سيُفتَتَحُ في قلب المنطقة الخضراء في بغداد مطعم للآيس كريم الإيراني مطلع العام المقبل، ويتخذ المطعم مقره بجوار quot;مطعم الحريةquot;، الذي شُيّد أساسًا لخدمة الجنود الأميركيين، ليمثل بذلك شكلاً مستحدثًا لمعركة بسط النفوذ المحتدمة بين أميركا وإيران.


بغداد: في قلب laquo;المنطقة الخضراءraquo; (الحي الدولي) ببغداد وعلى بعد ياردات فقط من laquo;حصنraquo; السفارة الأميركية الأكبر في العالم، يقبع تحدٍّ صغير، لكنه كبير الرمزية، للنفوذ الأميركي الذي بدأ يشكو الوهن. وهو تحد لا يتعدى كونه مطعمًا للآيس كريم الإيراني سيفتتح رسميًا في مطالع العام المقبل.

إليك laquo;آيس باركraquo;، وهو مطعم - واجهة لمؤسسة تجارية إيرانية لا تخفي طوحها في خوض المعركة ضد السيطرة الأميركية العالمية على سوق المطاعم السريعة. ويقول مدير المطعم، علي حازم حيدري، إنه سيقدم لزبائنه الآيس كريم الإيراني بـ34 نكهة.

ويتخذ المطعم مقره بجاور laquo;مطعم الحريةraquo; الذي شُيّد أساسًا لخدمة الجنود والمتعهدين الأميركيين.
لكن هؤلاء ما عادوا يرتادونه فاقتصر زبائنه على الموظفين الحكوميين العراقيين الذين يتناولون فيه الدجاج والكباب تحت أضواء النيون العتيقة.

ووفقًا لـlaquo;واشنطن بوستraquo; فإن laquo;آيس باركraquo; يتعدى كونه مجرد مطعم للآيس كريم إلى أنه صار رمزًا لتغيّر ميزان القوة في العراق مع بدء خفض الوجود الأميركي هنا. وليس أدل على هذا من أن المنطقة الخضراء نفسها ما عادت laquo;منطقة نفوذ أميركيraquo;، إذ تسلمتها قوات الأمن العراقية في يونيو / حزيران الماضي.

وعلى هذه الخلفية فقد كانت إيران - وليس الولايات المتحدة - هي التي توسطت في الصفقة التي سمحت لرئيس الوزراء نوري المالكي بالحفاظ على منصبه لولاية ثانية عبر ضغوطها على الزعيم الشيعي مقتدى الصدر لقبوله. وهكذا بسطت جناح نفوذها السياسي على كل من الرجلين.
وكون إيران جارة للعراق ميزة لا تتمتع بها الولايات المتحدة بالطبع. وهناك مئات آلاف الإيرانيين الذين يشدون الرحال إلى المزارات الشيعية في العراق كل سنة.

وهناك البضائع الإيرانية التي تتدفق على العراق عبر الحدود. وأضف إلى هذا أنّ الساسة العراقيين يعلمون ان عليهم التعامل مع إيران التي خاضوا ضدها ثمانية أعوام من الحرب في الثمانينات، بعد رحيل آخر القوات الأميركية من البلاد.

34 نكهة يقدمها آيس بارك لأهل بغداد

وفي غضون هذا نفسه يتوسع النفوذ الإيراني متخذًا رمزًا له في laquo;آيس باركraquo; الذي سيقيم فروعًا أخرى له في بغداد وعدد من المدن العراقية الأخرى مستقبلاً. وفي المقابل فلا نوايا لافتتاح فروع لـlaquo;ماكدونالدزraquo; أو laquo;بيرغر كينغraquo; أو laquo;ستاربكسraquo; أو أي من الأسماء الأميركية الشهيرة الأخرى التي تنصب لافتات جديدة لها بين الفينة والأخرى في سائر مدن الشرق الأوسط الأخرى.

لكن المفاجأة هي أن مالك وكالة laquo;آيس باركraquo; في عموم العراق، هادي الليث (23 عاما)، كان يسعى أصلاً لوكالة laquo;ماكدونالدزraquo;.

قال، وهو يعرض منتجاته داخل أول فروعه في الكرادة، إن أسبابًا متعدِّدةتضافرت لمنع هذا، ومنها خوف العراقيين من ارتياد مطعم أميركي لأنه سيصبح هدفًا للتفجير على الرّغم من توقهم لمأكولات ماكدونالدز وعلى الرغم من توق الأميركيين من جانبهم لافتتاح مطعم لهم في بغداد يأتيهم بأرباح طائلة.

وقال أيضًا إن مطاعم ماكدونالدز - الفرع الأردني - طالبته، بعد مفاوضات عسيرة استمرت أسابيع عديدة، بمبلغ 4 ملايين دولار مقابل 800 ألف طلبها الإيرانيون لمنحه الوكالة. وأضاف قائلاً: laquo;الطريق الإيراني أسهل بكثير، لأن المواصلات موجودة والجمارك سهلةraquo;.

ويذكر أن laquo;آيس باركraquo; الإيرانية تتمتع بفروع لها في أماكن عديدة تشمل الكويت وماليزيا وحتى فنزويلا إضافة، بالطبع، إلى عموم إيران. وفرعها في المنطقة الخضراء هو الثالث في بغداد، وثمة خطط الآن لافتتاح فروع جديدة في البصرة والنجف.

ويذكر أن إيران أغرقت السوق العراقية بكل شيء من السيارات الى الدجاج، ولذا فإن العراقيين ينظرون إلى هذا الأمر باعتباره مضرا باقتصاد بلادهم، الأمر الذي قد يجدد العداوات العربية - الفارسية القديمة.

ويقول جوست هيلترمان من جماعة laquo;كرايسيس انترناشونالraquo;: laquo;الإيرانيون لن يمتنعوا عن التدخل في شؤون الآخرين، وهذا شيء لا يعجب العراقيين لأنهم لا يثقون في نوايا جيرانهمraquo;.

وهذا هو السبب في أن حيدري لا يسلط الضوء على هوية مطاعمه الإيرانية. ويقول إنه يخشى أن يمتنع الزبائن العراقيين المحتملين عن زيارتها بعدما اضمحلت شعبية طهران كثيرا وسطهم. لكن ثمة أنباء طيبة له وهو أنّ أغلب الناس في المنطقة الخضراء قالوا إنهم غير مدركين لهوية المطعم ولا يأبهون بما إن كان إيرانيا.

وقال حيدر صالح محمد، الذي يبيع المستلزمات الرياضية في متجر قريب: laquo;بعض الناس لا يحبون الإيرانيين، والبعض الآخر لا يحب الأميركيين. شخصيا لا أحب هذا أو ذاك، لكن هذا لا يمنعني من ارتياد مطعم لأنه إيراني أو أميركيraquo;.