في الوقت الذي احتفل فيه الإسرائيليون الثلاثاء باستقلال إسرائيل، أحيا الفلسطينيون في إسرائيل اليوم الذكرى الثانية والستين لنكبة فلسطين، بمسيرة تقليدية إلى إحدى القرى المهجرة. وقد شارك أكثر من عشرة آلاف فلسطيني من الداخل في مسيرة العودة إلى قرية مسكة، التي هجر أهلها في نيسان من العام 48، وذلك في مسعى للتأكيد على حق العودة للاجئين الفلسطينيين.

الناصرة: كان لافتًا أن شبانًا فلسطينيين رفعوا خلال المسيرة من مدينة الطيرة في المثلث إلى قرية مسكة، الأعلام التركية إلى جانب العلم الفلسطيني، ولافتات تحمل أسماء أكثر من 400 قرية فلسطينية تم تهجير أهلها وتدميرها في العام 1948.

وأجمع المشاركون في المسيرة اليوم على ضرورة تأكيد حق العودة وعدم التنازل عنه بأي شكل من الأشكال، معتبرين أنه لا يمكن تحقيق سلام عادل في المنطقة دون عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم. وقال الناطق بلسان جمعية المحافظة على المهجرين واللاجئين في الداخل المهندس سليمان الفحماوي لـquot;يلافquot;، إن هذه المسيرة التقليدية التي دأبت الجمعية على تنظيمها سنويًا منذ 13 عامًا تهدف إلى تثبيت حق اللاجئين الفلسطينيين وبضمنهم اللاجئين في الداخل الذين يعتبرهم القانون الإسرائيلي quot;غائبينquot; وقام بسن قانون أباح للدولة العبرية مصادرة أراضيهم وهدم بيوتهم وقراهم.

وجاءت مسيرة العودة إلى مسكة اليوم، لتشكل أول تحدٍ جماعي من الفلسطينيين في الداخل للقانون الإسرائيلي الذي أقر مؤخرًا ويهدف إلى منع الفلسطينيين في الداخل من إحياء ذكرى النكبة. وقد اختارت لجنة المتابعة العليا لشؤون العرب في إسرائيل وجمعية المحافظة على حقوق اللاجئين والمهجرين أن تكون مسيرة هذا العام إلى قرية مسكة، القريبة من الساحل الفلسطيني غرب مدينة طولكرم، وتحدها من الشمال مدينة الطيرة، ومن الجنوب قرية كفر سابا المهجرة، ومن الغرب قرية الحرم (سيدنا علي) المهجرة. وترتفع قرية مسكة عن سطح البحر حوالى 50 مترًا، وكانت تابعة لقضاء طولكرم، أقرب المدن الفلسطينية إليها.

وبلغت مساحة أراضي القرية 8076 دونمًا، إضافة إلى 5882 دونمًا كانت تعرف بـغابة مسكة، بينما بلغ عدد سكانها في العام 1922 حوالى 440 نسمة، ارتفع في العام 1945 الى 880 نسمة، وفي العام 1948 إلى 1021 نسمة. وشردت القرية في 18 نيسان (ابريل) من العام 1948 عقب شن حرب نفسية رهيبة ضد سكانها، وتهديدهم بتنفيذ مجزرة مشابهة لمجزرة دير ياسين. وقد خرج آخر شيخين منها في مثل هذا اليوم بالضبط قبل 62 عامًا، وتشتت أبناء القرية في أصقاع الأرض.

سعد الدين شبيطة: قالوا لنا إما الرحيل وإما مصير دير ياسين

وقال سعد الدين شبيطة ، وهو من سكان مسكة الأصلية، في حديث مع إيلاف: إنه ذكرياته لمسكة تعود عندما كان طفلاً في الخامسة من العمر، وفي إحدى الليالي ، وبينما كان رجال القرية المنخرطون في الثورة، يشاركون في العمليات القتالية التي كانت على جبهة الطيرة، جاءنا ضباط من الوحدات العراقية وقالوا لنا إن القرية خالية من الرجال والمقاتلين، وإن اليهود يعتزمون مهاجمتها ولا يوجد من يدافع على القرية، خصوصًا أنه شرع اليهود بإطلاق النيران باتجاه القرية، وبعد أيام وجدت نفسي وأهلي، وكان عمري خمس سنوات وقد انتقلنا إلى قرية الطيرة الواقعة شرقي بلدتنا مسكة.

ويتذكر سعد الدين شبيطة أن القيادات العراقية وحتى المحلية كانت تقول للسكان إنه لا يمكن الدفاع عن القرية وحمايتها والمعارك تدور إلى الشرق منها بينما هي محاطة ببلدات ومستوطنات يهودية. قالوا لنا يومه إن أحدًا لا يستطيع حماية القرية، وأننا أحرار في التصرف واتخاذ القرار ثم عرضوا علينا الانتقال إلى الطيرة لحين انتهاء المعارك، لكننا منذ ذلك الوقت لم نعد إلى مسكة.

محمد زيدان: لن نلتزم بالقوانين الجائرة

وأكد رئيس لجنة المتابعة العليا لشؤون العرب في إسرائيل محمد زيدان خلال المهرجان الخطابي على quot;حق العودة الطبيعي والشرعي للعودة إلى أراضينا والى قرانا المهجرة حيث أن هذا الحضور الجماهيري الكبير يؤكد قوة قضيتنا بأننا أصحاب حق وان قضيتنا عادلة بالرغم من كل الوسائل والقوانين العنصرية التي تحاول المؤسسة الإسرائيلية من خلالها كسر إرادتنا وتهجرينا وإلغاء حقنا بالعودة الى قرانا المهجرةquot;.

وأعلن زيدان quot;إننا لن نلتزم ونرفض كل القوانين العنصرية الظالمة التي تحاول المؤسسة الإسرائيلية فرضها علينا من خلال سياسة هدم البيوت وترحيلنا عن أراضينا، إن رسالتنا واضحة وقوية للمؤسسة الإسرائيلية بأن نضالنا سيبقى حتى عودة اخر لاجئ وهو أبسط الحقوق للجماهير العربيةquot;.

من جهته، قال عضو الكنيست جمال زحالقة ( التجمع الوطني الديمقراطي) إن على الفلسطينيين أن يكشفوا للعالم أن هذه الذكرى ليست ذكرى استقلال إسرائيل، فهذه خدعة لأن قيام إسرائيل هو مشروع استعماري عنصري قام على تشريد أهل البلاد الأصليين وسرقة أراضيهم وممتلكاتهم بقوة السلاح.