موسكو: يبدو أن التمرد الإسلامي في منطقة شمال القوقاز في روسيا يتحول من حركة إنفصالية محلية إلى جهاد عالمي تشير أهدافه ودعايته ورعايته إلى الخارج. ففي فبراير/ شباط توعد دوكو عمروف من مواليد الشيشان وهو أبرز المطلوبين في روسيا على مواقع إسلامية بمد نطاق هجماته من شمال القوقاز الى قلب البلاد واثارة الفوضي من خلال الجهاد.

ويأتي تعهده عقب تصاعد أعمال العنف من خلال عمليات اطلاق رصاص وهجمات انتحارية بالقنابل استهدفت السلطات على مدار العام الماضي في منطقة شمال القوقاز الجبلية وبصفة خاصة في الشيشان التي شهدت حربين انفصاليتين منذ منتصف التسعينات وفي الانجوش وداغستان المجاورتين.

وتبادل الزعماء المسلمون في المنطقة والمتمردون اتهامات بالكفر والاجرام. ولكن بعد سنوات من القمع الديني على ايدي الاتحاد السوفيتي يرحب الجانبان بتنامي المد الاسلامي الذي قاد لبناء مساجد جديدة انيقة ورعاية الحكومة لرحلات الحج واهتمام متزايد باللغة العربية.

ويقول الكسندر تشاركاسوف الذي تابع شمال القوقاز لمدة 15 عاما لمجموعة ميموريال لحقوق الانسان ان المتمردين كانوا يريدون في الماضي التحرر من روسيا وهو صراع يرجع تاريخه الى 200 عام مضت ولكنهم الان يقعون تحت تأثير جهاديين يزعمون انهم يحاربون اعداء الاسلام. وصرح لرويترز quot;جزء منشأه محلي. يقود الفساد كثيرون للبحث عما يسمونه الاسلام الحقيقي ولكن الاسلام السياسي يلعب دورا بكل تأكيد من خلال التمويل الاجنبي والمتمردين.quot;

وفي اوائل فبراير شباط قالت روسيا ان قواتها قتلت عميلا للقاعدة والمتشدد المصري محمود محمد شعبان وكان جهاز الامن الاتحادي الروسي قد اتهمه بانه العقل المدبر للعديد من التفجيرات.
وتعرض مجموعة من المواقع على الانترنت لقطات فيديو quot;للشهداءquot; وهو امر لم تكن المنطقة تسمع به قبل خمسة أعوام. يظهر في اللقطات رجال محليون يحيط بهم علم القوقاز ينشدون بالعربية قبل تنفيذ هجمات انتحارية.

وخلال العام الماضي صدرت بيانات عامة لتأييد دوكو عمروف وغيره من القادة المتمردين في القوقاز من الشيخ أبو محمد المقدسي وهو اردني الجنسية ومن كبار دعاة تنظيم القاعدة. ويقول مسؤولو المخابرات الأميركية ان المقدسي من دعاة الجهاد البارزين وأن نفوذه على الايديولوجية الاسلامية أكبر من مشتددين بارزين مثل اسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة وأيمن الظواهري الرجل الثاني في تنظيم القاعدة.

وابدى في خطاب مفتوح لعمروف في العام الماضي نشر على مواقع اسلامية غير رسمية سعادته البالغة بالاعراب عن تضامنه ورعايته ومساندته لمجاهدين في القوقاز. وقال محللون سياسيون ان زعيم المتمردين الكسندر تيخوميروف وهو رجل دين شهير غير اسمه الى سعيد بورياتسكي تدرب في مصر على القتال لعدة سنوات وتعلم العربية بطلاقة.

واعلن بورياتسكي مسؤوليته عن أكثر الهجمات دموية في شمال القوقاز في اربعة اعوام في اغسطس اب الماضي حين قتل مهاجم انتحاري 20 شخصا على الاقل واصاب 138 اخرين في مقر للشرطة في الانجوش.

وصرح كريستوفر لانجتون من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن لرويترز ان الجهاديين في شمال القوقاز quot;يقويهمquot; جزئيا الصلات بافغانستان والشرق الاوسط وتتألف من مزيج من أعمال التهريب والتجارة ومنظمات غير حكومية اسلامية ومنظمات خيرية. ويقول جهاز الامن الاتحادي الذي خلف جهاز المخابرات (كيه.جي.بي) منذ فترة ان التمرد يرتبط بصلات بالقاعدة رغم ان القادة الاقليميين يرفضون ذلك.

وصرح سيرجي جونتشاروف رئيس مجموعة من صفوة الضباط القدامي في جهاز المخابرات السابق quot;حددنا نفوذا ماليا هائل من افغانستان وباكستان.quot; غير ان منتقدي الكرملين يقولون ان الحكومة تلقي اللوم على القاعدة للتهرب من تحمل نصيبها من المسؤولية عن الفقر والفساد المتفشي في المنطقة مما يدفع الشبان الى التطرف.

ويقول جلين هاوراد رئيس مؤسسة جيمستاون في واشنطن لرويترز quot;تريد موسكو تكوين تصور لشمال القوقاز. تريد فصله عن بقية روسيا.quot; ويقول رئيس الشيشان الذي تدعمه روسيا رمضان قادروف ان عدد المتمردين في الجمهورية أقل من 30 متهما الغرب بتمويل التمرد الاسلامي الى جانب التامر للسيطرة على منطقة القوقاز ككل.

ويؤكد زعيم الانجوش يونس بك يفكوروف ان الفقر الشديد وحدة هو الذي يؤجج حالة عدة الرضا. وجاء في دراسة اجراها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن ان عدد القتلى جراء حوادث العنف ارتفع كثيرا في شمال القوقاز على مدار العامين الماضيين من أكثر من اربعين بقليل في يناير كانون الثاني 2008 الى 140 في اغسطس اب 2009.