إقرأ أيضا

واشنطن كشفت عن تحويلات مالية لوزير بحريني
أنباء عن تورّط سيّدة كويتيّة في شبكة إيرانيّة في المنامة

الكويت تفكّك شبكة تجسس إيرانيَّة

إيران: محطات رصد الزلازل تستخدم في التجسس

بالرغم من الإلحاح الصحافي الشديد للحصول على معلومات رسميَّة حول شبكة التجسّس التي تمّ تفكيكها في الكويت، إلا أنَّ أجهزة الأمن الكويتيَّة وكذلك المصادر الرسميَّةالتي حاولت quot;إيلافquot; الاتصال بها حافظت إلى الآن على تكتّمها الشديد على المعلومات عن الخليَّة التي يتداول على صعيد غير رسميّ بأنها تتبع مباشرة للحرس الثوري الإيراني. المعطى الوحيد الذي استجدّ هو دخول البرلمان الكويتي على خط التحقيقات مطالبًا الحكومة بالشفافيَّة وبإصدار بيان يوضح ملابسات القضيَّة، بينما تتّجه الأنظار إلى فحص العلاقة بين شبكة التجسّس وقضيَّة تبييض الأموال التي تمّالكشف عنها في المنامة.

الكويت: تتفادى الجهات الرسمية الكويتية إماطة اللثام عن المعلومات المرتبطة بخليَّة التجسس التي أمسكت بها أجهزة الاستخبارات العسكرية الكويتية قبل أيام وباشرت في التحقيق معها، باستثناء بيان مقتضب نفت فيه وزارة الداخليَّة أيّ علم بموضوع الشبكة الإيرانيَّة التي يتداول على صعيد غير رسميّ أنَّها تابعة للحرس الثوري الإيراني (الباسداران).

وعلمت إيلاف أنَّ السريّة التي تحيط بالتحقيقات فعل متعمّدة ويهدف إلىإبقاء القضيَّة بعيدة عن التداول الإعلاميّ، تفاديا للتضارب والمبالغة وبغرض تجنيب الداخل الكويتي الانعكاسات السلبيَّة، كون التحقيقات لا تزال تجري تباعا مع أشخاص يشتبه بانضمامهم إلى الخليَّة.

خيط بحريني؟
في سياق آخر، ترددت معلومات في العاصمة الكويتية عن احتمال أن تكون شبكة التجسس مرتبطة بعملية تبييض الأموال الضخمة التي تمّ الكشف عنها الشهر الماضي في العاصمة البحرينية المنامة، والتي ثبت تورط الوزير البحريني منصور بن رجب فيها، حيث قيل إنه على علاقة بالحرس الثوري الإيراني المستفيد الأكبر من عملية تبييض الأموال. وقد أعفي الوزير من منصبه لاحقا.

كما أظهرت التحقيقات في قضيَّة المنامة تورط سيدة أعمال كويتية أخلي سبيلها لاحقا بضمان محل إقامتها، ومنعها من السفر. وتفيد المعطيات بأن التحقيقات التي أجرتها سلطات المنامة، وإطلعت عليها الكويت الشهر الماضي قد أنتجت معلومات أمنية حساسة في إتجاهات أخرى تشمل مسألة الخلايا التجسسية والإرهابية النائمة في دول الخليج، إلا أن أي معلومات تتعلق بهذه القضية، أو قضية الخلية الإيرانية تحتاج الى أدلة رسمية قد يصار الى الإعلان عنها في الفترة المقبلة.

مجلس الأمَّة يتدخّل
وفي اليوم الثاني لإنتشار خبر خلية التجسس، دخل البرلمان الكويتي على خط التحقيقات، وطالب رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي اليوم من الحكومة الكويتية أن تصدر بيانا يتضمن توضيحات ومعلومات كافية تحدّ من التخمينات والمبالغات والشائعات.
وبيّن أنه لا يمكنه التعليق السياسي على مجرد معلومات لم تؤكدها الحكومة، منوهًا بحسن العلاقة مع إيران.

وأعرب الخرافي عن أمله بألا يكون لطهران أو أي دولة أخرى أي صلة بقضيَّة شبكة التجسس، لأنَّ ذلك سيؤثر سلبًا على علاقة الكويت مع تلك الدول. ولفت إلى أنَّ نفي وزارة الخارجية الايرانية لما نشر إعلاميا حول الشبكة المذكورة سيكون محل تقدير، إذا ما أثبتت التحقيقات بأن المعلومات الصحافية المثارة ليست صحيحة. وحول مطالبة عدد من النواب بعقد جلسة خاصة لمناقشة هذا الامر، قال الخرافي quot;لم اتسلم اي طلب نيابي بهذا الخصوصquot;.

رأس جبل الجليد
وفيما لم تستبعد جهات كويتيَّة أن تكون المعلومات المتداولة حتّى الساعة عن خلية التجسس قد تضمنت مبالغات إعلاميَّة،
تفيد المعلومات بأنَّ الإعترافات الواردة كشفت عن تورّط أفراد إضافيين، بينهم منسّق تنظيمي يحمل الجنسية اللبنانية، من دون الجزم عما إذا كان اللبناني المشار إليه لا يزال مقيما في الكويت. وبالإضافة إليه، تضمّ الشبكة أعضاء من اليمن وإيران وجنسيات أخرى.

من هم الباسداران؟
الحرس الثوري الإسلامي هو نتاج الثورة الإيرانية عام 1979، لقد أنشأه آية الله الخميني بغرض حماية نظام الحكومة الإيرانية الجديدة الإسلامي. وقد تطور منذ ذلك الحين إلى أن أصبح يمثل القوة الرئيسة السياسية والعسكرية والاقتصادية في إيران. ومن المعتقد أن لهذه القوة علاقات وثيقة مع كبار القواد، ولكن لديها فصائلها الخاصة والتي يدين بعضها بالولاء للرئيس محمود أحمدي نجاد - وهو من المحاربين القدماء في الحرس.
وقد أسهم الحرس الثوري الإيراني (الباسداران) في إدخال حوالي 125.000 رجل في القوات الإيرانية في السنوات الأخيرة، كما أن لديه قدرات كبيرة في خوض الحروب غير التقليدية وتنفيذ العمليات السرية.
وهذا يشمل قوة (القدس) وغيرها من العناصر التي تعمل سرا أو علنا في الخارج مع حزب الله في لبنان، والمليشيات الشيعية في العراق والشيعة في أفغانستان.
الجدير بالذكر أن الحرس الثوري الإيراني يستخدم معظم صواريخ إيران أرض-أرض ويعتقد أنه يتحكم في نشر الأسلحة النووية، ومعظم أو جميع الأسلحة الأخرى الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية.
كجزء من فيلق حرس الثورة الإسلامية، فإن ما يقرب من 2.000 موظف في فرع الاستخبارات يعد قوة سياسية كبيرة. ووفقا لبعض المصادر، فإن طاعتهم وولاءهم للنظام أمر غير مشكوك به.
وتتمثل المهمة الرئيسة لفرع الاستخبارات في جمع المعلومات في العالم الإسلامي. أما فيما يتعلق بالأمن الداخلي فيستهدف القبض على أعداء الثورة الإسلامية, ويشارك أيضا في تمثيل الادعاء في محاكماتهم.
وبالإضافة إلى ذلك، يعمل فرع الاستخبارات بالتنسيق مع فيلق (القدس) التابع للحرس الثوري الإيراني الذي يعمل أيضا في الخفاء خارج إيران.

تمضي أطراف الى اعتبار ما تسرب عن التحقيقات المحاطة بالسرية والكتمان بأنه ليس سوى قمة جبل الجليد، في ظل معلومات - لم يتم التثبت منها حتى الآن - عن تورط محتمل لرجال أعمال وأفراد عسكريين في أجهزة أمنية كويتية جنّدتهم الشبكةليقدموامعلومات وأسرارا بصفة دورية، كانت تنقل أولا بأول الى قيادة جهاز الحرس الثوري الإيراني المعروف بإسم (باسداران).

مواقف حكوميّة
وبعد تصريحات الخرافي عبر الناطق الرسمي بإسم الحكومة الوزير محمد البصيري عبر بيان مقتضب quot;عن الاسف ازاء التعامل الاعلامي مع مسألة تتعلق بأمن الدولة بما تناولته من تفاصيل وامور لا تتسم بالدقة ونسبتها الى مصدر مسؤولquot;، مؤكدا انه quot;لم يصدر عن اي جهة او مصدر مسؤول اي تصريح او بيان في هذا الشأنquot;. وقال الوزير البصيري في تصريح لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان الاجهزة الامنية تمارس واجباتها ومهامها بصورة يومية معتادة في اطار احكام القوانين السارية، وما تستوجبه مقتضيات المصلحة الوطنية، كما تقوم باحالة اي قضايا تنطوي على مساس بأمن الدولة واستقرارها الى القضاء وذلك بعد استكمال كل اركانها وادلتها وكافة الجوانب المتعلقة بها، إلا أن الوزير الكويتي البصيري لم ينف صراحة أصل القضية المتمثل في إلقاء القبض على شبكة تجسس إيرانية، وهو ما أبقى جذوة الشائعات والتسريبات والمبالغات مشتعلة حتى ساعة إعداد هذا التقرير.

وفي المواقف البرلمانية أيضا فقد صوب أكثر من نائب كويتي على السعي الإيراني لإختراق الكويت أمنيا إذ أكد النائب فيصل المسلم بأن مخاوفه صدقت حين حذر أكثر من مرة بوجود رغبة إيرانية بإختراق وإستهداف الأمن والإستقرار في الكويت، مطالبا الحكومة الكويتية بإصدار بيان شامل حول ظروف وملابسات القضية، حتى لا يضطر أعضاء مجلس الأمة الكويتي الى تفعيل أدواتهم الدستورية للدفاع عن الأمن الكويتي، ومطالبة الحكومة بعقد جلسة خاصة للنظر في الإختراقات الأمنية الموجهة الى الكويت.

من جهته قال النائب الكويتي محمد هايف المطيري أن الحكومة باتت ملزمة بسحب السفير الكويتي من العاصمة الإيرانية، وطرد السفير الإيراني من الكويت، وقطع العلاقات الدبلوماسية، ووقف جميع أشكال التعاون الثنائي بين الكويت وطهران بسبب القضية الأخيرة التي تظهر رغبة إيرانية في إختراق الأمن الكويتي، والسيطرة على الساحة السياسية.

وحتى الآن فإن أجهزة الأمن الكويتية بقيت وفية لتكتمها الشديد برغم الإلحاح الصحافي الشديد لمعرفة تفاصيل إضافية، منذ أن إنفردت جريدة (القبس) الكويتية بنشر معلومات مقتضبة جدا في عددها الصادر أمس، إذ أصبح الخبر هو الحدث الكويتي الأبرز، إلا أنه بدا واضحا بأن شرارة المعلومات الأمنية كانت قد قدحتها الإستخبارات العسكرية في الجيش الكويتي، الذي طلب من جهاز أمن الدولة الكويتي مساعدته في التحقيق، والمداهمة، والتعقب، للإيقاع بالشبكة التي يتردد بأنه لها ذيول خليجية يجري التثبت منها أمنيا، قبل أن يتم تفعيل التنسيق الأمني داخل المنظومة الخليجية، درءا لشبكات نائمة قد تكون باشرت عملها في دول خليجية أخرى.

وبالرغم من أنَّ وزارة الخارجية الإيرانية كانت قد دخلت على الخط أمس بشكل مثير للجدل، لتنفي صلة الحرس الثوري الإيراني بالقضية المشار إليها في الكويت، فقد أبدت مصادر كويتية إستغرابها من التسرع الإيراني في الرد على معلومات صحافية لم تسلك كويتيا أي مسار سياسي بعد، وأن المعالجة للقضية لا تزال ذات طبيعة أمنية قد تحسم خلال الساعات القليلة المقبلة.

يذكر أنَّ الكويت سعت خلال العقدين الماضيين إلى إقامة أحسن العلاقات مع إيران، بصرف النظر عن الحرب الصامتة التي دارت رحاها خلال عقد الثمانينات من القرن الفائت حين ناصرت الكويت علنا الرئيس العراقي السابق صدام حسين في حربه ضد إيران، بل أن الكويت دعمت العراق ماديا طيلة سنوات الحرب، وقدمت له تسهيلات لوجيستية، وهو ما دفع الإستخبارات الإيرانية الى إستهداف الكويت بالعديد من الهجمات الإرهابية التي طالت في العام 1985 أمير دولة الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح عبر محاولة تفجير سيارته، وكذلك إختطفت إيران طائرة كويتية، ونفذت سلسلة من التفجيرات الإرهابية في مقاه شعبية.

وتتجنّب السلطات في الكويت التسرّع في استخلاص النتائج، بينما تفيد المعطيات التي تداولتها بعض الصحف بأنَّ حصيلة التحقيقات الجارية مع عدد من أعضاء شبكة التجسّس الذين تمّ القاء القبض عليهم قبل نحو أسبوع، قد تحتاج إلى بضعة أيّام قبل الإعلان عنها.

وكانت صحف عربيَّة نقلت اعترافات لأبرز المتورطين في شبكة التجسس تفيد بأنه يقود المجموعة داخل الكويت وينظم عملها وينسق بين أفرادها، لكنه في التراتبية الإستخبارية يتبع ضابط إرتباط في الحرس الثوري الإيراني، ويقيم لهم إجتماعات دورية في مدن مشهد وأصفهان الإيرانية. تعقيبًاعلى ذلك، علمت إيلاف أنَّ أفراد الشبكة كانوا يتوجهون بإنتظام الى إيران تحت ذرائع السياحة والعبادة والإستشفاء والتجارة، إذ كان ضابط الإرتباط الإيراني يطلب بشكل متكرر من أفراد الشبكة الحصول على معلومات عسكرية سرية، وكذلك أنواع العتاد العسكري الكويتي، وأسماء كبار الضباط في الجيش الكويتي، أيضا حجم التنسيق العسكري بين الكويت والولايات المتحدو. كما كان يحاول تجنيد أكبر عدد ممكن من العسكريين الكويتيين وإغراء من يرفض الانضمام بمبالغ ماليَّة ضخمة.

وتواصل الأجهزة الأمنيَّة الكويتيَّة البحث عن أفراد ذكرت هوياتهم في التحقيقات، إلا أنهم خارج قبضتها، وسط مخاوف من أن يكونوا قد تسربوا الى إيران بطرق وهويات سرية، للإفلات من التحقيقات، وكي يبقى المنتج الأمني من التحقيقات الحالية هشا بلا أدلة كافية، وهو ما قد يفسر صمت الأجهزة الرسمية الكويتية حتى الآن.

وتشير التحقيقات المتسربة إلى أن جهاز الحرس الثوري الإيراني كان يطلب بإستمرار خرائط كويتية سرية توضح عناوين كبار المسؤولين العسكريين والأمنيين الكويتيين، وكذلك طلب تقارير يومية عن وضعية الجبهة الداخلية الكويتية، وأحدث الإنقسامات فيها على المستوى الوطني، ومحاولة إستمالة كتاب أعمدة وصحافيين لمعرفة أدق المعلومات الداخلية منهم.

ووفقًا للمعلومات التي أتيحت لـ إيلاف، فإن الأجهزة الأمنية الكويتية قد حصلت على إعترافات من أفراد الشبكة تشير الى أنهم قد حصلوا على تعليمات مباشرة من قائدهم الميداني بتنفيذ إعتداءات وهجمات متفق عليها سابقا ضد مصالح كويتية وأجنبية في حال وجهت الولايات المتحدة الأميركية أو إسرائيل ضربة لإيران خلال الأشهر المقبلة، إذ إعترف أفراد الخلية بأن قائمة الأهداف كانت ستشمل هجمات وإغتيالات، والتركيز على مهاجمة أكبر قدر ممكن من المصالح الأميركية في الكويت، إذ أن أفراد الخلية كانوا يستعدون لتسلم قائمة جديدة من الأهداف أعدت في مكاتب الحرس الثوري الإيراني في طهران.