يبدو أن ثمة اقتناعا بين أحزاب المعارضة و القوى السياسية الأخرى بأن انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى المصري محسومة سلفا لصالح الحزب الوطني الديمقراطي، إذ إنه على الرغم من قرب موعد هذا الاستحقاق وفتح باب تلقي طلبات الترشيح الشهر المقبل إلا أن حجم المشاركة من قبل الأحزاب المختلفة - كما يبدو من الأعداد التي كشف عنها حتى الآن-ضعيفا للغاية، ما يمثل مؤشرا بأن الانتخابات القادمة ستكون استعراضا من طرف واحد، الحزب الوطني الحاكم.

القاهرة: quot;مشاركة محدودة وأعداد قليلة quot; بهذا يمكن وصف حجم المشاركة من جانب الأحزاب المصرية والقوى السياسية في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى، الغرفة الثانية في البرلمان المصري، والمقرر أن تعقد في منتصف مايو المقبل. وعلى الرغم من اقتراب موعد باب فتح تلقي طلبات الترشيح الشهر القادم، إلا أن الأعداد التي أعلنتها الأحزاب المختلفة ضعيفة جدا ولا تغطي جميعها تقريبا كل الدوائر المقرر أن يتم التنافس فيها.

ومن المقرر أن يخوض حزب الوفد وفق ما أعلن منذ أسابيع الاستحقاق بعشرة مرشحين فقط على الـ 88 مقعدا المقرر التنافس عليهما في دوائر مختلفة في المحافظات. وتجرى انتخابات التجديد النصفي لمجلس كل ثلاثة أعوام على 132 مقعدا هي نصف عدد مقاعد مجلس الشورى، بيد أن الرئيس المصري من حقه تعيين ثلث هذه المقاعد وعددها quot;44 مقعداquot; لتتنافس المعارضة والحزب الحاكم على الثلثين الباقيين الـ quot;88 مقعداquot;.

لكن عدد المرشحين من قبل حزب الوفد قد يقل أو يزيد قليلا بعد ان ينتهي الحزب من دراسة طلبات الأعضاء الذين تقدموا لخوض الاستحقاق، وفقا لمصدر قيادي داخل الحزب مؤكدا لإيلاف quot; ان هناك معايير للاختيار تتم بناء على قوة المرشح وشعبيته ومدى فرص نجاحهquot;.

وتتسم في العادة الدوائر الانتخابية بالنسبة إلى مجلس الشورى بكبر حجمها عن دائرة مجلس الشعب، حيث إن كل 3 دوائر من مجلس الشعب تمثل دائرة واحدة في الشورى، ما يتطلب من المرشح بذل جهود و نفقات أكثر في الدعاية الانتخابية نظرا لاتساع نطاق الدائرة، وهو الأمر الذي يفوق القدرات المادية للأحزاب.

ولهذا السبب رفعت بعض الأحزاب يدها من الحملات الانتخابية لمرشحيها. وأعلن نبيل زكي المتحدث الإعلامي لحزب التجمع أنه quot;نظرا للتكلفة المادية الكبيرة التي يحتاجها المرشح للدعاية وضع الحزب قاعدة أن المرشح مسؤول عن الإنفاق على حملته الانتخابيةquot;،مشيرا إلى أن الحزب اشتراكي ولا يضم رجال الأعمال الرأسماليين.

ويتّجه حزب التجمع إلى خوض الانتخابات بسبعة مرشحين فقط تحت شعار quot;طريق التغيير يبدأ بالمشاركةquot;.. quot;برنامجنا من اجل الشعب والوطنquot;، وقد وضعت شعارات أخرى للمناقشة وقد يتجه الحزب إلى استبعادها نظرا لعدم موافقة أعضاء من الحزب عليها وخاصة الشعارات المرتبطة بالتوريث.

وعلى الرغم من أن حزب العربي الناصري وحزب الجبهة وغيرهما من الأحزاب الأخرى لم تعلن بعد عن حجم مشاركتها في الانتخابات، حيث إن الأمر لا يزال قيد الدراسة، إلا أن مصادر داخل الحزبين ترجح اتجاها لترشيح اثنين أو ثلاثة مرشحين على أقصى تقدير، فيما لم تعلن باقي الأحزاب المصرية عن حجم مشاركتها، ويتوقع خبراء أن تغيب بعض الأحزاب عن المشاركة في هذا الاستحقاق.

ويبدو أن الأحزاب تفضل توفير جهودها وإمكاناتها إلى انتخابات مجلس الشعب quot;الغرفة الأولى من البرلمان المصريquot; والمقرر أن تعقد أيضا هذا العام. وأكدت جماعة الإخوان المسلمين انها ستشارك في الانتخابات بيد أنها لم تعلن بعد عن حجم مشاركتها. وتستعد الجماعة لخوض الانتخابات بمجموعة من الرجال والسيدات لتأكيد رسالة إلى النظام بان الجماعة لن تتراجع عن المشاركة السياسية على الرغم من الاعتقالات المتكررة لأعضائها، وفق ما ذكر مصدر قيادي في الجماعة.

وعادة تكون مشاركة الجماعة ضعيفة مقارنة بانتخابات مجلس الشعب التي تنزل بها بكل قوتها، كما أن نتائجها في الشورى لا تذكر، حيث حصلت في الانتخابات الماضية على مقعد واحد فقط . ويثور نقاش داخل الجماعة في الوقت الحالي حول ما إذا كانت ستدخل الانتخابات بشعارها الدائم والمثير للجدل quot; الإسلام هو الحل quot;أم تحت شعار آخرquot;.
وعلى الجانب الآخر، كشف مصدر داخل الحزب الوطني الحاكم أن أمانة التنظيم تسلمت تقارير التقييم النهائي لمرشحي الحزب و الخاصة بجماهيرية نواب الحزب الحاليين وباقي كوادر الحزب الراغبين في الترشح، لاختيار القائمة النهائية بالمرشحين في الانتخابات . ومن المقرر كالعادة أن ينزل الحزب الوطني بـ 88 مرشحا على مقعدي العمال و الفلاحين في 44 دائرة انتخابية في المحافظات.

يذكر أن مدة عضوية المجلس طبقا للمادة 198 من الدستور والمادة 3 من القانون رقم 120 لسنة 1980 ست سنوات ميلادية من تاريخ أول اجتماع له. ويتجدد انتخاب واختيار نصف الأعضاء المنتخبين والمعينين كل ثلاث سنوات، ويجوز إعادة انتخاب أو تعيين من انتهت مدة عضويته من الأعضاء. ويتم تحديد من تنتهي مدة عضويتهم في نهاية السنوات الثلاث الأولى بطريق القرعة التي يجريها المجلس وفقا للقواعد التي يضعها في لائحته الداخلية . ويجب أن يتم الانتخاب خلال الستين يوما السابقة على انتهاء مدة العضوية ويتم التعيين خلال الثلاثين يوما السابقة على انتهائها.

وتكتسبانتخابات مجلسي الشورى والشعب هذا العام أهمية كبيرة حيث يعتبرها الخبراء حجر الزاوية بالنسبة إلى انتخابات الرئاسة المقرر أن تشهدها البلاد في العام 2011، إذ سيتحدد على أثرها خريطة المرشحين لمنصب رئاسة الجمهورية، بالنظر إلى التعديلات الدستورية الجديدة التي طرأت على المادة 76 في عامي 2005 و2007.

ورسمت هذه المادة المثيرة للجدل طريقين فقط لا ثالث لهما، للترشح على منصب الرئيس، إما عن طريق الأحزاب التي تنجح في الحصول على مقعد واحد على الأقل في مجلسي الشعب والشورى، بالنسبة إلى الانتخابات القادمة. أما بالنسبة إلى الانتخابات الرئاسية التالية فيرتفع الحد الأدنى إلى حصول الحزب على 3% من مجموع مقاعد المنتخبين في المجلسين. اما الطريق الثاني فهو الترشح بشكل مستقل بشرط ان يحصل المرشح على 250 توقيعًا من أعضاء مجلسي الشعب والشورى والمجالس الشعبية المحلية للمنتخبين

وتحتاج المعارضة إلى 25 مقعدا على الأقل لدعم مرشحها المفترض أمام مرشح الحزب الوطني الحاكم في انتخابات الرئاسة، حيث تنص التعديلات على ضرورة أن يحصل المرشح المستقل على توقيع 65 عضواً على الأقل في مجلس الشعب، و25 عضوا في مجلس الشورى، و160 عضوا في مجالس المحافظات على أن يكون بينهم 140 عضوا من 10 محافظات بواقع 14 عضوا من كل محافظة.