اسطنبول: زادت التغييرات الدستورية المقترحة في تركيا من توتر العلاقات بين الحزب الحاكم الذي له جذور في الاسلام السياسي ومؤسسسة علمانية من القضاة والجنرالات. فيما يلي بعض العوامل المهمة التي تجدر مراقبتها فضلا عن ردود الافعال المحتملة للاسواق:

الاصلاحات الدستورية:

قدم حزب العدالة والتنمية الحاكم مسودة لحزمة اصلاحات واسعة النطاق للبرلمان في 30 مارس اذار قائلا ان هناك حاجة للتغييرات لتعزيز ديمقراطية تركيا فيما تسعى للانضمام الى عضوية الاتحاد الاوروبي.

واذا أقرت الاصلاحات فانها ستغير طريقة تعيين القضاة في المحاكم العليا مما يصعب حظر نشاط الاحزاب السياسية ويجعل من الممكن مساءلة الجيش التركي القوي بشكل تقليدي امام المحاكم المدنية.

ويقول منتقدون يخشون من أن حزب العدالة والتنمية يخطط لالغاء القيم العلمانية لتركيا الحديثة ان التغييرات ستمنع القضاء من مراجعة عمل الحكومة لان مقاعد المحكمة العليا ستكون ممتلئة بمرشحي حزب العدالة والتنمية. ويعتزم رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان طرح الاصلاحات في استفتاء وطني اذا لم تحصل الحكومة على أغلبية الثلثين اللازمة في اقتراع يرجح أن يجري بالبرلمان في وقت لاحق هذا الشهر.

وكانت المعارضة قد هددت بأن تطلب من المحكمة الدستورية منع حزمة الاصلاحات. واذا دعت الحكومة الى استفتاء وعرقلت المحكمة العملية فسيسبب هذا أزمة مؤسسية. وقد يؤدي هذا السيناريو الى اجراء انتخابات مبكرة بما يستبعه من تشكك. من المقرر أن تبدأ لجنة برلمانية مناقشة حزمة الاصلاحات يوم الاربعاء السابع من ابريل نيسان وينتظر اجراء اقتراع كامل بين منتصف وأواخر الشهر الجاري.

-- اي تحرك من قبل اردوغان للدعوة الى استفتاء يجري بعد ذلك بستين يوما سيزيد من خطر حدوث مواجهة. وقد يضر هذا بالليرة والاسهم الى جانب رفع أسعار مبادلات عقود الائتمان وعائدات السندات.

-- أي مؤشر على أن السلطة القضائية ستحاول عرقلة استفتاء ستزيد التوقعات بحدوث مواجهة. وعبر قضاة بارزون عن رفضهم للاصلاحات قائلين انها تنتهك مباديء الفصل بين السلطات.

توتر العلاقات بين الحكومة والجيش:

ادت سلسلة من المؤامرات العسكرية المزعومة الى توتر العلاقات بين الحكومة والقوات المسلحة وهي الى جانب القضاء من دعائم جهاز الدولة المحافظ. وفي الاسابيع الاخيرة وجهت اتهامات لعشرات الضباط ومن بينهم جنرالات متقاعدون وعاملون بالتامر للاطاحة بحكومة أردوغان عام 2003.

وفي خطوة لم يسبق لها مثيل ضد الجيش الذي أطاح بأربع حكومات منذ عام 1960 ألقت الشرطة في فبراير شباط القبض على نحو 70 شخصا من بينهم قادة سابقون للقوات الجوية والبحرية في تحقيق في مؤامرة انقلاب مزعومة. وأفرج عن معظمهم في انتظار المحاكمة ومن بينهم 17 أطلق سراحهم الاسبوع الماضي.

وفي مارس اذار وجه ممثلو ادعاء اتهامات لارفع ضابط بالخدمة حتى الان وهو جنرال كبير. ووضعت حملة القمع البلاد في منعطف تاريخي وترسم صورة لانقسام اجتماعي عميق. وفي عملية للمتابعة في الخامس من ابريل عمقت انعدام الثقة شنت الشرطة حملة تمشيط كبرى لتلقي القبض على 90 ضابطا تقريبا لكن مدعي عام اسطنبول تدخل لوقف الحملة ولم يلق القبض الا على أقل من 20 .

واستبدل المدعي العام اثنين من ممثلي الادعاء يديران التحقيق مما يكشف عن الانقسام بين كبار المسؤولين بالسلطة القضائية وبعض صغار المسؤولين الذين يقال انهم متعاطفون مع حزب العدالة والتنمية.

وألقي القبض على اكثر من 200 شخص في اطار قضية منفصلة تعرف باسم (ارجينيكون) وتركز على شبكة متشددة مزعومة تخطط لاسقاط الحكومة. ويقول منتقدون ان الحكومة استغلت التحقيق لملاحقة المعارضين السياسيين.

وساعدت الاعتقالات التي لم تكن متصورة قبل بضعة أعوام في هبوط الليرة الشهر الماضي الى أدنى مستوي لها منذ سبعة اشهر وأقلقت المستثمرين الذين يشعرون بالقلق بالفعل من مواجهة مع القضاة وشائعات عن اجراء انتخابات مبكرة.

وفي احدى المراحل في فبراير شباط هبطت الاسهم عشرة في المئة بسبب الاعتقالات على الرغم من ارتفاعها بقوة بسبب المعنويات العالمية الايجابية منذ ذلك الحين. وبوجه عام ينظر الى الحكومة على أن لها اليد العليا منذ كبحت الاصلاحات التي يطالب بها الاتحاد الاوروبي سلطة الجيش. ويخشى القليل من المحللين او المستثمرين وقوع انقلاب اخر.

لكن كثيرين يخشون من أن التوترات قد تصيب عملية صناعة السياسة بالشلل وتحول تركيز الحكومة عن تعزيز النمو الاقتصادي بعد انكماش بلغ 4.7 في المئة العام الماضي. وثارت مخاوف من أن زعزعة الاستقرار قد تؤدي الى اجراء انتخابات مبكرة ستزيد من صعوبة التكهن.

ما تجدر مراقبته؟

تصريحات وتحركات قائد القوات المسلحة الجنرال ايلكر باسبوج والقادة الاخرون. وقد تزيد التصريحات التي تنطوي على تحد او عدوانية الليرة ضعفا وترفع عائدات السندات.

-- سيزيد القيام بالمزيد من الاعتقالات قلق الاسواق وهو ما قد تفعله ايضا التهديدات الصريحة من ضباط سابقين أو في الخدمة. اما الليرة التي هي أفضل مقياس يومي لتصورات المستثمرين عن المخاطرة فستضعف وستهبط الاسهم.

-- أي علامات على الانشقاق في صفوف الجيش. يقول محللون ان الجيش يتطلع الى باسبوج للدفاع عن هيبته. وقد يثير الانشقاق او استقالة قادة بارزين قلق المستثمرين.

محاولة أخرى لمهاجمة حزب العدالة والتنمية من خلال المحكمة:

تتكهن وسائل الاعلام التركية منذ أشهر بأن المدعي العام عبد الرحمن يالجينكايا بعد أن فشل في حظر نشاط حزب اردوغان عام 2008 على أساس أنه ينتهك الدستور العلماني قد يحاول مجددا. وأذكت محاولة اصلاح القضاء هذا الحديث.

ما تجدر مراقبته؟

-- قال مسؤولون بحزب العدالة والتنمية انهم سيدعون الى انتخابات مبكرة اذا أقيمت دعوى أخرى لاغلاق الحزب. قد يؤدي هذا الى تكرار لحالة الذعر التي انتابت الاسواق عام 2008 .

ومن المرجح أن تصبح الاسهم اكثر عرضة للتأثر. وادت قلاقل عام 2008 الى خسارة بلغت مليارات الدولارات من قيمة الاسهم. ويملك المستثمرون الاجانب نحو ثلثي الاوراق المطروحة بشكل حر في سوق الاوراق المالية باسطنبول مما يجعل السوق عرضة بشكل خاص للتغيرات في ثقة المستثمرين الاجانب.

وخسرت الليرة ربع قيمتها عام 2008 . منذ ذلك الحين كان سعرها ثابتا نسبيا امام الدولار. لكن أسعار الاسهم بلغت أعلى مستوياتها حيث فاق مؤشر اسطنبول مستوى قياسيا سابقا سجل في اكتوبر تشرين الاول عام 2007 .

وانخفض عائد سند 2011 القياسي الى أقل من تسعة في المئة نتيجة سلسلة من خفض أسعار الفائدة لمدة 13 شهرا أدت الى تراجع أسعار الفائدة الخاصة بالبنك المركزي باكثر من عشر نقاط مئوية.

الانتخابات المبكرة:

على الرغم من التكهنات نفى اردوغان اي خطة لاجراء انتخابات مبكرة. ومن المقرر اجراء انتخابات عام 2011 وهو الموعد الذي يتمنى حزب العدالة والتنمية أن يكون قد حقق بحلوله انتعاشا اقتصاديا يعزز شعبيته.

ومع التقدم نحو الانتخابات القادمة سيكون السؤال الرئيسي ما اذا كان حزب العدالة والتنمية الذي شكل حكومة حزب واحد عام 2002 ليحكم البلاد يستطيع تجنب الاضطرار لتشكيل حكومة ائتلافية. وتشير استطلاعات الرأي وان كان لا يمكن الاعتماد عليها الى أنه قد يعاني.

ويفضل المستثمرون حكومة لحزب العدالة والتنمية. ولا ينظر الى أحزاب المعارضة على أنها مؤيدة لسياسات تحرير السوق بينما للائتلافات تاريخ من الصراع الداخلي وقد يضر هذا بالانضباط المالي والاصلاحات.

ما تجدر مراقبته؟

-- استطلاعات الرأي.

-- ترويج زعماء حزب العدالة والتنمية لاجراء انتخابات مبكرة.

صندوق النقد الدولي والانفاق قبل الانتخابات:

فشلت تركيا وصندوق النقد الدولي في الوصول الى اتفاقية لقرض مشروط بعد 20 شهرا من المفاوضات. ويترك هذا البلاد بدون قاعدة قوية للسياسة المالية. ومع انتظار اجراء الانتخابات في 2011 قد تشعر الحكومة باغراء لانفاق المزيد وهو ما سيزيد تكاليف الاقتراض ويعوق جهود السيطرة على العجز المالي. ويشعر المستثمرون على مستوى العالم بالقلق من تضخم متطلبات الاقتراض الحكومي كما ان تراجع معدل تجديد ديون الخزانة التركية سيبعث بالاشارة السليمة.

ما تجدر مراقبته؟

-- ستكون بيانات الميزانية مؤشرا رئيسيا على انفاق الحكومة والقدرة على جمع الضرائب قبل الانتخابات.

-- ارتفاع عجز الحساب الجاري مؤشر يجب أن يراقبه المستثمرون عن كثب على الرغم من أن معظم الاقتصاديين يتوقعون ألا تواجه تركيا صعوبة تذكر في جمع التمويل الخارجي اللازم لتغطية العجز. وسيعني الانتعاش الاقتصادي مزيدا من الواردات وأسعارا أعلى للسلع.