نجوميّة كلينغ والأزمة الإقتصاديّة حديث الشارع البريطاني

لندن: مثلما توقعت quot;إيلافquot;، يجد زعيم الليبراليين الديمقراطيين البريطانيين، نِك كليغ، نفسه تحت ضغوط هائلة تأتي بمثابة ردة الفعل على أدائه المتميز في المناظرة التلفزيونية الأولى بين زعماء الأحزاب الرئيسية الثلاثة. وهي المناظرة التي قلب بها موازين المعطيات السياسية في البلاد، إذ رفع شعبية حزبه من مركزه الثالث البعيد (20 في المائة حتى موعد المناظرة) الى المرتبة الأولى (33 نقطة مئوية بعدها) مطيحا المحافظين الى المركز الثاني وquot;العمالquot; الى الثالث البعيد.

وكما هو الحال في بريطانيا والغرب عموما، فإن الصحافة هي التي تسلّط بقعة الضوء على أي شخص يقف وراء تطور درامي مثير مثل ذلك. وتتصدر الصحف المعارضة لسياساته أو الموالية لأحزاب أخرى الهجوم عليه عادة. فقد سرت في الأوصال رعشة قوية بعدما عُلم في وقت متأخر مساء الأربعاء أن صحيفة quot;ديلي تلغرافquot;، الموالية للمحافظين، ستخرج (وهو ما حدث) باتهام لزعيم الليبراليين، بأنه quot;ملطخ أيضاquot; بفضيحة مالية.

وقالت quot;تلغرافquot; إنها حصلت على وثائق تثبت أن نِك كليغ كان يتسلم من متبرعين لحزبه دفعات أقصاها 250 جنيها (حوالي 390 دولارا) في كل شهر خلال العام 2006 (قبل تسلمه الزعامة في 2007). لكن الصحيفة زعمت أن كل تلك التبرعات دفعت الى حسابه المصرفي الخاص وليس الى خزانة الحزب نفسه. ومضت الى حد تسمية المتبرعين الثلاثة بالاسم وكلهم مدراء شركات كبيرة. وقد أقر هؤلاء جميعا بأنهم قدموا تلك التبرعات فعلا.

وسارع كريغ هاندس، وزير الخزانة في حكومة الظل لدى المحافظين، الى القول: quot;يتعين على كليغ الآن إبراز ما يبرئ ساحته من هذه المزاعم الخطيرة. وباعتباره الزعيم الذي أثار أسئلة حول فضيحة النفقات البرلمانية خلال المناظرة التلفزيونية، فهو يترك الآن تلك الأسئلة بلا إجاباتquot;.

ومن ناحيته وصف اليستر غراهام، رئيس quot;لجنة معايير الحياة العامةquot;، المسألة بأنها quot;خارجة على النظامquot;. ويذكر هنا أن البرلمانيين يحرصون على فصل حساباتهم الخاصة بشكل كامل عن الحزبية منعا لأي لبس ودرءا للشكوك. وقال غراهام: quot;بالنظر الى أن كليغ ترك الانطباع بأنه فوق الشك بعد تفجر فضيحة النفقات البرلمانية، فهو مدين الآن بإيضاح للناخبين فوق الشك أيضا. من الطبيعي أن يتوقع المرء أن تذهب التبرعات الى خزائن الأحزاب مباشرة. والمخرج الوحيد الآن هو أن تنظر هيئة مستقلة في الأمر للتحقق منهquot;.

ومن جهته صرح الزعيم المتهم لـquot;تلغرافquot; نفسها مساء الأربعاء ولاحقا لوسائل الإعلام صباح الخميس بقوله: quot;كانت تلك تبرعات قدمت بطريقة غير ملتوية، وتم تسلمها بطريقة غير ملتوية، وأنفقت أيضا بطريقة غير ملتوية لدعم مرتبات طاقمي الحزبي. لم يذهب بنس واحد من هذه الأموال الى جيبي الخاص، وأي إيحاء بغير ذلك لا يجد له أي أساس من الصحة. سأثبت كل هذا بالوثائق في الأيام القليلة المقبلةquot;.

ومصداقا لهذا القول، ذكرت تقارير إعلامية الخميس أن كليغ أعلن في وقتها تلقيه تلك التبرعات في السجل الرسمي لمجلس العموم، وأن ترتيب إيداعها في حسابه الخاص تغيرت بعد تسلمه زعامة الحزب في العام 2007 بحيث صارت خزانة الليبراليين تتلقاها مباشرة.

ويذكر أن quot;تلغرافquot; ليست الوحيدة التي سعت للضغط على كليغ. فقد ورد تقرير صحافي على صحيفة quot;ديلي ميلquot;، الموالية للمحافظين أيضا، الخميس زعم أنه قال عبر صحيفة quot;غارديانquot; في العام 2002 إن البريطانيين quot;يخفون أنهم أسوأ سجلا من الألمان خلال الحرب العالمية الثانيةquot;.

وادعت الصحيفة أنه قال وقتها إن البريطانيين quot;يعانون من إحساس زائف بالعظمة، ولا يعجبهم أن الألمان نهضوا من رماد الحرب ليصبحوا أمة أكثر ازدهارا منّا. علينا مواجهة الحقائق وقبول حجمنا الحقيقي والتخلي عن التشبث بالماضي وبأننا قوة متفوقة، لأن الأمر ليس كذلك على الإطلاقquot;. وردا على هذا قال زعيم الليبراليين متهكما: quot;في أسبوع واحد صرت ونستون تشيرتشل ثم نازيّاًquot;.