يوسف التسوري

يرى الإعلامي والمحلل السياسي يوسف التسوري في حديث مع quot;ايلافquot; أن التعديل الحكومي الذي شهدته فرنسا يدخل في إطار التعديلات المألوفة فيمنتصف الحكومات الفرنسية،ويندرح في سياق الاستعداد لرئاسيات 2012.


باريس:جدد الرئيس الفرنسي ثقته في الوزير الأول فرانسوا فيون لقيادة الحكومة المعدلة، بتشكيلة عرفت عودة أحد صقور اليمين إليها، وهو عمدة مدينة بوردو ألان جيبي الذي عين في وزارة الدفاع، وخروج أحد رموز التشكيلة الحكومية السابقة، والذي ظل يجسد التحالف القوي بين اليمين الحاكم والوسط جون لوي بورلو.

وعلق الإعلامي والمحلل السياسي يوسف التسوري لإيلاف على هذا التعديل الحكومي بالقول: quot;هذا النوع من التعديلات الحكومية مألوف في منتصف ولاية الحكومات الفرنسية، وسبق أن تتبعناها في ولايات حكومية سابقةquot;، مبنياً أن التعديل يندرج في سياق الاستعداد لرئاسيات 2012quot;.

وقال الوزير الأول الفرنسي فرانسوا فيون، في بلاغ له، ردا على الثقة التي وضعها فيه- مرة أخرى - سيد الإليزي: quot;بعد ثلاث سنوات ونصف من الإصلاحات الشجاعة والتي قادتها الحكومة رغم الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، انخرط تحت سلطة رئيس الدولة، وبعزم، في مرحلة جديدة التي تسمح لبلدنا بدعم النمو والاقتصاد لصالح الشغل وإنعاش التضامن وتأمين أمن جميع الفرنسيينquot;، على حد تعبيره.

ويفسر التسوري احتفاظ ساركوزي بفيون في منصب الوزارة الأولى لكونه quot;رجل سياسة بامتياز، معروف بهدوئه ورزانته، كما أن استطلاعات الرأي أظهرت أنه يتمتع بشعبية كبيرة لدى الفرنسيين تتجاوز بكثير تلك التي تحسب لفائدة نيكولا ساركوزيquot;. ويستطرد التسوري، وبالتالي quot;فإن هذا الأمر مفيد لساركوزي الذي عبر عن نيته في خوض الرئاسيات المقبلة، خصوصا وأنه كان العقل المدبر لدعاية ساركوزي في سباق الإليزي الأخيرquot;.

وأكد التسوري ما جاء على لسان وزير الدفاع السابق هيرفي موران، الذي اعتبر هذا التعديل أنه يدخل quot;في إطار الحملة الانتخابية للرئاسياتquot;، موضحا أن هذه الحكومة وضعت حدا لانفتاح الرئيس الفرنسي على اليسار والانكماش على اليمين، كما أنهت تمثيلية quot;التنوع الثقافيquot; فيها، من خلال إبعاد فضيلة اعمارة كاتبة الدولة في سياسة المدينة ورحمة أياد كاتب الدولة في الشباب والرياضة، وهو المصير نفسه الذي سبق أن لقيته وزيرة العدل السابقة رشيدة داتي.

وكانت الوزيرات ذات الأصول الأفريقية عبرن في مناسبات متعددة عن مواقف معارضة لمسؤولين حكوميين في قضايا ترتبط بالخصوص بالهجرة وحقوق الإنسان ومشاكل الضواحي، وهو ما دعا بعض رجالات اليمين أو اليسار بدعوتهن في أكثر من مرة إلى مغادرة حكومة لا يتناغمن مع توجهاتها. وquot;الحفاظ برحمة أياد و فضيلة اعمارة في هذه الحكومة، كان يعني تضاربا مع الاختيار الجديد لساركوزي الذي حصر لائحة المستوزرين في من أعلنوا له الولاء الكاملquot;، بحسب تحليل التسوري.

و يعد جون لوي بورلو أكبر المغادرين للحكومة، علمًا أنه كان مرشحًا قبل أسبوعين إلى تقلد منصب الوزير الأول، إلا أن تراخيه في التعاطي مع مشكلة ندرة الوقود إثر الإضرابات الأخيرة، أفقده الكثير من النقاط في طموحاته الاستوزارية. وفضل أن يغادر هذه الحكومة رغم أنه عرضت عليه مناصب وزارية فيها، بدعوى أنه أراد أن يصون quot;حريته في الكلام بما يخدم قيمهquot;، زيادة على أنه quot;يحمل طموحات رئاسية وهو ما لم يكن ممكنًا لساركوزي أن يسمح له بتطويرها من داخل الحكومةquot;، يشرح التسوري.

و كما كان منتظرًا، غاب اسم أحد أهم رموز الانفتاح في الحكومة السابقة، برنار كوشنير، عن تركيبة الحكومة الجديدة، وعوض بميشيل أليو ماري التي كانت زيارتها للجزائر قبل أسابيع اختباراً لها في قيادة الدبلوماسية الفرنسية، quot;اختبار نجحت فيه إلى حد ما بإذابتها للجليد في العلاقات الفرنسية الجزائريةquot; بحسب قراءة يوسف التسوري، موضحا quot;أن أليو ماري ليس لها أي طموحات رئاسية، وهي من الأوفياء لساركوزي، واختيار الأخير لهذا الاسم في هكذا منصب، كان لأجل تفادي تضارب المواقف بين رئاسة الدبلوماسية و الإليزي،ولا سيما أن القرارات الخارجية تعد بتنسيق محكم مع الإليزي كما يفضل ساركوزيquot;.

ولم تنظر المعارضة الفرنسية إلى هكذا تعديل بعين الرضى، إذ قالت الأمينة العامة للحزب الاشتراكي مارتين أوبري في تعقيب أولي، إن quot;الفرنسيين كانوا ينتظرون تغييرا في سياسة الحكومة...إلا أنه لم يسمع صوتهمquot;، وهو الإتجاه الذي سارت فيه انتقادات المعارضة، والتي اعتبرت بدورها أن الاحتفاظ بفرانسوا فيون على رأس الحكومة يعني تحولا سطحيا في سياستها خلال ما تبقى لها من عمر الولاية الجارية، كما أنها وضعت مسافة بينها وبين ما سمي في العهد الساركوزي بعهد الانفتاح.