمن أراد أن يناظرها أو يحاججهاquot;.

وترى نور أن قضايا الفلاسفة وكتبهم تدعو الإنسان ضعيف الإيمان إلى أن يذهب بخيالاته إلى مجموعة من الآراء الجاهلة والتي لا علاقة لها بالمعرفةquot;، لافتةً إلى أنها قرأت عددا كبيرا من الكتب التي كانت تتحدث عما وراء الطبيعة لكن لم يخطر ببالها يوماً أن تشكك في خلق الله أو تبحث عما وراء الخلق لأنها تؤمن تماماً أن الله هو من خلق هذا الكون.

نتيجة حتمية ..
المحاضر في كلية الشريعة والقانون في غزة تيسير إبراهيم، يرى أن الأسباب التي تدفع هؤلاء الشباب لقراءة هذه الكتب ومشاهدة بعض الأفلام الوثائقية عما وراء الطبيعة هو الفراغ الموجود لديهم، لافتاً إلى أن بعض الشباب يظنون في بحثهم عن هذه الأشياء أنهم سيحصلون على نتيجة أو إجابة عن بعض الأسئلة الغيبية.

وينصح إبراهيم الشباب بعدم تحميل العقل قدرة خارجة عن قدرته من خلال التفكير في هذه الفلسفة التي تدعوه للكفر بالله، ذاكراً أن الكثير من علماء الإسلام تعمقوا فيها كابن رشد وابن سينا والغزالي، فوصلوا إلى نتائج بعيدة كل البعد عن الدين الإسلامي.

وأكد أن عددا كبيرا من النظريات في الوقت الحالي تتعارض مع الشريعة الإسلامية وتدعو إلى الإلحاد وفي المقابل هناك نظريات لا تتعارض مع الشريعة، موضحاً أن تلك الغيبيات لا تعتمد على القرآن أو السنة ما يجعلها طريقاً سهلاً للإلحاد والكفر.

وقال:quot;هم ينكرون كل الأمور الغيبية والتي صرح الله تعالى بها كالجنة والنار والبعث والثواب والعقاب وغيرهاquot;، مشيراً إلى أنه يمكن علاجها بسد الفراغ لدى هؤلاء الشباب بالعبادات والطاعات وقراءة القرآن.