روبرت ماسغروف أمام مركز قطر المالي

تصدّرت قطر الأنباء العالمية بفوزها باستضافة كأس العالم 2022 واحتفت بهذا،ثمّ فعّلت 900 من شركات الإنشاء للبدء في مشاريعها الضّخمة لهذه المناسبة.


أثبتت قطر أن طموحاتها الدولية لا تنتهي عند حد استضافة كأس العالم 2022. فقد افتتح رئيس وزرائها، الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، الأربعاء معلمًا جديدًا مزدوجًا في بنية البلاد التحتية القضائية ممثلاً في المحكمة المدنية التجارية والمحكمة التنظيمية في مركز قطر المالي. وهذا أمر ستنظر اليه لندن بشيء من القلق على مكانتها كمركز قضائي دولي.

ويأتي افتتاح المحكمة بمثابة واسطة العقد في الجهود القطرية لإقامة مركز مالي لحل النزاعات quot;الدوليةquot; بمعنى الكلمة. وقد تأتى هذا خلال خمس سنوات،كان قدنما فيها دور المحكمة من الفصل في القضايا داخل مركز قطر المالي نفسه الى نطاق أوسع يشمل الحكم في نزاعات الشركات والمؤسسات والأعمال القطرية. ولكن اعتبارًا من الآن، فقد صارت المحكمة quot;دوليةquot; تنظر في النزاعات حول العالم بأجمعه وتحكم فيها قانونيًّا أو بوسائل أخرى مثل التراضي.

ويبدو الأثر البريطاني واضحًا في المحكمة الدولية الجديدة إذ يترأسها اللورد وولف، الرئيس السابق للقضاء في انكلترا وويلز. وتبعًا لصحيفة quot;غارديانquot; التي أبرزت النبأ، فإن قطر واحدة من أكثر الدول العربية ليبرالية وإحدى القليلة بينها التي تتمتع بروابط مع اسرائيل. ولهذا يأتي إقناعها اللورد وولف - وهو يهودي - كخطوة quot;طبيعية وذكيةquot;، على حد قولها.

وعلاقة اللورد وولف بقطر لا تبدأ هنا. فالعام الماضي ساعد على تنظيم quot;منتدى قطر القانونيquot; الذي ألقى على عاتقه مهمة الترويج للمحكمة الدولية الجديدة وسط كبار القضاة والمحامين حول العالم، وأيضًا مناقشة حكم القانون في سياق شرق أوسطي.

وفي مجال حقوق الإنسان، بالمعايير الدولية، فإن لقطر سجلاً لا بأس به بالقياس الى بقية منطقة الخليج. وهذا رغم أن quot;منظمة العفو الدوليةquot; دعتها في وقت سابق من العام الحالي لتعزيز حرية التعبير وإنهاء التمييز ضد النساء.

واللورد وولف quot;جزءquot; من التأثير البريطاني على المحكمة الجديدة. فبين القضاة الآخرين اللورد كالين، سابقًا كبير قضاة اسكتلندا، وقاضيا محكمة الاستئناف (الانكليزية والويلزية) السير بيتر غيبسون، والسير فيليب اوتون، والمحامية باربرا دومان التي ترأست سابقا رابطة المحاماة التجارية في انكلترا وويلز. أما المحكمة التنظيمية فيترأسها السير وليام بلير قاضي المحكمة العليا (انكلترا) والشقيق الأكبر لرئيس الوزراء السابق توني بلير.

ومع كل هذا الوجود البريطاني فستعمل المحكمة وفقًا للقانون الدّولي العام. ويعني هذا أن القضاة سيستقون أحكامهم من السوابق القضائية حول العالم. وهذه حقيقة تؤكدها قائمة القضاة التي تشمل رئيسًا سابقًا للقضاء الهندي وقاضيًا سابقًا في المحكمة الفيدرالية الاسترالية. أما الرجل الذي دعاه اللورد وولف لتمكين المحكمة من التحليق عاليًا بحيث تصبح quot;الأفضل في العالمquot;، فهو روبرت ماسغروف، المدير التنفيذي السابق لمجلس العدالة المدنية في انكلترا وويلز.

وبالطبع فإن المال لا يعني شيئًا بالنسبة إلى القطريين. فهل من داع لأن تنظر لندن بعين القلق الى وضعها كعاصمة لحل النزاعات الدولية، بعدما شهدت العام ارتفاع القضايا من هذا النوع بنسبة 59 في المئة مقارنة بالعام الماضي؟

يقول ماسغروف: quot;لا اعتقد أننا في منافسة مباشرة مع لندن أو نيويورك. فالنزاعات التجارية حول العالم كثيرة بما يكفي للجميع. لكن العديد من الأطراف قد تفضل - لأسباب ثقافية - القدوم الى آسيا - الشرق الأوسطquot;. وأضاف قوله إنه معني بالنوعية وليس بالعدد. وعلى الرغم من ان المحكمة ستكون غير مكلفة، فلن تكون quot;رخيصةquot; بالضرورة كما قال.

ويتفق جيريمي كوسكي، المحامي في مكتب quot;كليفور تشانسquot; اللندني، مع ماسغروف بالقول إن محكمة قطر quot;ستتميّز بفضل موقعها الجغرافيquot;. ويضيف قوله: quot;اعتقد أن الأطراف الخليجية والآسيوية ستجد فيها محكمة quot;محليةquot; بديلة على مستوى قضائي لا يمكن الحصول على مثيله الا في لندن. لكني لا اعتقد أنها ستجتذب العملاء من لندن ونيويوركquot;.

على أن غراهام هنتلي، الشريك في مكتب quot;هوغان لوفيلquot; يعتقد أن الشركات البريطانية والأميركية، وخصوصًا تلك التي تتاجر مع مختلف الجهات في الشرق الأوسط، ستفضل التوجه الى محكمة قطر إذا نشأت الحاجة. ويضيف قوله إنها مسـألة وقت قبل أن يصبح أمامها طوفان من القضايا.

ولا شك في أن المحكمة الجديدة مؤشر آخر الى مكانة قطر الدولية التي حصلت عليها بفضل استثمارها ثروتها الهائلة من النفط والغاز. ويقول ماسغروف إنها quot;تملك المال والموهبة والطموح. وهي كيان مالي من العيار الثقيل وتود أن يكون صوتها مسموعًاquot;.

وربما احتاج ماسغروف إلى شيء من الوقت من أجل تحويل محكمة قطر الى مركز دولي على مستوى الهيئات الدولية الأخرى. ولكن، كما يقول جيريمي كوسكي، quot;ليس بوسع أحد استبعاد قطر من أي شيءquot;.