في وقت يكثّف فيه العراق استعداداته الدبلوماسية والأمنية والإدارية والتنظيمية لاحتضان القمة العربية المقبلة في آذار/مارس المقبل، فقد أكد اليوم حرصه على توفير كل ما يلزم لنجاحها من أجل تشكيل قاعدة قوية لاندماجه المطلوب مع محيطه العربي، بعدما ابتعد فترة من الزمن عن هذا المحيط بسبب ظروف الوجود الأجنبي والتدخلات الخارجية الأخرى.


لندن:أكد ممثل الجامعة العربية في بغداد ناجي شلغمقدرة العراق على احتضان وإنجاح عقد القمة العربية المقبلة والمهمة. كما أكد رئيس مجلس النواب العراقي أسامة عبد العزيز النجيفي حرص العراق على توفير كل ما يلزم لانعقاد ونجاح القمة العربية في بغداد في آذار (مارس) المقبل.

وقال خلال اجتماعه اليوم مع السفراء العرب في بغداد quot;نتمنى وجود رؤساء الدول في هذه القمة، التي ستكون في غاية الأهمية لما تحمله من رسائل إيجابية توطد العلاقات بين العراق والدول العربية، وأهمها ما تحمله من رسالة دعم للعراق في مرحلة انتقل فيها العراق من مرحلة عدم وجود التوازن وغياب الهوية إلى مرحلة الخطوات الحقيقية للبناء والإعمارquot;. وشدد على ضرورة quot; قيام الشركات العربية بالاستثمار في العراق لتكوين قاعدة صلبة للعلاقات السياسية بين العراق والدول العربيةquot;.

وأكد أن العرب لهم الأفضلية في الاستثمار في العراق، واعدًا بقوة بتوفير كل ما يلزم للشركات العربية الداخلة في السوق العراقية. وأضاف النجيفي quot;إن تبادل الزيارات بين المسؤولين العراقيين للدول العربية وبالعكس في هذه المرحلة مهم جدًا لانتقال القادة العراقيين إلى مرحلة الشراكة الوطنية ووحدة الرأي والهدف نحو أشقائهم العرب، وهذا الأمر من شأنه أن يكون قاعدة قوية لحالة الاندماج المطلوب بين العراق ومحيطه العربيquot;.

وأشار الى ان quot;العراق ابتعد فترة من الزمن عن محيطه العربي بسبب الظروف الصعبة التي مر بها متمثلة بالوجود الاجنبي ووجود بعض التدخلات الاخرى، لكنه الان بدأ يعود بقوة لهذا المحيط لكونه يمثل العمق العربي ويرغب ببناء علاقات سياسية واقتصادية مع الدول العربيةquot;.

من جهتهم عبّر السفراء عن دعم دولهم الكامل لانعقاد القمة العربية في بغداد والعمل باتجاه استقرار ورخاء العرق quot;لكون هذه القمة تمثل رسالة قوية لكل العالم بأن العراق لن يهمش من العربquot; كما قالوا. كما اكد ممثل الامين العام للجامعة العربية في بغداد ناجي احمد شلغم قدرة العراق على النجاح في عقد هذه القمة المهمة، كاشفا عن نية الجامعة العربية زيادة حجم تمثيلها في هذا البلد.

شارك في الاجتماع علي المؤمن سفير دولة الكويت ومحمد تيسير المساعدة سفير المملكة الاردنية وعبد الله ابراهيم الزوي سفير دولة الامارات العربية المتحدة وشريف محمد شاهين سفير مصر والقائم بالاعمال الفلسطيني دليل ميخائيل القسوس، والقائم بالاعمال التونسي عبد الرؤوف بن حورية، والقائم بالاعمال اليمني مهدي علي محمد الرضوي، اضافة الى ناجي شلغم ممثل الامين العام لبعثة الجامعة العربية.

تشكيك بقدرة بغداد على احتضان القمة
يأتي اجتماع النجيفي مع السفراء العرب بعد يوم من تحدثت مصادر دبلوماسية وأمنية في القاهرة، عندما أسمته باستحالة عقد القمة العربية المقبلة في بغداد، في ظل الظروف الأمنية الراهنة، برغم الإعلان عن تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وأشارت الى أنها ستعقد في مدينة شرم الشيخ المصرية.

ونقلت صحيفة quot;اليومquot; السعودية عن مصدر في الجامعة العربية أن الوفد الأمني العراقي برئاسة الفريق إيدن عبد القادر وكيل وزارة الداخلية العراقية الذي زار القاهرة قبل أسبوعين سيقوم بزيارتها ثانية خلال الشهر المقبل. ونقلت عن فؤاد النقشبندي المتحدث باسم الوفد العراقي قوله إن الوفد التقى السفير سامح سيف اليزل الأمين العام المساعد للجامعة العربية في اجتماع تمحور حول إمكانية استضافة بغداد للقمة العربية.

واشارت الى ان دبلوماسيين اطلعوا على تفاصيل لقاءات الوفد في مصر، أوضحوا quot;أنه وفقا لما quot;عرضه الوفد العراقي فإن الوضع يبدو غير مرض أمنيًا بالنسبة إلى مصرquot;. ونقلت عن اليزل، الخبير الأمني قوله quot;الرؤساء العرب لن يرضوا أن يكونوا في النهاية تحت مظلة الحماية العسكرية الأميركية أثناء وجودهم في قمة عربيةquot;.

وأضاف quot;على الرغم من محاولات الوفد التأكيد على تحسنها، إلا أن الشواهد والتقارير الأمنية تقطع بأن الواقع الأمني في العراق لا يزال غير مستقر، بما يسمح بتأمين انعقاد القمة العربية، إضافة إلى أن الوضع السياسي بحاجة إلى مزيد من الدعم للاستقرارquot;.
ولفتوا الى انquot; مشاورات لم تحسم مشاركة قوات أمنية عربية في عملية تأمين القمة، إضافة إلى الاستعانة بالقوات العراقية، كما لن تكون هناك قوات أميركية بشكل رسمي لتوفير حماية، لكن العراقيين عرضوا الاستعانة بشركات أمنية خاصة، لكن الأمر لم يحسم أيضا، والغالب أن القمة سوف تستضيفها مدينة شرم الشيخquot;.

لكن الامين العام للجامعة العربية اكد امس الاثنين اصرار الجامعة بظل الاجماع العربي على عقد القمة العربية المقبلة في بغداد مشددا على ان الحكومة العراقية تعمل على استكمال كل الجوانب الفنية واللوجستية لانعقادها في موعدها في اذار. وقال موسى في مؤتمر صحافي عقده لعرض حصاد العام 2010 ان quot;الجامعة العربية تشيد بالتطورات الايجابية على الساحة العراقية وبالتوافقات السياسية التي تمثل رأي الشارع العراقيquot;.

وشدد على ان quot;العراق يسير بالاتجاه الصحيح، وان شعبه اثبت للعالم كله انه لا يريد السياسات الطائفية، بل يرغب بالتوافق بين كل مكوناتهquot;، منوها بأن quot;الانتخابات النيابية التي جرت في العراق هذا العام كانت تجربة ديمقراطية جيدةquot;. واشار الى ان quot;الانتخابات الاخيرة في العراق افرزت قيادات سياسية مهمة وجديرة يمكن ان تقود العراق بشكل جيد الى طريق السلام لتحقيق الاهداف التي يصبوا اليهاquot;. وشدد على ان quot;الجامعة العربية تدعم العمل العربي المشترك تجاه العراق وزيادة التمثيل الدبلوماسي العربي فيهquot;.

استعدادات عراقية واسعة لاحتضان القمة
ومع قرب انعقاد القمة العربية الثالثة والعشرين في بغداد وتصميم الحكومة العراقية على استضافتها لايصال رسالة تؤكد انتماء العراق للأمة العربية، تتصاعد الاستعدادات أمنيًا وفنيا ولوجستيا لتأمين اجواء مناسبة لانعقادها في بغداد بعد 20 عاما من استضافتها لاخر قمة.

وقال مصدر رسمي في العاصمة العراقية ان اللجان المشرفة على تحضيرات القمة العربية المنتظرعقدها في بغداد في الثالث والعشرين من اذار (مارس) المقبل قطعت أشواطًا متقدمة في مهماتها. واشار الى ان هذه اللجان الثلاث المنبثقة من اللجنة العليا وهي الامنية والخدمية والاعمارية قد حققت نتائج متقدمة، وأنجزت الكثير من الأعمال المناطة بها، كما ابلغ quot;إيلافquot; اليوم.

يذكر أن اللجنة الأمنية العليا التي شكلها مجلس الوزراء العراقي والمنبثقة من قيادة عمليات بغداد والمكلفة بوضع ومتابعة التدابير الامنية التي سيجري تنفيذها خلال انعقاد القمة في بغداد أنجزت حتى الآن خطط امنية واسعة. وقال المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد اللواء قاسم عطا أخيرا ان اللجنة الامنية العليا تعمل برئاسة وكيل وزير الداخلية لشؤون الشرطة الفريق آيدن خالد لمتابعة الخطط الأمنية الخاصة بالقمة.

ولفت الى ان عملها يشمل دراسة الخطط الأمنية التي سيتم تطبيقها قبل وخلال انعقاد القمة. واوضح ان وزارة الداخلية تقوم حاليا بنصب 200 كاميرا مراقبة للحيلولة دون وقوع أي اعمال تخريبية من شأنها أن تعكر أجواء انعقاد القمة.

من جانبه يقول الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية عدنان الأسدي ان اللجنة الامنية العليا التي تضم ممثلين عن وزارات الداخلية والدفاع وجهاز المخابرات وقيادة عمليات بغداد وأمانة بغداد ومحافظة بغداد تعمل للتنسيق بين اجهزة هذه الوزارات والمؤسسات الامنية والخدمية للتنسيق في ما بينها بهدف توفير الحماية اللازمة للقمة العربية.

وقد خصصت الحكومة العراقية مبلغ 300 مليون دولار لإعادة تأهيل أكبر ستة فنادق في بغداد استعدادا للقمة التي لم يستضفها العراق منذ أواخر آيارعام 1990 بسبب الحصار الاقتصادي والسياسي المفروض عليه.

وتصف الحكومة العراقية عقد القمة العربية في بغداد بالانجاز الوطني ودليل على عودة العراق إلى الحاضنة العربية والإقليمية. وأكد المتحدث باسم الحكومة علي الدباغ إن التحضيرات تجرى حاليًا لعقد القمة العربية المقبلة في بغداد من خلال توفير الأماكن والحماية اللازمة للرؤساء العرب والمشاركين في القمة. واشار الى ان انعقادها في بغداد يمثل رسالة من الحكومة والشعب العراقيين لكل العرب تؤكد انتماء العراق للأمة العربية.

وأضاف إن الحكومة العراقية متمسكة بعقد القمة العربية في بغداد quot;ولن تتنازل عنها كجزء من حقنا في التواصل مع محيطنا العربي وأشقائنا العربquot;. مؤكدا أن العراق ليس لديه خيار إلا أن يكون جزءاً من الأمة العربية. ودعا كل الدول العربية إلى تحمل المسؤولية والمشاركة في القمة المقبلة لنقل رسالة للشعب العراقي تؤكد أنه جزء من الأمة العربية.

واشار الى ان الحكومة العراقية خصصت مبلغ 276.5 مليون دولار لاستضافة القمة تشمل الإحالات للشركات وأجور المكاتب الإستشارية والمراقبة والإحتياط والإشراف مع المبالغ التخمينية لتأهيل صالة الشرف الكبرى في مطار بغداد الدولي ودور الضيافة ومكاتب رئيس الجمهورية في الجادرية والمنطقة الخضراء. واوضح الدباغ ان هذا المبلغ سيتم تخصيصه من إحتياطي الطوارئ المعتمد ضمن الموازنة العامة الاتحادية لعام 2010، ويصبح مبلغ 100 مليون دولار الذي كان مخصصًا سابقاً ضمن المبلغ الجديد.

مقترحات الخارجية العراقية
ومن بين الإجراءات التي اقترحتها وزارة الخارجية العراقية تهيئة منطقة واسعة في العاصمة لإقامة مشروع متكامل يضم مجمع قاعات للمؤتمرات وملاحق للاجتماعات وفيلات للرؤساء والملوك العرب، وكذلك بيوت وشقق لوزراء الخارجية، إضافة إلى وحدات سكنية وفنادق لبقية الوفود والضيوف والإعلاميين.

وأوضح وكيل وزارة الخارجية العراقية لبيد عباوي أن اللجنة الوزارية سقد باشرت عملها أخيرًا بدراسة مختلف التدابير اللوجستية والفنية المرتبطة بمسألة التحضير للقمة بهدف الخروج بخطط عمل مشتركة بين وزارة الخارجية والوزارات المعنية الأخرى.

واعتبر عباوي إجماع وتأييد زعماء الدول العربية لعقد مؤتمرهم المقبل على أرض العراق بأنه نصر وموقف تضامني مع القضية العراقية. مضيفًا quot;نحن نسجل تقديرنا واحترامنا الكبيرين لكل الدول التي ساندتنا وأيدت ما ذهبنا إليه في ضرورة استضافة القمة لكون ذلك حقًا عراقيًا لا يمكن القفز عنه، خصوصاً وأن العراق يعتبر من الأعضاء المؤسسين للجامعة العربيةquot;.

وكان مندوب العراق في الجامعة العربية السفير قيس العزاوي قد اكد الاسبوع الماضي ان بلاده متمسكة بحقها في استضافة القمة العربية المقبلة، مشيرا الى ان استضافة القمة تحدٍ للعراق واعلان جديد بان هذا البلد quot;يقف على قدميهquot;. واشار الى ان الحكومة العراقية تجري استعدادات هائلة للتحضير للقمة وهناك لجنة عليا في رئاسة الوزراء وعضوية معظم الوزارات هدفها الإعداد وتهيئة الاجواء لاستقبال الرؤساء العرب.

يذكر أن العراق استضاف القمة العربية لمرتين الاولى بدورتها التاسعة عام 1978، والتي تقرر خلالها مقاطعة الشركات والمؤسسات العاملة في مصر التي تتعامل مباشرة مع إسرائيل، وعدم الموافقة على اتفاقية كامب ديفيد. والثانية بدورتها الثانية عشر عام 1990، والتي شهدت خلافات كبيرة بين العراق ودولتي الكويت والإمارات العربية المتحدة، وتبعها احتلال العراق للكويت واندلاع حرب الخليج الثانية عام 1991.

وكانت القمة العربية الأخيرة التي عقدت في آذار الماضي قد أتخذت قرارًا بعقد القمة المقبلة في العراق، على الرغم من ان البروتوكول المعمول به في الجامعة العربية يقر باستضافة مؤتمرات القمة بحسب الترتيب الابجدي، حيث كان من المفترض عقد القمة السابقة في بغداد طبقا لهذه القاعدة، الا انها عقدت في مدينة سرت الليبية بسبب المخاوف الامنية في العراق الذي تنازل عن استضافة تلك القمة لليبيا.