عالج اللقاء الوطني السعودي الثامن للحوار الفكري موضوعي الأخطاء الطبية، وحقوق المرضى وأخلاقيات العمل في القطاع الصحي وخلص إلى ضرورة إنشاء محاكم متخصصة في القطاع الطبي لمتابعة قضايا الأخطاء الطبية.

نجران: طالب المشاركون والمشاركات في اللقاء الوطني السعودي الثامن للحوار الفكري بإنشاء محاكم متخصصة في القطاع الطبي لمتابعة قضايا الأخطاء الطبية، كما طالبوا بوضع استراتيجية واضحة لتعامل الإعلام مع الأخطاء الطبية، حيث دارت الجلسة الثانية من اللقاء الوطني الثامن للحوار الفكري: quot;الخدمات الصحية: حوار بين المجتمع والمؤسسات الصحيةquot; التي عقدت صباح اليوم حول موضوعي الأخطاء الطبية، وحقوق المرضى وأخلاقيات العمل في القطاع الصحي.

وفي الجلسة التي أدارها الدكتور راشد الراجح الشريف عضو اللجنة الرئاسية في مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني واصل المشاركون والمشاركات إبداء الرأي حول الإشكاليات التي تتعلق بالقطاع الصحي .

أخطاء طبية أم صحافية؟

بلغت القضايا حول الأخطاء الطبية أكثر من 850 قضية، ولم يحدد عددها في القطاع الحكومي، ونسبة المدانين من الأطباء غير السعوديين 86% وهذا مؤشر وشهادة لكفاية أطبائنا، وهذا يستدعي تحديد آليات التعاقد مع الأطباء غير السعوديين. وتقوية وتفعيل المحاسبة القانونية وحقوق الطبيب والمريض والمنشأة، ومن بين المداخلات في هذا الشأن قالت الإعلامية نورة سعد الحويتي: quot;أدانت وزارة الصحة أخطاء الصحافة في الأسبوع الماضي لا الأخطاء الطبية، وطالبت باحترام الأمانة الإعلامية، وطالبت بإلقاء الضوء حول أخطاء القطاع الصحي. وأن نصل إلى نقطة اتفاق إلى أن الصحافة ستنشر وتتابع أي خطا طبي.quot;

وجاءت المداخلات التالية لتركز على الأخطاء الطبية، وتوصيل الخدمات للمناطق النائية، وتطوير الخدمات الصحية، ومنها: د. عبدالله بن زامل الدريس وقال quot;كلما قوينا من الجودة وتطبيقاتها كلما قلت الأخطاء التي تحدث في القطاعات الصحيةquot;. د. حسن أحمد الشريف أوضح أن الخطأ ينتشر بشكل واسع مما تسبب في خوف من المستشفى من قبل المرضى قبل الدخول إلى المستشفى، ولا يوجد توافق بين الجزاء والخطأ، فالخطأ يكون فادحا والعقوبة يمكن تلافيها بسهولة، ولابد من إنشاء محاكم متخصصة في المجال الطبي، ما زلنا ننتظر وجود أنظمة تعطي المتضرر التعويض الذي يعطي الطمأنينة. أما د. مريم معتوق فطالبت بتوصيل الخدمة الصحية إلى المناطق النائية، ووضع برامج صحية متطورة وتوفر الخدمات لكل مواطن.

د. مفلح القحطاني رأى أن الخطأ الطبي ليس حصرًا على الممارس الصحي، بل ينبغي إضافة الخطأ الاقتصادي، في تحويل المرضى أو توفير الإمكانات اللازمة للقطاع الصحي، وهذا من الأخطاء الإدارية ايضًا التي يمكن تلافيها. كما ان استغلال حاجة المرضى في القطاع الخاص وإلزام المريض بتوفير قيمة العلاج ويحدث هذا أيضًا في بعض المستشفيات الحكومية. وأطالب بوجود مراقب صحي في كل منشأة طبية لمتابعة الحقوق الطبية وحقوق المرضى. تساءلت التربوية سميحة أحمد آل صمع quot;باي ذنب يقتل الناس في المستشفياتquot;، وطالبت بإنشاء محكمة خاصة بالأخطاء الطبية، تضم متخصصين وقضاة في المجال الطبي. أما د. هدى بخاري فرأت أن الأخطاء الطبية تنتج من كثرة المراجعة، ووجود ضغط على المستشفيات والطوارئ مما يصعب متابعة المريض بشكل جيد.

وتناولت الآراء الأخرى مسألة العلاقة بين الثقافة الطبية والثقافة الحقوقية، كما تعرضت إلى وضع قوانين وأنظمة تحمي جميع أطراف العملية الصحية. كما اشارت إلى قصور في فهم الحقوق الصحية، والتمكين من المعلومة والمعرفة ورفع مستوى الثقافة الطبية.

وطرحت د. سامية محمد العمودي جملة من الأفكار التي تنتقد الجهل بالإذن الطبي الذي يمنح للمرأة لإجراء العمليات الجراحية، كما انتقدت الجهل بالثقافة الصحية، وتحدث د. امجد عن التعامل الإعلامي مع الأخطاء الطبية، ورأى ان علاقة الإعلام بالصحة هي علاقة خوف، واستغلال للرأي العام الذي اصبح غير مهيأ نفسيا لمواجهة الإشكاليات الطبية وهذا يعود إلى عدم وجود متخصص. وقال: يجب ان تكون هناك اتفاقية مع وزارة الإعلام والثقافة لإيجاد متخصصين في الصحافة الطبية. وطالب بوجود استراتيجية واضحة لتعامل الإعلام مع الأخطاء الطبية.

وتحدثت د. حصة آل الشيخ عن حقوق المريض، التي لا تعتبر حالة مرضية مؤقتة، وطالبت بالعناية بشريحة الأطفال، والحاجة ماسة إلى الحصول على متابعتهم طبيا، والفحص الدوري الشامل لهذه الشريحة.

وبالنسبة للأخطاء الطبية هناك تحيز واضح للمجموعات الطبية حيث لا تصل الإدانة لهم سوى 10% فقط من القضايا المرفوعة. ورأت د. صباح ابو زنادة أن هناك أخطاء لممارسين غير أطباء اولا نحن بشر ونحن خطاؤون، لكن نريد نظما للتقليل منها، علما أن الأخطاء الطبية تنتج عن عدم وجود نظم في القطاعات الصحية. واشارت إلى عدم توفر الإمكانيات والموارد، وعدم تطبيق معايير أخلاقية في المهنة، وكذلك فإن الممارسين الصحيين جهلة بحقوق المريض، والجهل ببيئة العمل.

وطالب د. عدنان البار رئيس المجلس العلمي لطب الأسرة بالهيئة السعودية للتخصصات الطبية، بإنشاء اقسام بكليات الطب لأخلاقيات الممارسة الطبية، وسوف نتأكد من جاهزية المنشأة لتطبيق ذلك، ونحتاج إلى ميثاق لأخلاقيات الإعلام الصحي.

أما د. فاتن خورشيد من كلية الطب في جامعة الملك عبدالعزيز: طالبت بنظام ملزم وعقاب صارم للأخطاء الطبية والتي تكون أكثر في المستشفيات الخاصة، وأشارت إلى عملية الأخطاء الطبية في الإسعافات التي تتعلق بحوادث السير، كما طالبت بتأهيل الكوادر الطبية في مجال التمريض.

مراجعة الأحكام الطبية:

من جهتهم أكد مسؤولو وزارة الصحة الحاضرين في اللقاء أن هناك محاكم مشكلة في وزارة الصحة لمناقشة ومتابعة الإجراءات الخاصة بالأخطاء الطبية، وأن وزارة الصحة تحترم الأحكام، وأن وزير العدل اشار إلى وجود مراجعة للأحكام الطبية، وركز عقيل الغامدي وخالد المرغلاني على متابعة الإعلام للأخطاء الطبية، وأكدا على أن الأخطاء الطبية مشكلة عالمية، وقد قدرت الأخطاء الطبية ب 11% حول العالم، وهي نسبة تتعلق بأعداد المرضى المنومين، وquot;لدينا في المملكة 1500 حالة وصلت للأحوال الشرعية في العام الماضي، وهذه التفاصيل كلها لدينا. ونعد بأننا سنكون شفافين، فعلاً هناك فشل في النظام الصحي، لكن سوف نهتم بمعايير الجودة ونحن جادون في إصلاح النظام، وبسبب زيادة العمليات وتعقيد الأجهزة تأتي الأخطاء وسوف تقوم الوزارة بإنشاء برامج للتطويرquot;. وأكدت الوزارة quot;بالنسبة للإعلام لسنا ضد النشر، لكننا ضد التهويل والإثارة التي تؤدي إلى رسم صورة سوداء للقطاع الطبي في بلادنا. وبالنسبة إلى حقوق المريض أنشأت الوزارة قسم علاقات المرضى، ولدينا لجنة للمحاسبة لمتابعة أداء كل طبيبquot;.

وتقوم الوزارة بالادعاء على المخطئ، وبخصوص الإجراءات التي يجري العمل فيها تتمثل بإلزام جميع المنشآت السعودية بمعايير الجودة، والتعليم الطبي المستمر للكوادر الصحية والتدريب على المهارات الإكلينيكية، وتطبيق برنامج لقياس الأداء ومؤشراته، واعتماد أساليب العلاج المتعارف عليها، واستحداث لجان الجودة والمعايير الصحية في وزارة الصحة. والاستمرار في عمل الندوات وورش العمل لرفع المستوى الصحي للعاملين في المجال الصحي.

وكانت الجلسة التي سبقتها ناقشت محورين وهما: quot;مستوى جودة الخدمات في القطاع الصحيquot; وquot;التوزيع الجغرافي للخدمات الصحيةquot;. وقد ركزت المداخلات على الاهتمام بموضوع معايير الجودة، وأن يتم تحسين الخدمات الصحية في كل المجالات، وأن يكون هناك توازن في إنشاء المستشفيات والمراكز الصحية في مختلف مناطق المملكة، كما طالب المشاركون والمشاركات بإنشاء مجلس أعلى للصحة، والاهتمام بالتدريب والإدارة والمراكز المتخصصة.

جانب من مداخلات المشاركين والمشاركات:

د. نادية حسين بندقجي لاحظت أنه لا توجد مراكز متخصصة لجراحة اليد، أو الحوادث أو الحروق، ومستشفيات متخصصة لليد، والخدمات بطيئة، والمواعيد والإسعافات مضطربة، والمستشفيات الخاصة تهدف للربح على حساب الجودة، والحوادث الأخيرة في جدة تدل على ذلك. الشيخ محمد بن عثمان الزهراني اقترح وجود لجنة صحية في كل منطقة تتبع لأمير المنطقة لرفع مستوى الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين.

مي الخنيزي دعت إلى إيجاد معايير للجودة والاهتمام بالمراكز الصحية التي تشكل اللبنة الأولى التي تقوم عليها المستشفيات. د. بهية عبدالحميد قالت أن هناك إيجابيات عن الجودة مثل: المجلس الأعلى لاعتماد الرعاية الصحية، وهناك ما يوحي بالتفتيش أكثر من الوقاية. وتسألت هل نحن فعلا مؤهلون لتطبيق هذه المعايير أم لا؟ هل لا زلنا ندير بالأرقام بدلاً من النوعية والجودة، وهناك تغيير سريع للقيادات، واختيار الشخص غير المناسب في المكان غير المناسب؟ ولاحظت انعدام وجود بعض الوظائف الضرورية في المستشفيات خاصة في مجال التدريب، إضافة إلى أن الموارد مركزة في الرياض وجدة فقط، ويجب العناية بمراكز الرعاية الصحية الأولية.

أما الشيخ محمد بن صالح المحمود قال نحن نسير ونهدف إلى النجاح. ودعا إلى صياغة قانون أو تشريع يتعلق بمجال الطب، معتبرًا أن القانون مهم وضروري في حياتنا كلها. كما دعا إلى إنشاء مجلس أعلى للصحة.

رحمة سعيد بحير اقترحت الكثير من البرامج التي تقدم في مجال الصحة المدرسية، وسألت كيف نخطو خطوات الجودة في كل شيء؟ ومن أجل هذا الوطن كل إنسان سيقدم الانتماء والعمل والجهد. وأكد د. خالد العنزي على أن التطور الزمني شيء مهم، والجودة نظام عالمي يحتاج إلى ميزانية وإلى قيادات متدربة.

وتحدث في الجلسة الأولى معظم المشاركين والمشاركات حيث خصصت ثلاث دقائق لكل مداخلة، حيث تحدثت د. عالية المعجل عن تطوير الأبحاث الصحية، ووضع أنظمة وقوانين وإجراءات تشريعية لمن يتخلى عن معايير الجودة، ودعا د. هادي بن مهدي آل راكه إلى تبني برنامج لرفع مستوى الجودة، فيما دعت د. صباح أبو زنادة إلى أن يكون التمريض على مستوى البكالوريوس.

ورأى د.جابر القحطاني أن هناك خططًا ومخصصات مالية صحية، لكن هذا لم يلمسه المواطن على أرض الواقع حتى الآن. وطالب بإعداد كوادر طبية مؤهلة. وقد أعدت وزارة الصحة بحسب مداخلة د. محمد بن حمزة خشيم وبعض ممثليها في اللقاء، مشروعًا وطنيًا للرعاية المتكاملة، وقد بدأته بدراسة شفافة ابرزت سلبيات النظام الصحي في المملكة قبل إيجابياته ووضعت حلولا لهذه السلبيات، وقد طلبت الوزارة من المركز أن تقوم بتقديم هذه الخطة للمشاركين، ويوجد في هذا المشروع الكثير من النقاط والتحليل بكل شفافية ووضوح.

وبالنسبة إلى الجودة فإن هذا الموضوع أصبح منتشرًا في كل أنحاء العالم، والطب يزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم، التداخلات الطبية خطرة، والأدوية خطرة، والمواطن ارتفع سقف توقعاته، ويمثل كل ذلك تحديًا كبيرًا. الوزارة تقوم الآن بإلزام جميع مستشفيات الوزارة بتقديم معايير الجودة.

وبالنسبة إلى موضوع التوزيع الجغرافي فإن القياس المتعارف عليه هو عدد الأسرة على نسبة السكان، لكن هناك خدمات ثانوية عامة صحية، وهناك تقرير يبين توزيع الأسرة إقليميا، ووزارة الصحة توزع الأسرة في المدن الكبرى حوالى سرير ونصف لكل ألف من السكان، وهذه نسبة متدنية مقابل المدن النائية.