باريس: كانت رئيسة الحزب الاشتراكي الفرنسي مارتين اوبري الفائزة الكبرى في الدورة الاولى من الانتخابات الاقليمية الفرنسية، فخرجت منها في موقع quot;ميركل يساريةquot; بعدما بقي اسمها لفترة طويلة مرتبطا بقانون موضع جدل خفض دوام العمل الاسبوعي الى 35 ساعة.
ولا تزال وزيرة العمل السابقة والمسؤولة الثانية في حكومة ليونيل جوسبان (1997-2000) تخفي طموحاتها السياسية وتردد quot;انا كما تعلمون منكبة على العمل، اجتاز الحواجز الواحد تلو الاخرquot;. غير ان تصميم ابنة الرئيس السابق للمفوضية الاوروبية جاك دولور البالغة من العمر 59 عاما لم يعد يخفى على احد.
ولم يكن احد يتكهن لها بمستقبل واعد عند انتخابها في نهاية 2008 على رأس حزب اشتراكي يعاني من صراعات داخلية شقت صفوفه، بفارق ضئيل جدا عن سيغولين روايال وفي عملية اقتراع شابتها اتهامات بالتزوير. وبعد اشهر قليلة في حزيران/يونيو 2009، حقق الحزب الاشتراكي نتيجة مخيبة للامل في الانتخابات الاوروبية حيث لم يتخط 16,5% من الاصوات.
غير ان اوبري نجحت في تعزيز سلطتها وترميمها اذ نظمت في الصيف استفتاء لتجديد الحزب قضى بتنظيم انتخابات اولية عام 2011 لاختيار مرشح الحزب للرئاسة. وقال الخبير السياسي جيرار غرونبرغ quot;انقلب كل شيء في تلك اللحظة. ونرى انه بات هناك منذ ذلك الحين زعيم للحزب الاشتراكيquot;.
وفي حال تاكد فوز اليسار في الدورة الثانية من الانتخابات الاقليمية، فسوف تتخذ مارتين اوبري قرارا بشأن ترشحها لتمثيل حزبها في الانتخابات الرئاسية عام 2010، وسيتحتم عليها في تلك الحالة التغلب مرة جديدة على سيغولين روايال، وكذلك على دومينيك ستروس-كان مدير صندوق النقد الدولي التي يتقدم في الوقت الحاضر استطلاعات الرأي.
وانطلاقا من هنا تسعى اوبري للظهور كزعيمة منهجية وهادئة في مواجهة رئيس انفعالي طاغي الحضور ويهيمن على جميع القرارات. ومن هنا برز لقب quot;ميركل اليساريةquot; الذي نقلته مؤخرا الصحف الفرنسية للاشارة الى اوبري. وتقول معلقة عليه بسخرية quot;كلانا جديتان. لديها مشكلات صغيرة مع نيكولا ساركوزي، ونحن نتشارك ذلك ايضاquot;.
ومن قواسمها المشتركة الاخرى مع المستشارة الالمانية اختيار ملابسها وكذلك التكتم على حياتها الخاصة، وهي متزوجة من محام من منطقة ليل ولها ابنة. ومن فوائد هذا اللقب الجديد انه يسقط لقب quot;سيدة ال35 ساعةquot; الذي يلازمها منذ ان اقرت قبل عشر سنوات قانونا خفض دوام العمل الاسبوعي الى 35 ساعة وجعلها تعتبر حتى الان مسؤولة عن مشكلات الاقتصاد الفرنسي.
والواقع ان مارتين اوبري تجسد بنظر 60% من الفرنسيين quot;افكار اليسار وقيمهquot;، ما يجعلها رمز يسار تقليدي في مواجهة اشتراكية اكثر ليبرالية على الصعيد الاقتصادي يمثلها دومينيك ستروس كان الذي يحظى بمزيد من التاييد بين ناخبي الوسط.
ولم تضع مارتين اوبري حتى الان مشروعا حقيقيا لمستقبل البلاد. وسعت الاحد في ختام الدورة الاولى من الانتخابات الاقليمية الى الطمأنة اكثر منها الى الابتكار وطرح الافكار الجديدة.
وقالت quot;لم نعد نريد هذه السياسية التي تحطم اكثر ما تحبه فرنسا في نظامها: نموذجها الاجتماعي، المساواة والاخوة. نريد استعادة مجتمع هادئ وعادل والعيش معاquot;.
وبعدما كانت اوبري من كبار الموظفين في وزارة العمل، عملت ثلاث سنوات مسؤولة ثانية في مجموعة quot;بيشينيquot; للتعدين قبل ان تخوض اول تجربة وزارة بتعيينها وزيرة للعمل بين 1991 و1993.
وكان يقال عندها انها quot;متسلطة وقاسيةquot;، وهي اطباع كلفتها بعض النكسات عندما عينت رئيسة لبلدية ليل (شمال) عام 2001 وقد هزمت محليا في الانتخابات التشريعية عام 2002 في اعقاب هزيمة ليونيل جوسبان المدوية في الانتخابات الرئاسية.
وفي تلك الليلة انهارت باكية امام عدسات التلفزيون واضطرت الى الانكفاء على مدينتها، غير ان ذلك ضمن لها النجاح اذ اعيد انتخابها على رأس بلدية ليل عام 2008 بنسبة 66% من الاصوات، ما اتاح لها استعادة دورها السياسي على الصعيد الوطني.
التعليقات