الرياض: خلال شهر واحد فقط تناولت الصحف المحلية السعودية أكثر من ثمانية أخبار عن اعتداءات جنائية على موظفين يعملون في القطاعات الحكوميّة، ما يُعتبر بحسب مراقبين مؤشرًا خطرًا لكل من يعمل في القطاعات الخدمية، ويحفز على طلب تعديل أنظمة الأجهزة الخدمية، وسط تساؤلات حول دور البيروقراطية في الموضوع.

غالبًا ما يتم التصريح بعد وقوع مثل هذه الحوادث بأن من أقدم على تلك الجناية هو مختل أو مريض نفسيًّا، لكن تساؤلات تقول إن من المستحيل أن تكون الأغلبية ضمن ذلك التصنيف كون مثل هذه الجرائم قد انتشرت بصورة واسعة في معظم القطاعات الخدمية quot;الحكوميةquot;, ولعل المشاهد والمتابع للحراك في الشارع السعودي يلاحظ أن قطاعي التعليم والبلديات كانا الأكثر استهدافًا لمنسوبيه, بينما قطاع الصحة هو الأقل مقارنة بغيره. إلا أن موضوع اعتداء مدير الشؤون الصحية في منطقة القصيم (وسط السعودية) ونجله على أحد حراس الأمن بمستشفى الملك سعود يفتح بابًا آخر في استغلال المهنة لإيذاء المرؤوسين.

quot;خذ حقك بيدك quot;
من هذا المنظور يقول الأستاذ عارف المسعد مدير التعليم السابق بمنطقة الجوف،إنّ سبب هذه الاعتداءات مرتبطة بالجميع وليس لأحد تبرئة أحد على حساب آخر، بل إنّ السلوكيات هي من تحدد هذه الأسباب والعلاقة. فحينما يتجاوز الموظف أو المراجع حدوده في كلامه وتصرفاته، فإن ذلك قد يثير الآخر ولعل الموظف هو من يقوم بالإثارة غالبًا لمتلقي الخدمة دون مراعاة لشخصيته الإنسانية أو من حيث طلب المستحيل منه أحيانًا وإدخاله في دوامة البحث ما بين الموظف والموظف الآخر، مما يخلق إثارة ربما تكون نتيجتها جناية. وهذا غالبًا ما يمسّ مراجعي وطالبي الخدمات من قبل البلديات التي تمس بصورة كبيرة كافة شرائح المجتمع.

أما عن قطاع التعليم فيقول المشرف التربوي السابق الأستاذ علي العبدالله أن الاعتداءات الجنائية التي تتلقاها المدارس السعودية هي في الأول والأخير قضايا سوء سلوك من قبل الطلاب والطالبات والذين يحتاجون إلى معاملة جيدة ومراعية لسنهم وظروفهم. وعن اعتداءات أولياء الأمور على مدراء المدارس والمعلمين والمعلمات أوضح العبدالله أن أولياء الأمور يتم شحنهم من قبل أبنائهم دون فهم أساسيات المعاملة مع المدرسة التي تظل غائبة عن ثقافات التعامل والتواصل بينهما.

المشكلة تكمن في الإدارة !!
وعن مدى القصور في الأنظمة وهل ينتج كل تلك الجنايات، قال عارف المسعد إنه لا يوجد أي قصور في النظام، فهو معلن، وليس هو كذلك من يحل المشاكل بل إن الإدارة هي القضية الكبرى التي تساهم في حل كل المشاكل. وأضاف أن النظام هدفه تبيين سير العمل وآلياته التي تضع الجميع في صورة واحدة، لكن لا يمكن للنظام أن يغنينا عن المدير. واتفق المشرف التربوي العبدالله على ما قاله الأستاذ عارف المسعد واستشهد بقضية تعدي أحد الطلبة في إحدى المدارس بالمنطقة الجنوبية من السعودية على سيارات معلّميه وسيارة والده الذي قدم إلى المدرسة، وفقًا لاستدعاء من مديرها الذي عمل بالنظام واستدعى ولي الأمر لمناقشته عن تغيب ابنه. فما كان من الأب إلا أن قام بالتلفظ على ابنه على مرأى ومسمع معلميه، مما جعل الابن يخرج من المدرسة ليهطل على سيارات معلميه ووالده وابل من الرصاص. وقال بأن فهم الواقع هو محرك أساسي لعملية التعليم ويرى أن من الأولى التفاهم مع الطالب دون الحاجة إلى ولي الأمر في البداية وبعدها تتمّ مكالمته دون استدعائه.

المرض النفسي quot;شماعةquot; للقتل والترويع ..
غالبًا ما يتعامل الإعلام على أن من يقوم بمثل هذه الجنايات هم من المرضى النفسيين أو المختلين عقليًا، فهل يتجاوز أذى المريض النفسي إلى أن يقوم بذلك ؟

قالت الأخصائية النفسية وردة المسعود أن المريض له خطره لكن ليس كل المرضى مهيئون لارتكاب الجرائم. وأوضحت بأن المرض النفسي أصبح شماعة لكافة القضايا الجنائية والقتل، وقالت الأخصائية النفسية أن المرض النفسي هو المحدد للقيام بذلك. وإنما ينقص المجتمع لدينا التعامل بكل أريحية مع المريض النفسي وألا نشعره بأنه مريض لأن ذلك يزيده غضبًا، لكن لا يمكن أن يصل إلى درجة الاعتداء الجنائي إلا نادرًا. واستغربت المسعود أن العديد من الجهات الإعلامية تتهم المريض النفسي بذلك مع انه يصل إلى درجة إدراك وفهم بالأمور أكثر من الأصحاء أنفسهم إلا في حالات مرضية نفسية قليلة.

الخصخصة هي الحل ..
يقول مدير التعليم السابق بمنطقة الجوف أن للخصخصة منظور قاطع يجعل صلاحيات المدير قريبة وميسورة لدى الكل, وتجعل المسؤول قريبًا من قضيته ويجعل حلها بطريقة quot;أصحquot;, وأضاف أن كل ذلك لن يتأتى إلا في امتلاك المواطن للوعي من ناحية حقه القانوني من الجهات المختصة والوعي السلوكي لتعامله مع الآخر، ووعي الإدارات بقدرتها على حل المشاكل. إضافة إلى أنها تساهم بصورة كبيرة في توفير مخصصات المال العام وتزيد من الإنتاجية وفق ما يحتاج إليه سوق الخدمات.

الموظف عدو مديره... أيضًا...
من الأخبار التي ما زالت تتداول حاليًّا في الصحف السعودية ولم تنتهِ قضيتها بعد، هي قضية اعتداء مدير الشؤون الصحية في منطقة القصيم على أحد حرّاس الأمن في مستشفى الملك خالد بالقصيم، بعد أن منع حارس الأمن أخا مدير الشؤون الصحية من الدخول إلى إسكان المستشفى دون تسجيل بياناته مما دعا بالأخير أن يقوم بضربه بحذائه, مما دعا بحارس الأمن إلى تقديم شكوى لدى الجهات القضائية للنظر في موضوعه. في الوقت الذي لا يزال العديد من أعيان القصيم يواصلون شفاعاتهم لإسقاط القضية في ظل إصرار حارس الأمن على موقفه.


أبرز أحداث الاعتداءات على موظفي القطاعات الحكومية في العام 2010:
*إمام وخطيب جامع بالقصيم يعتدي بالضرب على مراقب بلدية
*معلم ومدير مدرسةيتعرضان للضرب من طالب ووالده بالرياض
*مريض نفسيّ يهاجم مديرة مدرسة بـ quot;ساطورquot; في المدينة المنورة
*مواطن يعتدي على رئيس بلدية ضمد أثناء إزالة تعديات بلدية بمنطقة جازان
*فشل 20 طلقة نارية في إحراق سيارة موظف حكومي في أبها
*سعودي يطعن موظف جمارك بجسر الملك فهد الذي يربط بلده بمملكة البحرين.
*الاعتداء على رئيس بلدية القريات (شمال السعودية) في مكتبه بالضرب.